1. عشوائيات
  2. مجتمع

"ذهب أسوان".. جداريات تحوّل المدينة إلى متحف مفتوح يروي التاريخ بلغة الفن

8 أكتوبر 2025
"ذهب أسوان"
مشروع "ذهب أسوان" (Maha Gamil Art Studio)
سحر عزازي سحر عزازي

أسوان هي موطن الذهب الطبيعي وذاكرة التاريخ العريق، ومن قلب هذه المدينة التي لا تُنسى انطلقت مبادرة "ذهب أسوان" لتعيد رسم ملامحها وتوثيق تراثها وهويتها على الجدران.

المشروع الذي بدأ كفكرة بسيطة عام 2011، تحوّل اليوم إلى مبادرة وطنية تحظى بدعم رسمي وإقبال جماهيري واسع، لتجعل من أسوان متحفًا مفتوحًا يروي حكايتها بلغة الفن.

تروي الفنانة التشكيلية مها جميل، مؤسسة المبادرة، أن الفكرة بدأت بسؤال بسيط: ماذا تبقى جدران مدينة مثل أسوان، بتاريخها الغني، صامتة؟

وتضيف: "الفكرة وُلدت منذ أيام الكلية عام 2011، حيث رسمنا أول جدارية آنذاك، واستقبلها الناس بفرحة وأمل. بعدها توالت التجارب، ونفذنا أنا وزوجي الفنان التشكيلي علي عبد الفتاح عشرات الجداريات الفنية على مدار 15 عامًا، جميعها تحكي عن المدينة بتراثها وحضارتها وثقافتها ورموزها وعاداتها، إلى أن وصلنا إلى مشروع ذهب أسوان بأربع جداريات عملاقة على طريق السادات".

المشروع الذي بدأ كفكرة بسيطة عام 2011، تحوّل اليوم إلى مبادرة وطنية تحظى بدعم رسمي وإقبال جماهيري واسع، لتجعل من أسوان متحفًا مفتوحًا يروي حكايتها بلغة الفن

مشروع "ذهب أسوان"

المشروع الذي بدأ كحلم صغير، أصبح اليوم يحظى بدعم وزارة الثقافة المصرية، بعد أن تحوّل إلى مبادرة وطنية. وتوضح مها لموقع "ألترا صوت": "ما شجعني على الاستمرار هو أنني في كل مرة ننتهي فيها من جدارية، أرى الفرحة في عيون الناس، وأشعر أن المشروع لم يعد لي وحدي، بل أصبح ملك المدينة كلها".

جداريات تحكي هوية الجنوب

"ذهب أسوان" ليس مجرد لوحات على الجدران، بل مشروع فني وثقافي يحتفي بالهوية ويجسّد روح المكان والإنسان.



في وصفها للمبادرة تقول مها جميل: "ذهب أسوان… ليس فقط ما في الأرض، بل هو أيضًا في أهلها وشعبها. المشروع احتفاء بالفخر والهوية، يجمع بين الإنسان والمكان، بين التاريخ والروح، بين الفن والحرفة. يروي حكاية مدينة خالدة من خلال أربع جداريات فنية عملاقة تجسّد التاريخ والتراث والثقافة والحلم. كل جدارية نافذة تطل على جانب من روح أسوان، مرسومة بلغة الفن ومطعّمة بذهب القلوب".

الجدارية الأولى، "تاريخ من ذهب"، يقف فيها "حارس الجنوب" شامخًا وهو يقول: "ها أنا ذا، أحفظ تاريخ أجدادي لتتعلموا أن التراث ليس فقط ما يُلمس، بل ما يُلهم".

أما الجدارية الثانية، "حرف من ذهب"، فتجسّد أنامل نساء الجنوب وهنّ ينقلن الفنون والحرف عبر الأجيال، لتبقى المرأة رمزًا للإبداع والهوية.

والجدارية الثالثة، "قلوب من ذهب"، تستحضر كفاح بناة السد العالي، رجالًا "حملوا الحلم فوق أكتافهم وتحدّوا الصعاب بشغفٍ لا يعرف الانكسار."

أما الجدارية الرابعة، "أرض الذهب"، فترسم أفق المستقبل على ضفاف النيل، حيث يلتقي الماضي بالحاضر ليصنع الغد.

أهل أسوان الذهب الحقيقي

عن اختيار الاسم، تقول مها جميل: "أسوان دائمًا مرتبطة بالذهب، سواء في معادنها أو في قيمتها. نحن نرى أن تراثها وهويتها وتاريخها شيء أثمن من الذهب نفسه. لكن المقصود بالاسم هم أهلها، الذهب الحقيقي، لأنهم هم الذين صنعوا كل ذلك".

وتستعيد مها موقفًا مؤثرًا من تفاعل الجمهور، فتقول: "ذات مرة، وقفت سيدة كبيرة أمام إحدى الجداريات وقالت: (أنا شايفة نفسي هنا). هذه الكلمة ظلت محفورة بداخلي، وقتها شعرت أن الفن وصل إلى قلوب الناس."

المشروع لم يتوقف عند حدود الفن فحسب، بل بات واجهة سياحية للمدينة. تضيف مها: "هناك تعاون مع المحافظة، والسياح أصبحوا يسألون عن الجداريات ويتصورون أمامها ويوثقونها، فأصبحت بالفعل نقطة جذب سياحي وليست مجرد فن على الجدران".

الناس جزء من اللوحة

يؤكد الفنان علي عبد الفتاح، المشارك في تأسيس المبادرة، أن سر نجاح المشروع يكمن في الإنصات للناس:"السر أن نستمع إلى الناس أولًا، نعرف حكاياتهم وتراثهم وتاريخهم، نرسم وجوههم ونمزج ذلك برؤيتنا. يجب أن يشعر الناس أنهم جزء من اللوحة، لا مجرد متفرجين".

