19-أكتوبر-2018

كونراد ماركا ريلي/ أمريكا

تدخلنا الذاكرة من خرم إبرة إلى العزلة العميقة، وتتركنا نتلمس ارتدادات الصدى.

أذكر أننا فتحنا للبركان أفواهًا ما انغلقت، لفحتنا نيرانها، أودت بنا إلى الجحيم، وكلّ منا صار إله جحيمه.

وفيما أذكر أيضًا أنّ يافا كانت تجمع ماء الأمطار، تضعه في زجاجات ملونة، زرقاء، خضراء، حمراء، صفراء، وردية.. وتتركها على نافذتها المفتوحة على حقل ممتد من عبّاد شمس لا نهاية له، تقف وسط غرفتها لتعانق انعكاسات الضوء، وتدور معها لتصير بيضاء بيضاء..

هذا ما كان يحميها من الحزن الذي يخلّفه دمار الانتظار.

انتظار اشعار الرسائل، الذي تحوّل لوحش غريب لا يشبهه كائن من كائنات الغابة، ولا يلتقي مع أي مخلوق ابتكره صنّاع سينما الرعب.

يعيش معها وينهش منها كل ليلة ليكتفي ولا يكتفي، يكبر حد الانفجار، ثم يتحول كل جزء من أجزائه إلى كائن آخر يشبهه ويتفوق عليه في التوحش. يعتاش على أحلامها وترقبها المريض لصوت " الماسنجر".

وكل ليل تدخل معه في حرب جهنمية، يتعاركان حتى يهدها الحزن، وهنا يعلن الوحش سيادته وينصب رايته على كامل روحها.

في صباح هادئ كوجه المدينة في يوم أحد ما، حزمت همومها واستلمت الطريق السريع للموت، كان الضجيج يطغى على كل الأصوات، ولم تنتبه للصوت الذي راهنت بكل شيء على انتظاره، جاءت الرسالة من فردوس الحرب لتخبرها.. كانت الرسالة مرفقة بصورة، صناديق صغيرة فيها بعض الخضار الطازجة.. والحبق: "أجل لقد قطفنا محصول هذا الموسم. هكذا قاومنا الحصار، زرعت أحلامنا معًا في الحديقة الخلفية للحرب. وكان كل العشاق مثلي، يلقون بضحكاتهم التي احتفظنا بها من زمن الألفة، في وجه اليأس، والموت فتزهر وتثمر وتكبر حتى يتراجع الموت ويلوي عنقه خائبًا مبتئسًا. والآن.. الآن فقط تمكنت من الحصول على طريقة للتواصل معكِ".

 

اقرأ/ي أيضًا:

الرسالة: أتعبنا الموت

هو البياض