تسبب قيام فريق "تطوعي" سوري بطلاء جدار أحد الفروع الأمنية العائدة إلى نظام الأسد المخلوع، في إثارة موجة كبيرة من الانتقادات في الأوساط السورية، حيث رأى نشطاء وصحفيون وحقوقيون بالحادثة طمسًا للأدلة.
ونشر فريق "سواعد الخير" مقطع فيديو يوثق قيام فتيات وشبان متطوعين بالفريق بالدخول إلى أحد سجون النظام السابق، وطلاء جدرانه باللون الأبيض وخط عبارات داخل أحد الزنازين، وعند مراجعة صفحة الفريق يلاحظ أنه نشطت بعد بضعة أيام من سقوط النظام السابق على الرغم من أن الصفحة منشأة منذ عام 2015.
مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان في حديثه لـ"الترا صوت": عادة يكون مرتكبو الانتهاكات حريصين على طمس الأدلة ويدفعوا إلى أشخاص أموالًا لطمس هذه الأدلة، ولذلك أغلب دول العالم تجرّم العبث في مسارح الجريمة
وقال مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان، فضل عبد الغني، في حديثه لـ"الترا صوت" "مبدأيًا، نحن نحقق في الحادثة لمعرفة مكانها، ولكن إذا صحت الحادثة أنها في مكان احتجاز، فهي عبث في مسرح جريمة".
وعبر عبد الغني في تصريحه لـ "الترا صوت" عن خشيته أن يكون هذا العبث مقصود، فعادة "يكون مرتكبو الانتهاكات حريصين على طمس الأدلة ويدفعوا إلى أشخاص أموالًا لطمس هذه الأدلة، ولذلك أغلب دول العالم تجرّم العبث في مسارح الجريمة وهناك عقوبات قد تكون من بضعة أشهر إلى سنوات وربما دفع غرامات مالية أو الاثنين معا لردع المعتدين على هذه الأماكن".
وأشار إلى أن الشبكة السورية لحقوق الإنسان، أصدرت في الفترة التي بدأت فيها عمليات فتح السجون خلال العملية الأخيرة التي أدت إلى إسقاط النظام، بيانًا ضم توصيات حوكمية من أجل إدارة السجون، وللأسف لم يتم الأخذ بهذه التوصيات، لافتًا أنهم أصدروا بيانًا أيضًا يضم توصيات بعد مشاهدة العبث في الوثائق داخل سجون النظام السابق.
مدير رابطة معتقلي سجن صيدنايا في حديثه لـ"الترا صوت": أحمل مسؤولية العبث في السجون إلى الإدارة السورية الجديدة
بدوره أكد مدير رابطة معتقلي سجن صيدنايا، دياب سرية، على أن "العمل ينم عن عدم مسؤولية وعن جهل، هذا إذا أخذنا أنه تم بغير سوء نية". وحمل سرية في تصريحه لـ"الترا صوت"، مسؤولية العبث في السجون إلى الإدارة السورية الجديدة، وقال: "أطلقنا عدة نداءات للإدارة بحماية هذه الأماكن، وقبل ذلك حدث شيء مشابه في سجن صيدنايا، حيث كان هناك استباحة للسجن وسرقت وثائق منه، وسرقت حواسيب".
وشدد على أنه من الضروري أن يكون هناك "وعي لدى السوريين، يتعلق بالأماكن التي حدث فيها انتهاكات ضد الإنسانية وجرائم، ولابد من حمايتها".
وأضاف دياب سرية في حديثه لـ"الترا صوت": "ربما تكون السلطات الجديدة ليس لديها نية لحمايتها، أو لا تمتلك القدرة على ذلك، ويجب أن تغلق الأماكن في الوقت المناسب" وعبر إن إدانته طلاء السجون باسم الرابطة التي يرأسها "رابطة معتقلي سجن صيدنايا".
وفي مواقع التواصل الاجتماعي، حصلت الحادثة على اهتمام كبير من قبل السوريين، وكتبت المحامي السوري المعتصم الكيلاني في منشور على فيسبوك مرفق بفيديو الحادثة، "هذه الجريمة لا تقتصر على محو الأدلة المادية مثل الوثائق أو البقايا، بل تمتد إلى محو الذكريات والشهادات التي تحملها تلك الأماكن، مما يُسهم في طمس الحقيقة ومنع العالم من رؤية حجم المعاناة التي وقعت".
وتساءل: "كيف يُسمح لأولئك المتورطين أو المتواطئين بالدخول إلى مواقع السجون والمعتقلات، والعبث بما تبقى من معالمها؟ إن محو هذه الآثار ليس مجرد محاولة لإخفاء الجريمة، بل هو اعتداء آخر على الضحايا".
حملة دهان و تغيير معالم الأفرع الأمنية !!!
أسئلة كثيرة حول هذا النشاط؟
من هو يزن فويتي؟
هل ما يجري قانونياً هو طمس أدلة على جرائم الأسد؟!
طيب لنفترض جدلاً انه لا يعتبر طمس الأدلة ، هو بالتأكيد طمس ومحاولة محو معالم حقبة إجرامية أسدية وإزالتها من الذاكرة السورية كشواهد مهمة عن… pic.twitter.com/LZShEoRvfR— Rola Hidar 🦋 (@Rola_Hidar) January 14, 2025
كما طرحت الإعلامية السورية رولا حيدر عددًا من الأسئلة عن الواقعة في تغريدة لها بمنصة "إكس" وقالت: "أسئلة كثيرة حول هذا النشاط؟ من هو يزن فويتي؟ هل ما يجري قانونيًا هو طمس الأدلة على جرائم الأسد؟! هل آتي ذلك بالتنسيق مع السلطات؟ لماذا هل الآن هو وقتها؟ السؤال الأهم هل هي خطوة بريئة أم وراء الأكمة ما وراءها!".
وعند البحث عن يزن فويتي، الذي ظهر في فيديو الحادثة، تبين أنه عمل كمذيع في "الفضائية السورية"، ويقوم بنشر مقاطع مصورة على حساباته في مواقع التواصل الاجتماعي، وسبق أن فاز بالعام 2023 بمسابقة بالمشاركة مع مجلس الأعمال الروسي- السوري، ووزارة الإعلام السورية والسفارة السورية في موسكو، وفقا لـ "الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون".
يذكر أن مئات المقاطع المصورة التي خرجت من السجون السورية عقب سقوط نظام الأسد في 8 كانون الأول/ديسمبر 2024، أظهرت تعاملًا غير مسؤول مع الوثائق والأدلة التي تركها ضباط وقادة النظام المخلوع خلفهم، ما تسبب بموجة انتقادات ومطالبات بحفظها من قبل المراكز الحقوقية والنشطاء.