02-مارس-2020

مقطع من لوحة لـ مروة النجار/ فلسطين

لا يزال الوقت مبكرًا، مبكرًا حد المنتصف.. إنها الواحدةُ بعد الثّلاثين

المعيار الوسطي للموت هو السّتون.. الحادية والسّتون ربّما.

لكن يجب علينا أن نصحو باكرًا.. باكرًا أكثر.. أكثر مما قبل

قبل الدّيك.

 

لم اسمع ديكًا منذ عام.. عامين.. خمسة أعوام

بالفعل.. صار الدّيك علامةً مُميّزة للذّاكرة.. "مميّعة" هكذا أصحّ

لكن... لا،

لم أقم بالكتابةِ من أجل الدّيك، أو مسدّس سميث

بل من أجل خطّ المنتصف

نعم تذكّرت. الوقت لا يزال مبكّرًا.. مبكّرًا حدّ المنتصف

إنها الواحدةُ بعد الثّلاثين

ما الذي حدث طوال هذا الوقت، كلِّ هذا الوقت

تعلّمت أن أحفظ مذاق الفشل في كل الايديولوجيّات.. الفشل الدّراسي.. الاجتماعي.. المادي.. الإنساني.. العائلي.. الزّوجي!

هذا كان آخر المذاق، آن تخسر نصفك الآخر، من كان نصفك الآخر، وتجد نفسك من دون نصف.. معقول؟

أنا من دون نصف!! أنا نصف ما بقي منّي، لا مُحال، المِرآة تقول عكس ذلك طبوغرافيا الأطبّاء أوّل هذا العام في ألمانيا قالت عكس ذلك..

لديّ ألف إثبات ليقول بأنّني لست نصفًا

أنا كلّيّ، نعم كلّيّ، ولو أنّني كُلّيٌّ بأخطائي، ذنوبي، هفواتي، طيشي، ووجع أضراسي الذي حرمني، ولليوم الخامس على التوالي من النوم حيًّا.

ياللكارثة! اليوم السبت وعليّ الانتظار حتّى يوم الإثنين

وعلى اعتبار أنّ تأميني الصّحيّ لم يجهز بعد فليس من حقي الذهاب لطبيبة الأسنان الشقراء "حُكمًا" لاقتلاع ضرس العقل بالمجّان.

أيُّ مجّان؟

كلّفني الوصول لهذا الكامب 4500 يورو،

يومان آخران في مضاجعة الألم، من دون نوم.

 

نعم تذّكرت.. إنها الواحدة بعد الثّلاثين.

 

إنّ أجمل ما في هذا الاهتراء الشّبابيّ هو اهتراء معطف الذّاكرة

ذاكرتي تشبه معطف "أكاكي أكاكيفيتش" في رواية المعطف لنيكولاي غوغول،

لم تعد تحتمل أيّ تخزينٍ إضافيّ، أيّ تخريمٍ إضافيّ، صارت مليئةً بالثّقوب.

لكن أين لي هذا الكومجي الماهر والرّخيص في نفس الوقت، ليهبني ذاكرةً رخيصة، فارغة، خالية من الثّقوب والرّقع، لأحتمل ثلاثين سنةً إضافيّة من الذّاكرة.

 

اليوم تذّكرت أنّني لم أزل أذكر بعض الأصدقاء، بعثت لبعضهم رسائل: أن كلّموني فيديو سكايب أرجوكم.. لا أريد أن أنساكم.

 

اقرأ/ي أيضًا:

هُجنةُ الأشواق والكتابة

أفتح بابًا للفراغ