30-مارس-2023
getty

من المتوقع أن تقابل رئيسة تايوان رئيس مجلس النواب الأمريكي (Getty)

تشكل تايوان النقطة الأكثر توترًا وعلى نحو متزايد في العلاقة المشحونة بين الولايات المتحدة والصين. وبعد أشهر من السجال بين واشنطن وبكين حول عدد من القضايا، من بينها الدعم الصيني لروسيا في الحرب بأوكرانيا، والمنطاد الصيني الذي حلق فوق أمريكا، بالإضافة للنقاشات حول تطبيق TikTok. 

تعود تايوان لصدارة التوتر بين الصين وأمريكا، حيث تقوم رئيسة تايوان تساي إنغ-وين برحلة إلى دول أمريكا الوسطى تمر خلالها بالولايات المتحدة.

تشكل تايوان النقطة الأكثر توترًا وعلى نحو متزايد في العلاقة المشحونة بين الولايات المتحدة والصين

محطة توقف

أكدت تساي للصحافيين في المطار قبل مغادرتها تايوان، أن "الضغط الخارجي لن ينال من عزيمتنا"، وأضافت "نتحلى بالهدوء والثقة، لن نرضخ ولن نستفز". وتوقفت رئيسة تايوان في نيويورك قبل أن تستمر في رحلتها إلى أمريكا الوسطى، في جولة تهدف إلى إبراز صورة تايوان دوليًا وسط ضغوط مكثفة من بكين. ومن المقرر أن تقابل تساي خلالها رحلتها قادة غواتيمالا وبليز لتعزيز العلاقات.

أصوات من تحت الركام

التهديد برد صيني  

ومن المتوقع خلال رحلة عودتها أن تتوقف تساي في الولايات المتحدة مرةً أخرى، من أجل لقاء رئيس مجلس النواب الأمريكي كيفين مكارثي. وهو ما أثار احتجاج بكين التي توعّدت برد انتقامي.

وقال مكتب الشؤون التايوانية في بكين، أمس الأربعاء، أن "محطة تساي الأمريكية تشكل استفزازًا". وأضاف المكتب، "هذا العبور المفترض لزعيمة تايوان هو في الحقيقة استفزاز يهدف إلى نيل الاستقلال بالاعتماد على الولايات المتحدة".

getty

تحذير أمريكي

ردت الولايات المتحدة على التهديدات الصينية، بتحذير بكين من أنه يجب ألا تستخدم توقف تساي في الأراضي الأمريكية "ذريعةً لتعزيز أي أنشطة عدائية حول مضيق تايوان".

وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض جون كيربي:  "لا سبب يستدعي رد فعل قاسيًا من جانبهم، توقف تساي على الأراضي الأمريكية متوافق مع العلاقة غير الرسمية القائمة منذ زمن مع تايوان، ومع سياسة الصين الواحدة التي تعتمدها الولايات المتحدة، والتي لم تتغير".

علاقات أقوى 

وأصبحت العلاقات بين الولايات المتحدة وتايوان، في الفترة الحالية أقوى من أي وقت مضى، منذ أن حولت واشنطن الاعتراف الدبلوماسي من تايبيه إلى بكين في العام 1979. ووفقًا لمسؤولين ومحللين سياسيين، فإن هذا التقارب والاتصالات على أرفع المستويات، يضع الزعيم الصيني شي جين بينغ تحت ضغط هائل.

وهو ما دفع بكين إلى تأجيل الطلب الأمريكي في وقتٍ سابقٍ من هذا الشهر، لحديث هاتفي بين  الرئيس الصيني شي والرئيس الأمريكي بايدن، في محاولة لتسوية الخلافات المستجدة مؤخرًا. 

وقال مسؤولون صينيون إن "بكين تريد الانتظار لترى كيف تسير زيارة السيدة تساي قبل الموافقة على أي مكالمة على مستوى القادة". 

