15-أكتوبر-2017

مهند عرابي/ سوريا

أريد الضوء لأبقى
أريده أيضًا لأغادر
منذ البدء
سكنت الرهبة أعماقي
يوم كانت أشجار الزيتون 
على الجبال البعيدة
في المساء 
قوافل
لكن أضواء بيوت الغرباء 
جعلت من المجهول هناك
أمرًا مطمئنًا
إنني أتحدث عن ذلك 
كما لو أن أيامي كانت مظلمة
والمساءات التي أعرف كلها 
باردة 
أعرف الآن 
أن التجربة أجدى من النصيحة
وأن الوقوع بالخطأ قَيِم أكثر
من إحراز الصواب
غير أن كل شيء يعلو 
كما لو أنها النهاية 
بينما الطمأنينة تتهاوى
في أعماقي
حيث لا قيعان 
أو نهايات هناك
تحمل ولو شيئًا
من كل هذا 
العبء.

*

 

يشهد الدم والجلد القاسي 
أنني مليئة بالجراح
كيف حدث
كل هذا!
بحواف الورق أو 
بالخيوط الرفيعة
لا يهم 
لقد جرحتني الرقة لا القسوة 
والحب الذي لطالما ألفته
وهو يحيك
على أطرافي الغزل
وفي قلبي المكائد.

*

 

أنت لا تفهم نواياي
عندما أخبرك أن هذا الليل موحش
بلا حب
وأصدقاء
كيف وصلنا الى هنا
لا أحاديث 
أو حسرات
نتكلم بها
او نبكيها
أريد أن نثرثر فحسب
أن نطرح أسئلة سخيفة 
أن نخترع قصصًا مضحكة أو مبكية 
لا فرق
أن نتشاجر على أشياء لا تعنينا
تخيل!
فالفضول ليس أمرًا سيئًا بالمطلق
لقد أنقذ البشرية من الزوال أيضًا
الوقت يمضي
بينما تصبح مريبة وثقيلة
الحلول الساذجة التي أفكر بها
والتي تعقد الأمر في كل مرة
أسألك بها عن الوقت
بكثير من الامتنان.

*

 

وحيدة
لأنني لم أتعلم طريقة مُثلى 
لتكوين الصداقات،
الصداقات التي تنتهي في كل مرة
بسهولة 
حتى قبل أن تبدأ
بالحقيقة انا لا أشكو 
ولكن هذه الفكرة تلازمني
كلما جلست صامتة
والأصوات تعلو من حولي 
لطالما حاولت إسكاتها
بالغناء 
والشتائم
غير أن صوتي الراجف 
من الوحدة،
وقلة الكلام
لم يفلح يومًا
في ذلك.

*

 

لم يقفز الناس من فوق الجسور 
ليقروا بالمجازفة 
كطريقة للتغلب على الخوف
لكنهم تعاملوا بجرأة مع حيواتهم 
لقد ذهبوا للنوم باكرًا 
بقية حياتهم 
وأنجبوا العديد من الأطفال.

*

 

ليس الموت النهاية الوحيدة
وأنا أحب ذلك 
أن كل شيء سينتهي
الحب والكراهية

الشغف 
والسأم 
التضحيات 
والعتاب 
وإني وُجِدت لأبتعد
خلقني الله من تراب
ونشر الريح في كل مكان
ولست أدري
ما السوء في ذلك!

*

 

كنا نقصد الدخول باللحن 
يوم جذبتنا الأوتار 
واستغرقنا 
كثيرًا
كثيرًا
في عدّها 
حتى أضعنا مُتكأ السلالم
كنا نشبك الأصابع وندخل بالموسيقى واثقين
مم يا تُرى؟!
من كثرتها،
من سمعة الفقد الثقيلة
ربما
أتعلم؟
لم يكن يلزمني أيضًا
كي أخرج من طقس الدوران هذا 
من موسيقى فلم "العرّاب" مثلًا
من هذا الفقد الكبير الذي أدخلني بها 
إلا آخرُ أصغر منه حجمًا
كإظفر مكسور!
أفسد عليّ متعة الطلاء 
يوم هممت بِحُب يدي
بِحُبها لأول مرة.

 

اقرأ/ي أيضًا:

وحوش الرغبة التي تعجز عن افتراس فأرة الكسل

نار للنداء!