21-أبريل-2017

تيريزا ماي خلال إحدى مُؤتمرات حزب المحافظين (ماثيو هوروود/ Getty)

تحت عنوان "رؤية تيريزا ماي لبريطانيا.. تحت المجهر"، نشرت مجلة الايكونوميست على موقعها، مقالًا تحليليًّا عن تيريزا ماي كلاعب أساسي على الساحة السياسية البريطانية والأوروبية والعالمية.

وفي الافتتاحية يضع المقال اليد على أكبر إمكانيات تيريزا ماي للوصول إلى السلطة، فيقول: "قبل صاعقة إعلانها إجراء انتخابات عامة، كان معظم البريطانيين يحسنون الظن بها، و بأنها سوف تفي بوعودها بشفافية ونزاهة، ولكن الميزة الأهم في تيريزا ماي التي جعلتها تصبح رئيسة للوزراء، هي قدرتها على توحيد الفريقين؛ أي من كانوا مع أو ضد البريكست، بعد استقالة ديفيد كاميرون التي أعقبت الاستفتاء. وكان مؤهل تيريزا ماي الأعظم، أنها اتخذت موقفًا فاترًا، فلا هي مُنحت موهبة تشرتشل في الاسترضاء، ولا قدرة تاتشر على توحيد المتنازعين".

كانت الميزة الأهم في تيريزا ماي هي قدرتها على توحيد الفريقين، أي من كانوا مع أو ضد البريكست

وقال المقال إنه كان من الأجدى بتيريزا ماي "توخي الحذر والحيطة من النجاح غير الساحق الذي حصلت عليه، والذي أثبت أن هناك 48% من الشعب البريطاني لايزالون يريدون البقاء ضمن الاتحاد الأوروبي"، مُشيرًا إلى إخلافها وعودها بعدم العودة إلى انتخابات عامة إلّا في وقتها، واصفًا المقال سعي تيريزا ماي إلى تلك الانتخابات بأنه "نوع من المخاطرة عالية التكلفة، والتي تريد بها أن يحفظ التاريخ اسمها، إن حققت غرضها من وراء هذه الانتخابات". 

اقرأ/ي أيضًا: القفزة البريطانية إلى المجهول

من جانبها نشرت صحيفة الغارديان البريطانية، لكليف لويس، مقالًا بعنوان "تيريزا ماي لا تخلف وعودها فقط.. بل تكسر ثوابتنا السياسية"، يتحدث عن الفوضى العميقة التي سقطت فيها حكومة ماي، ابتداءً من الركيزة الأساسية وهي التأمين الصحي، الذي قال عنه كليف ساخرًا بعد أن باتت ميزانيته مهددة: "إن الأمر كان واضحًا للجميع إلا السيدة رئيسة الوزراء، التي يبدو أنها لم تلحظه إلا حين أعلنته الإذاعة البريطانية".

وأشار كليف إلى أنّ المحافظين قدموا وعودًا بزيادة الإنفاق على الخدمات الصحية الوطنية كل عام، وأن التمويل لكل تلميذ في المدرسة سيزداد، غير أن الكثير من العاملين في المجال الصحي أُعلموا أنه ستكون هناك استقطاعات في المجال الصحي بقيمة 300 مليون جنيه إسترليني، بحلول عام 2021، وأن هناك صيغة تمويل جديدة ستفقد المدارس المحلية على إثرها 41 مليون جنيه إسترليني بحلول عام 2019، أي ما يعادل 1100 معلم.

وانتقد مقال الغارديان ما أسماه بـ"إساءة استخدام الانفاق الانتخابي"، وكذا النمط الذي يرى أن المحافظين يتخذونه في لعبتهم السياسية التي تجعلهم حماة للدستور طالما كانوا خارج السلطة، بينما حين وصلوا وأصبحوا جزءًا منها "استخدموا كل خدعة في الكتاب يمكنها أن تبقيهم على الكرسي، بما في ذلك إعادة كتابة القواعد من جديد"، على حد تعبيره.

