ديناصور "سبيكوميلوس آفير".. اكتشاف مثير يسائل استمرار تهريب الأحافير في المغرب
22 سبتمبر 2025
توصلت مجموعة بحث مغربية بريطانية إلى اكتشاف أحفوري "استثنائي" لديناصور مدرع في قلب الأطلس المتوسط، أُطلق عليه اسم "سبيكوميلوس آفير" (Spicomellus afer). كان يمتلك عمودًا شوكيًا بارزًا من عنقه يبلغ طوله نحو متر، وعاش قبل أكثر من 165 مليون سنة في العصر الجوراسي الوسيط قرب مدينة بولمان.
لكن الاكتشاف لم يخلُ من جانب مظلم، إذ سلط قائد فريق البحث، البروفيسور ريتشارد باتلر من جامعة برمنغهام، الضوء على قضية تهريب الأحافير في المغرب، ما يثير تساؤلات خطيرة حول استمرار تهريب الكنوز الأحفورية وغياب الرقابة الكافية على هذه الجرائم التي تستهدف الموروث الجيولوجي والآثاري للبلاد.
أوصاف جديدة توسّع المعارف
ويعد "سبيكوميلوس آفير" (Spicomellus afer) أقدم ديناصور معروف. أظهرت الحفريات أن الكائن امتلك طوقًا عظميا فريدا محاطًا بأشواك طويلة قد يصل بعضها إلى متر، تنبثق من جانبي العنق، إضافة إلى أسلحة ذيلية تطوّرت في وقت أبكر مما كان يُعتقد. كما تبين أن أشواكه كانت ملتحمة بكل أضلاعه بنمط غير مسبوق بين الفقريات، وهو ما فسّر وصف الفريق له بأنه "أغرب ديناصور في العالم".
حذر الباحث عبد السلام الخنشوفي من أن "الكنوز الأحفورية تُنهب وتُستغل بشكل غير قانوني، وتُباع في أنحاء العالم بأسعار زهيدة
وأشار عضو فريق البحث والأستاذ بجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس، عبد السلام الخنشوفي، إلى أن "هذه النتائج تغيّر جذريًا فهمنا لتطور الأنكيلوصورات، إذ لم يكن الذراع العظمي مجرد وسيلة للحماية، بل استُعمل أيضًا في سلوكيات جذب منذ المراحل الأولى لتطور المجموعة".
وأضاف في تصريح لـ"الترا صوت" أن "إلى جانب الطابع الدفاعي، تكشف هذه السمات عن تنوّع غير متوقع في الابتكارات التشريحية لدى الديناصورات العاشبة، مما يبيّن مدى إسهام الحفريات الإفريقية في توسيع معارفنا عن الديناصورات على الصعيد العالمي".
المغرب يخفي خبايا جيولوجية
وشدد الخنشوفي على أن "الاكتشافات الأخيرة تبرز أن المغرب لم يكشف بعد كل ما لديه، إذ لا يزال ترابه يخفي خبايا جيولوجية تستدعي العمل على اكتشافها والتعريف بها".
وأضاف أن "المغرب يعتبر ذاكرة التكون الجيولوجي لكوكب الأرض نظرًا لموقعه الجغرافي وخصوصيته الجيولوجية التي تضم جميع حلقات التاريخ الجيولوجي، ما يجعله يتوفر على العديد من الأحافير المهمة علميًا واقتصاديًا، ويحظى بصيت عالمي في هذا المجال".
لكن، حذر الباحث من أن "الكنوز الأحفورية تُنهب وتُستغل بشكل غير قانوني، وتُباع في أنحاء العالم بأسعار زهيدة، بينما بعضها يُصبح مشهورًا على الصعيد الدولي ويباع في مزادات علنية بأسعار باهظة، ويُعرض في متاحف دولية".
القوانين لا تكفي لحماية التراث
يرى الأستاذ الجامعي المتخصص في الجيولوجيا أن "الإطار القانوني لمكافحة الاتجار غير المشروع في الأحافير موجود بالفعل، إذ ينص القانون 33.13 الخاص بالمناجم على أن الأحافير تعتبر ملكًا للدولة وتشكل جزءًا من ثرواتها المنجمية. كما يوجد مشروع قانون 22.33 لحماية التراث، قيد المناقشة داخل البرلمان، والذي يدرج التراث الجيولوجي ضمن المكونات الأساسية للتراث الوطني".
غير أن القوانين، في نظره، "تظل غير كافية بمفردها لوقف النزيف الذي يهدد الرصيد الأحفوري المغربي، ما لم تُدعّم بجهود توعوية تستهدف الساكنة القريبة من المواقع الغنية بالأحافير، وخصوصًا أحفوريات الديناصورات. فهذه الساكنة هي الحلقة الأولى في حماية التراث، ومن الضروري إشراكها عبر حملات تحسيسية تبرز القيمة العلمية والتراثية والاقتصادية والسياحية للأحفوريات".
ويشدد المتحدث أيضًا على "أهمية تكوين الفاعلين المكلفين بتطبيق القانون، سواء تعلق الأمر بالسلطات العمومية أو العاملين في المعابر الحدودية والمطارات، حتى يمتلكوا القدرة على التمييز بين الأحافير والمواد الأخرى، ويسهموا بفعالية في التصدي لعمليات التهريب وحماية التراث الجيولوجي الوطني".