وتحدث المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية وانغ وين بين، الأسبوع الماضي، قائلًا "إننا نعارض بشدة أي شكل من أشكال التفاعل الرسمي بين الولايات المتحدة وتايوان، ونعارض بشدة أي زيارة للولايات المتحدة تقوم بها مسؤولة السلطة في تايوان، بغض النظر عن المبررات أو الذرائع".

بالمقابل، ستساعد الرحلة رئيسة تايوان تساي إنغ ون على إظهار أنها وحزبها لديهم القدرة على إدارة علاقات وثيقة مع الولايات المتحدة دون إثارة رد قاسٍ من قبل بكين.

ومن شأن ذلك أن يعزز من فرص نائب رئيسة تايوان الحالي لاي تشينج-تيفي في تقوية حظوظه في الانتخابات التي ستجري في مطلع العام المقبل.

ومن المرتقب أن تغادر تساي إنغ-وين منصبها عام 2024، عقب انتهاء ولايتها الأخيرة، ما يجعل لاي تشينج-تيفي المرشح الأبرز لخوض الانتخابات الرئاسية العام المقبل عن الحزب الديمقراطي التقدمي الحاكم.

وقالت كولاس يستاكا، المتحدثة باسم تساي، "تعمل الصين على تكثيف سلوكها العدواني وهذا مصدر قلق عام"، مضيفةً "نعتقد أن أفضل رد هو تعاون أعمق مع شركائنا لحماية السلام في المنطقة وحماية قيمنا الديمقراطية المشتركة".

getty

تخفيف التوتر

في مطلع الأسبوع ، وصل رئيس تايوان السابق ما ينج جيو، رفقة وفد من الأكاديميين والطلاب الجامعيين إلى شنغهاي، في زيارة تستغرق 12 يومًا، ليصبح بذلك أول زعيم تايواني يزور الصين التي ترفض الاعتراف باستقلال الجزيرة.

ويسعى ما ينج جيو، الذي فضل توثيق العلاقات مع بكين عندما كان رئيسًا بين 2008- 2016، إلى أن تكون الزيارة محاولة لتخفيف التوترات في العلاقات بين الجانبين.

وتأتي الزيارة، في وقت تتصاعد فيه التوترات، إذ مارست بكين حملة ضغط طويلة الأمد على تايوان، وأرسلت طائرات مقاتلة عسكرية باتجاه الجزيرة بشكلٍ شبه يومي، في وقت شهدت العلاقات الخارجية لتايوان انتكاسة، وذلك بإنهاء الهندوراس اعترافها بتايوان بعد عقود من العلاقات الدبلوماسية، وإعلانها أن الجزيرة هى جزء من الصين، في خطوة فسرت على أن الهدف منها الحصول على "دعم اقتصادي صيني". 

قالت مديرة برنامج آسيا في صندوق مارشال بوني إس جلاسر: "إن رئيسة تايوان تريد إظهار أن الحزب الديمقراطي التقدمي قد قدم علاقة قوية للغاية بين الولايات المتحدة وتايوان، وبالتالي ساهم في أمن تايوان"

وقلل مكتب تساي من أهمية الزيارة، في حين أعرب مقربون من الرئيس السابق وأعضاء في الحزب القومي "الكومينتانغ" عن قلقهم من أن الجزيرة قد تنجر إلى الحرب، كجزء من التنافس بين الولايات المتحدة والصين. 

وقالت مديرة برنامج آسيا في صندوق مارشال بوني إس جلاسر: "إن رئيسة تايوان تريد إظهار أن الحزب الديمقراطي التقدمي قد قدم علاقة قوية للغاية بين الولايات المتحدة وتايوان، وبالتالي ساهم في أمن تايوان"، وذلك بحسب نيويورك تايمز.

وأشارت تايوان إلى أنها أخذت في الاعتبار مخاطر الرد العسكري من الصين، وقبل أيام من مغادرتها زارت تساي القوات العسكرية في مدينة تشيايي. وقال نائب وزير الدفاع بو هورنج هوي إن تايوان لديها خطط طوارئ لتحركات محتملة من قبل جيش بكين خلال رحلات السيدة تساي.