27-يناير-2021

تقدمت لوبان نتائج استطلاعات الرأي (Getty)

 خمسة عشرَ شهرًا هي المدة التي تفصلنا عن موعد السباق الانتخابي نحو الإيليزيه، والفرنسيون يفضلون مارين لوبان رئيسة للجمهورية. هذا ما يكشفه سبرُ آراء نشرته يومية L’Opinion الفرنسية الإثنين، 25 كانون الثاني/يناير، أتت على رأسه مرشحة اليمين المتطرف بنسبة 26 إلى 27%، متقدمة على غريمها الرئيس إمانويل ماكرون الذي حل ثانيًا بـ 23 إلى 24%.

 خمسة عشرَ شهرًا هي المدة التي تفصلنا عن موعد السباق الانتخابي نحو الإيليزيه، والفرنسيون يفضلون مارين لوبان رئيسة للجمهورية. هذا ما يكشفه سبرُ آراء نشرته يومية L’Opinion 

بالنسبة لمرشحي اليمين التقليدي، فقد حازا بالتتابع على المركز الثالث والرابع؛ كزافييه بيرتراند بـ 14%، و فاليري بيكريس بـ 13% من الأفضلية المفترضة. أما اليسار، بداية بـ "فرنسا الأبية"، التي أعلن زعيمها جان لوك ميلونشون ترشّحه الشهر الماضي، فقد جاء في المركز الخامس بـ من 10 إلى 11%. فيما جاء الحزب الاشتراكي في آخر ترتيب الاستطلاع، وهو الذي يراهن جانب منه على تكرار سيناريو  رئاسيات 2007 بتقديم وجه يذكرنا بسيغولين روايال، فيما لم تحرز مرشحته المحتملة وعمدة باريس، آن هيدالغو، سوى من 6 إلى 7% وأتت في المركز الأخير. يسبقها مرشح آخر محتمل للاشتراكي، الوزير السابق آرنو موتنبورغ، في المركز السادس بـ 9 إلى 10%. وبينهما مرشح الخضر، يانيك جادو، سابعًا بـ 7 إلى 8% من الأفضلية المفترضة.

خلال رئاسيات  2017، تقدم ماكرون في الدور الأول محرزًا 24%  من الأصوات، على لوبان التي أتت ثانيًا بـ 21.3 %، قبل أن يكتسحها في الدور الثاني بـ 66.1% من الأصوات. هذا وبعد خمس سنوات من هذه الموقعة الانتخابية، لا زال الثنائي ماكرون/لوبان يهيمن على ساحة سياسية فرنسية تغلب الضبابية على مشهدها العام، ومشحونة بحسابات ومتغيرات مردها ولاية الرئيس الحالي المثيرة للجدل، كما تأتي في ظل كارثة وبائية خلطت كل أوراق المشهد السياسي الفرنسي.

حسب استطلاع آخرَ، هذه المرّة لمجلّة Paris Match، يرى 33% من الفرنسيين بأن التجمع الوطني اليميني المتطرف هو أفضل معارض للرئيس ماكرون. غيرَ أن هذا المؤشر يحيل إلى أزمة عميقة يعاني منها الحزب، يقول مقالٌ لـ Le Monde، وتراجع لشعبيته عمّا كانت عليه في 2019. إن دلّ هذا على شيء، يضيف كاتبه، فهو يدل على أن "مارين لوبان لم تستطع الاستفادة من أزمة السترات الصفراء لتحسين موقعها في المعارضة"، مع أن العديد من مطالب الحركة "تلتقي وبرنامج التجمع الوطني". مشيرًا إلى أن "عددًا من كوادر حزب التجمع لا يرون بأن زعيمتهم قادرة على الفوز بالانتخابات القادمة"، ويبين المقال بأنه "ومع القدرة الانتخابية التي اكتسبها الحزب" بقي رهينة "لعقلية الجماعة" التي تديره بها عائلة لوبان؛ أبًا وابنته.

فيما ماكرون هو الأخرُ يفضلُ أن يكون لقاءه في الدور الثاني وجها لوجه مع مارين لوبان، بل وهو يرتّبُ أوراقه الحالية على هذا الواقع. هذا ما أوضحه سابقًا الصحفي الفرنسي ومدير موقع Orient XXI، آلان غريش، في حوار مع "ألترا صوت". يقول غريش بأن لرئيس الجمهورية الحالي "دوافع انتخابية تدفعه إلى البحث عن حصد أصوات في اليمين، ومن ثمة التحضير لمقابلة محتملة مع مارين لوبان في الدور الثاني من الانتخابات القادمة"، هذه المقابلة التي "سترغم اليسار بالمقابل على منحه أصواتهم لأنهم لا يريدون لوبان رئيسة للجمهورية، وبالتالي يضمن حظوظه في ولاية ثانية".

"لكنها لعبة خطيرة" يضيف المتحدّث، "لأن أفكار مارين لوبان المحملة بالعداء للمهاجرين والجاليات المسلمة في طريقها لتصبح رأي الأغلبية، وهذا أمر مقلق في المستقبل". فيما جزء من ضبابية المشهد الانتخابي الآن يتحمّله صعود ماكرون وحركته إلى الحكم ذات 2017، فـ"ماكرون هو ظاهرة فريدة داخل الساحة السياسية الفرنسية، فهذه أول مرة يصل فيها مسؤول سياسي، بلا حزب سياسي يقف خلفه، ليس إلى فرض نفسه فحسب بل إلى إحداث شرخ داخل النظام السياسي بأكمله: فكك اليمين من الداخل وهو الآن مشرذم إلى أقسام، فكك اليسار وقزم سطوة الحزب الاشتراكي. لقد أحدث فعلًا ساحة دمار سياسي، وهي التي منحته فرصة الفوز"، يضيف الصحفي الفرنسي.

 أزمة عويصة خلطت كل أوراق الجمهوري الفرنسي، لدرجة دفعته للتفكير بالعودة إلى لعب أحد أبرزها: ترشيح نيكولا ساركوزي

إذًا هي أزمة عويصة خلطت كل أوراق الجمهوري الفرنسي، لدرجة دفعته للتفكير بالعودة إلى لعب أحد أبرزها: ترشيح نيكولا ساركوزي. الرئيس السابق، الذي يواجهُ متابعات قضائية وتهم بالفساد المالي، حسب تقرير لموقع La Dépêche، فهو ينتظر ساعة دخوله المعترك الانتخابي من جديد. وينقلُ عن مصدرٍ من داخلِ الحزب الجمهوري، بأن تأخرَ إعلان مرشحه مرده لأن الإدارة "تنتظرُ عودة ساركوزي" بعدَ انتهاء محاكمته. ويضيف بأن "هذه المتابعات ستعرف نهايتها في الربيع القادم، ومذاك يمكن للرئيس السابق أن يعودَ لخوض السباق الانتخابي تحت لواء الحزب".