03-أبريل-2020

جاسيك يركا/ بولندا

ماذا حلّ بالحداثة يا ولدي؟

يقولون إنها أضحت في مأزق وجودي كبير

يقف الشبح الصغير المحتال ضاحكًا من بارودة الجندي في مشهد عبثي لطيف

مؤلم في الحالتين

الشبح الصغير يحقق انتصاراته دون عناء يذكر

يجلس مرتاح البال يلتقط الضحايا في كل مكان

يحاصر المحاصرين

لا أحد في هذا العالم يستطيع التعامل معه

حادّ شرس لا يهادن الأطباء ولا السياسيين

لا يعرف الهدنة مع صغير أو كبير

مع غني أو فقير

مع المشاهير والمغبونين

هذا الصغير الجليل يوحد العالم على طريقته الجنونية هذه

يا له من عبقريّ!

هذا الشبح الصغير يا ولدي غيّر وجه العالم المتحضر

كشف الأوراق

عرّى الغرف السرية

أرجعنا ألفي سنة على الأقل حيث كنا عاجزين وجاهلين وسذّجًا

ماذا تقول الحداثة الآن أيتها الطبيعة؟

أظن أن هذا السؤال الآن صار معضلة فلسفية كبرى

الكل مهيأ ليموت اليوم أو غدًا أو بعد غد على الأكثر

الشبح الصغير المتجبر أفسد وجه العالم

يا له من متمرد جبار

رغم كل شيء يخرج من بين الجدران ويحتل الرئة

يمنع الاقتصاد من التنفس

ويشل السوق السوداء

ويحطم برميل النفط ومسكوكات الذهب الأصفر

ينعش قرصنة الأدوات الطبية وأجهزة التنفس والشرائح والكمامات.

أرأيتم كيف انقلب العالم إلى كائن بدائي

يقف على رجلين من خشب ويسائل كانت وهيغل وهايدغر ونيتشه؟ ويصرخ شاحبًا:

"أين هم أنبياؤك أيها العالم الحر الحضاري الجديد؟

ماذا صنعوا بنا وبك وبأنفسهم؟

خدعونا إذ تركوا الشبح الصغير يسبح في رئات الخلق دون حساب"

لا يتحمل الله تبعات الغباء العالميّ

لماذا ينقذ العالم... ليعودوا إلى مص الدماء؟

وحدها الحداثة تتحمل بؤس الحداثة

ووحدهم أنبياء السوق الكاذبين هم من جعلونا فرائس هذا الكائن المجنون

لا شيء يفلح في رده إلى نقطة الصفر أو المربع الأول

وحدنا عاجزين نرحّب بالشبح الصغير ليدخل أجسادنا

ويكتب نهاية كل حداثة زائفة تأكل الإنسان لحما وترميه عظاما باليةْ!

فكر معي يا ولدي...

حتما "هذا الوقت سيمضي" ويكون للعالم وجه آخر.

 

اقرأ/ي أيضًا:

رُدّني إلى لغتي

وللكتابة أشواكها