و بينما صب كليف جام انتقاداته على تيريزا ماي في الغارديان ، نشرت صحيفة ديلي تليغراف مقالًا بعنوان "على تيريزا ماي أن تقنع أصحاب الشركات الصغيرة والمتوسطة أنها تصلح لمنصبها"، إذ كشفت الصحيفة، بتحليل لآلاف التعليقات على وسائل التواصل الاجتماعي قامت به شركة "إمباكت سوسيال"، أنّ الشركات الصغيرة والمتوسطة في بريطانيا، لم تُرحب بالانتخابات المبكرة.

وأشار المقال إلى أن أكثر ما يزعج أصحاب الأعمال، هي الفوضى التي قد تنتج عن تلك السياسة غير واضحة المعالم، إذ إنّ رئيسة الوزراء ذكرت مرارًا وتكرارًا في الماضي، أنه لن تكون هناك انتخابات جديدة حتى عام 2020، تماشيًا مع قانون برلمانات الأجل المحدد.

و يؤكد كاتب المقال على أن سبب نقل الغضب من قطاع الأعمال إلى المجال السياسي، هو أن تيريزا ماي رفضت إجراء لقاء متلفز يجمع بينها وبين رؤساء الأحزاب الآخرين.

إغواء اللعبة السياسية

أما صحيفة الإسبكتيتور، فقد نشرت على موقعها الإلكتروني تحليلًا لدعوة تيريزا ماي لانتخابات مبكرة، قالت فيه إنّ السبب ربما يكون رغبة ماي في زيادة أغلبية حزب المحافظين. سببٌ آخر رجحته الصحيفة وهو الشعور السائد في "داوننغ ستريت" من أنه مع دعم كل من الاستفتاء والانتخابات العامة، فإن مجلس اللوردات سيجد صعوبة في تبرير تأخير أو تعديل تشريع الخروج من الاتحاد الأوروبي، على مدى السنوات القليلة المقبلة.

أكثر ما يزعج أصحاب الأعمال، هي الفوضى الناتجة عن السياسات غير الواضحة، وهو ما تقوم به تيريزا ماي

سيكون لدى تيريزا ماي وقتًا كافيًا من موعد تعديل المادة 50 وحتى وقت الانتخابات العامة، وهذا الفارق الزمني سيجعلها قادرة على الاتفاق على التفاصيل الكاملة للعلاقة البريطانية الجديدة بالاتحاد الأوروبي، كما أنه سيبعدها عن أية مخاطر سياسية إلى حدٍّ ما ولفترة انتقالية أو ما يُمكن أن يُطلق عليه "فترة التنفيذ"، وذلك حتى عام 2022.

اقرأ/ي أيضًا: ما هي تأثيرات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي؟

ويُذكر أن المادة 50 من معاهدة الاتحاد الأوروبي، هي جزء من قانون الاتحاد الأوروبي، الذي يحدد العملية التي يمكن بها للدول الأعضاء أن تنسحب من الاتحاد الأوروبي. وقد نوقشت على نطاق واسع بعد الاستفتاء الذي أجري في المملكة المتحدة في 23 حزيران/يونيو 2016.

في النهاية تعود الصحيفة لتتفق مع بقية الصحف على أن قرار الانتخابات المبكرة هو "مخاطرة سياسية كبيرة"، وذلك بسبب اسكتلندا، ففي الانتخابات العامة السابقة ربح الحزب الإسكتلندي 56 مقعدًا من 59، لذا فإن أي أداء مماثل لهم في الانتخابات العامة القادمة ستجعل من رفض طلبهم لإجراء استفتاء آخر للانفصال مستحيلًا.

 

اقرأ/ي أيضًا: 

معركة استقلال اسكتلندا.. هواجس البريكست

هل حان دور فرنسا للخروج من الاتحاد الأوروبي؟