ويستعرض عبد الفتاح تجربة فريدة تمثلت في رسم جدارية على خزان مياه قديم بكورنيش النيل، قائلًا في تصريح لـ"الترا صوت": "كل الناس يرون هذا الخزان يوميًا، فقلنا: لماذا لا يتحول من مبنى خرساني إلى أيقونة فنية؟ استقر رأينا على موقع خزان المياه ليكون نموذجًا ناجحًا، وعرضنا الفكرة على الجهات المختصة للحصول على التصاريح".

ويتابع: "الجدارية التي نفذناها بعنوان (رمز النيل) تحكي عن الخير الذي يقدمه النيل. تبدأ بأيدٍ مصريةٍ تدعو، يتخللها ماء النيل القادم من السد العالي الذي يولّد الكهرباء، ثم ينساب الماء نحو خزان أسوان لتنمو الزراعة، وتنمو معها الحضارة. نفذناها بشكلٍ أسطواني بزاوية 360 درجة، بحيث تروي القصة كدائرةٍ مكتملة تُرى من أي زاوية".

يوضح أنّ اختيار العناصر جاء بعناية: فالمعبد رمزٌ للحضارة، والمزارع رمزٌ للزراعة، والعامل رمزٌ للصناعة، والطائر رمزٌ للسلام، والطفلة بالقلم تجسّد التعليم والمستقبل، بينما يجمع شعاع الشمس بين هذه العناصر جميعها في تناغمٍ بصريٍ واحد.

أما البرج نفسه، فقد بُني عام 1953 وخرج من الخدمة منذ سنوات، لكنه يقع في موقعٍ حيوي يطل على مناطق سياحية ومنتجعات وأماكن أثرية يزورها السياح باستمرار، وفي الليل يبدو شكله وكأنه "طبقٌ طائر في السماء".

حكاية مدينة على الجدران

المجتمع المحلي كان في البداية متسائلًا عن الهدف، لكن سرعان ما تحوّل إلى شريك أساسي. يقول عبد الفتاح: "كان هناك تساؤلات واعتراضات بسيطة: "ما الهدف؟" لكن بمجرد أن رأى الناس النتيجة، أصبحوا هم أنفسهم حراس الجداريات، يحافظون عليها ويفتخرون بها"، لافتًا إلى أن المشروع أصبح جزءًا من جولة أي زائر: "السياح يأتون خصيصًا للتصوير أمام الجداريات، والمدينة نفسها أصبحت أجمل وأغنى بصريًا".

من أسوان إلى باقي المحافظات

وعمّا يميز المبادرة، تعود مها للحديث قائلة: "الفرق أن ذهب أسوان ليس مجرد رسومات جميلة، بل حكايات مدينة كاملة. نحن نوثق التراث والهوية والتاريخ بلغة بصرية معاصرة"، وحول مستقبل المشروع، تؤكد: "بدأنا من أسوان، ومع تبنّي وزارة الثقافة سيكون هناك تعميم على باقي المحافظات، وكل محافظة ستعبّر عن هويتها الخاصة".

الفن حياة والتحديات لا تنتهي

أما عن التحديات، فتوضح: "التنظيم، والتمويل، والإجراءات، وغيرها من الصعوبات التي تواجه أي مشروع. لكن التحدي الأكبر هو أن نحافظ على صدق الرسالة وروح الفن؛".
وتختم: "مصر بلد صاحبة هوية نابعة من تاريخ وتراث وثقافة، وحكاياتها لا تزال تُكتب على الجدران. نريد أن نقول للعالم إن الفن ليس رفاهية، الفن حياة، والفن العام قادر على تغيير مدن كاملة، كما غيّر في أسوان".

كلمات مفتاحية
عملات رقمية

أكبر مصادرة في تاريخ بريطانيا.. "ملكة العملات المشفرة" خلف القضبان

تمكنت الشرطة من ضبط أجهزة تحتوي على 61,000 وحدة بيتكوين، في أكبر عملية مصادرة للعملات الرقمية في تاريخ المملكة المتحدة

طفل

الدنمارك تتجه لحظر وسائل التواصل الاجتماعي لمن هم دون 15 عامًا

94% من الأطفال الدنماركيين تحت سن 13 لديهم حسابات على الأقل على منصة واحدة، وأكثر من نصف الأطفال تحت سن العاشرة يستخدمون هذه المنصات بانتظام

السودانيون في مصر

تصعيد الفاشر يعيد السودانيين في مصر إلى نقطة الصفر: عودتهم مؤجلة حتى إشعار آخر

شهدت الجالية السودانية في مصر خلال الأيام الماضية موجة تفاؤل متصاعدة بعد التقدم العسكري للجيش

فرقة رولينغ ستونز (شبكات تواصل اجتماعي)
نشرة ثقافية

بيع مقتنيات نادرة لفرقة رولينغ ستونز في مزاد علني

مزاد علني لمقتنيات فرقة رولينغ ستونز

العراق
سياق متصل

الانتخابات العراقية: ارتفاع المشاركة وبدء الفرز وسط ترقب للنتائج الأولية

تتوجه الأنظار في العراق نحو الإعلان المرتقب للنتائج الأولية للانتخابات البرلمانية التي أجريت يومي الاثنين والثلاثاء

معرض كايروكوميكس (الترا صوت)
فنون

قرن من الرسوم: مهرجان "كايروكوميكس" يعيد اكتشاف جذور الإبداع المصري

مهرجان "كايروكوميكس"

مخيم النصيرات
سياق متصل

دخول الهدنة في غزة شهرها الثاني وسط تعثر الانتقال إلى المرحلة الثانية

يتواصل اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة رغم الخروقات الإسرائيلية المستمرة