02-مارس-2017

خلال نيله جائزة "منتدى العلاقات العربية الدولية" في قطر

غيب الموت أمس الأربعاء المترجم والتشكيلي السوري عبد القادر عبداللي، في مدينة "أضنة" التركية، أثناء تواجده في إحدى مستشفياتها للعلاج من مرض "السرطان"، مخلفًا إرثًا ثقافيُا مهمًا بعد أن عمل خلال مسيرته على نقل عشرات الكتب من اللغة التركية إلى العربية، معرفًا القارئ العربي بأهم الكتاب والمثقفين الأتراك.

تعود علاقة عبد اللي مع الأدب التركي لسبعينيات القرن الماضي 

تعود علاقة عبد القادر عبد اللي مع الأدب التركي لسبعينيات القرن الماضي، عندما تخرج من قسم "فنون المسرح والمشهد" من جامعة "المعمار سنان" في مدينة إسطنبول، حاصلًا على شهادة ماجستير في الرسوم المتحركة، وعند عودته إلى سوريا عمل على نقل الأعمال الأدبية التركية إلى العربية، التي كانت بداياتها بنشر مجموعة من القصص القصيرة التركية في صحيفة "إدلب الخضراء" سنة 1985.

اقرأ/ ي أيضًا: أنطولوجيا القصة السورية في تركيا

في عام 1989 بدأ عبد القادر عبداللي بتقديم الكاتب التركي الساخر عزيز نيسين، للقارئ العربي مترجمًا عمله الشهير "زوبك"، الذي صدرت طبعته العربية عن دار "الأهالي" بـ15 ألف نسخة، وكانت هذه الرواية أولى الأعمال المترجمة لنيسين إلى العربية، وقام بعدها شيخ المخرجين السوريين هيثم حقي، بتحويلها إلى مسلسل تلفزيوني حمل اسم "الدغري".

لذا لم يكن غريبًا أن يقترن اسم عبد القادر عبداللي بأسماء كتاب أتراك كثر من بينهم أورهان باموك، الذي عمل على ترجمة أعماله الروائية منذ تسعينيات القرن الماضي مع دار "المدى"، أي قبل فترة طويلة من حصوله على جائزة "نوبل" للآداب، أو حتى أسماء ثانية مثل يشار كمال، وأورهان يشار، وفقير بايقورت، لينتقل مع مطلع الألفية الجديدة للعمل على ترجمة الأعمال الدرامية التركية، وذلك ليقينه بأهمية نقل ثقافة دول الجوار للقارئ العربي.

عمل عبد القادر عبداللي الدؤوب على نقل الأعمال للعربية، جعله من الأشخاص الموثوقين الذين يمكن استشارتهم بالشأن التركي أيًا كانت فروعه، حتى أنه عمل في عام 2005 على وضع مشروع دستور سوري يشابه نظيره التركي، إلا أنه "بقي حبيس الأدراج"، وفق حوار صحفي نشر مع الراحل في موقع "العربي الجديد" قبل شهر  واحد.

وعبر صفحاتهم الشخصية على موقع "فيسبوك"، نعى عديد المثقفين المترجم والتشكيلي، عبد القادر عبداللي"، حيثُ كتب الكاتب وائل سواح: "عبد القادر عبدللي. رجل استثنائي بكل المعايير. مفكر ومبدع ومترجم نادر. ولكنه إلى ذلك صديق جميل ونبيل.. لم يؤذ في حياته أحدًا ولم يجمع بشر في أيامنا كما أجمعوا عليه. رحمة الله عليك أبو خيرو. كسرت بخاطرنا جميعًا. ولا عزاء لنا إلا بتذكر أفضالك علينا".

عبد القادر عبد اللي: "ما يوجعني اليوم، أن مرض السرطان أبعدني عن الكتابة والعمل"

وكتب الروائي هيثم حسين عبر صفحته الشخصية عن عبد القادر عبداللي قائلًا: "بات رثاء الأصدقاء والمبدعين والأقرباء في حالتنا السوريّة طقسًا يوميًّا ثابتًا داميًا. أرجو الرحمة لروح الكاتب والمترجم المبدع عبد القادر عبداللي الذي قدّم الكثير من الإبداعات الأدبيّة والفنّيّة، وظلّ محافظًا على نقاء روحه في واقع مشوّه، كما أرجو الصبر والمواساة لذويه وأصدقائه. إنّه أحد الكبار القلائل الذين كنت أحرص على أن أتابع ما يكتب ويترجم باستمرار".

اقرأ/ ي أيضًا: حقي صوتشين: هناك من يربط العربية بالدين فقط

كذلك كتب الكاتب ياسين الحاج الصالح: "رحل عبد القادر عبداللي وهو على أعتاب الستين، قتله السرطان والمنفى، تعرفت عليه متأخرًا جدًا، قبل عام فقط: رجل كريم، ودود، طيب المعشر، قدير في الترجمة عن التركية وفي الإحاطة بالشأن التركي، وسديد الموقف الأخلاقي والسياسي. ليتني لم أتعرف عليك يا عبد القادر". 

قبل وفاته بشهر واحد قال عبد القادر عبداللي في الحوار عينه مع "العربي الجديد"، إن أكثر ما يؤلمه عرقلة المرض لعمله في الكتابة، ومنه نقتبس: "ما يوجعني اليوم، أن مرض "السرطان" أبعدني عن الكتابة والعمل، وأحاول أن أتغلّب عليه بأية طريقة، لأستكمل ما هو مؤجل وموضوع على جدول الترجمة والرسم، لأني إن ظلمت أحدًا في حياتي، فهو التشكيل، اختصاصي الأول الذي أحب وشغلتني عنه الصحافة والأدب".

يبدو أن المرض أراد أن ينهي مسيرة الراحل عبد القادر عبداللي الذي شغلته الكتابة عن التشكيل، فكانت أعماله المترجمة محط انتظار القارئ العربي، بعد أن وَثّق بكافة ترجماته التي اشتغل عليها، والتي نال بسببها منذ فترة جائزة "منتدى العلاقات العربية الدولية" في دولة قطر، كما خصه الروائي التركي أورهان باموك، بترجمة أعماله حصريًا لدار "الشروق" المصرية.

 

اقرأ/ ي أيضًا:

أورهان باموق.. من مطبخ الكتابة

"حوارات لقرن جديد".. الروايات وأسرارها