30-ديسمبر-2016

ماريان كامنسكي/ النمسا

عاش العالم على وقع نهار مجنون تاريخه 19 ديسمبر/كانون الأول من هذا العام السقيم 2016، بدأ اليوم هادئًا لا يشعل صخبه إلا ضجيج السوريين الغاضبين في كل أنحاء العالم على تهجير سكان مدينة حلب السورية، على يد نظام بشار الأسد وحلفائه من دول وميليشيات، لكن ما إن أذنت شمس النهار بالغروب حتى بدأ فيلم السهرة. 

لم تصف أيُّ وسيلة إعلامية الهجومَ على مركز إسلامي في زيورخ بالهجوم الإرهابي

أحداث الفيلم بدأت من العاصمة التركية أنقرة. شاب نحيل، حليق الذقن، يرتدي بزة رسمية أنيقة، يقتحم معرض للفن المعاصر بعنوان "روسيا بعيون تركية" وينتحل شخصية أحد حراس السفير الروسي في أنقرة أندريه كارلوف ليرديه قتيلًا بخمس رصاصات صارخًا "الله أكبر، سوريا، حلب، هذا حساب الظلم، نحن من عاهدنا محمدًا على الجهاد". 

اقرأ/ي أيضًا: الإرهاب.. دورة حياة المفهوم

هذا الحدث نزل على السوريين كالمطر بعد قحط طويل، دون أن يفكر أحد بانعكاسه على القضية السورية، رفع السوريون صور منفذ العملية مولود ألتنتاش على حساباتهم في فيسبوك، وصفقوا له واصفين الشاب التركي بالبطل، ومن المتوقع أن يخلّد هذا الاسم في تاريخ سوريا ويسجل بطلًا من أبطال ثورتها، كما سجلت مصر اسم الشاب السوري سليمان الحلبي بطلًا في تاريخها بعد قتله لقائد الحملة الفرنسية على مصر الجنرال كليبر.

لم تلبث تهدأ تداعيات المشهد في أنقرة، حتى طلب فيسبوك من زواره المقيم أو المتواجدين في العاصمة الألمانية برلين أن يحددوا ما إذا كانوا بخير أم لا، مؤكدًا أن برلين تعرضت لضربة إرهابية، وفي الحقيقة أن شاحنة اقتحمت سوقًا ميلاديًا في برلين ودهست 9 أشخاص، وحيث لم يبد أن العمل مرتبطًا بتنظيمات إسلامية رغم تشابهه مع حادثة نيس الفرنسية الصيف الماضي، إلا أنه ترك الناس منقسمين بين صحة وصف العمل الإرهابي، بينما فيسبوك قام بتغيير توصيف الحادث، وكأن جريمة من هذا النوع لا تكون إرهابًا إلا إذا ارتبطت بالإسلام!

من برلين إلى عاصمة أوروبية أخرى، هي زيورخ السويسرية، هناك هاجم مجهول مركزًا إسلاميًا، ومر الحادث بسلام وهدوء كما لم تصفه أي وسيلة إعلام بالهجوم الإرهابي، من زيورخ وصل قطار الجنون إلى القاهرة  فقد أُعلن هناك عن وفاة إحدى رائدات الحركة النسوية العربية الكاتبة المصرية نوال السعداوي، لكن سرعان ما تم نفي الخبر لكونه إشاعة. تابع الجنون مسيره في هذا اليوم بعد الاستراحة المفبركة في القاهرة، ووصل مع دقائقه الأخيرة إلى موسكو حيث أعلنت وسائل إعلام عن العثور على أحد المسؤولين في وزارة الخارجية الروسية مقتولًا في شقته في العاصمة، دون أي تفاصيل ذكرت عن الجريمة.

كأن الجرائم العالمية لا تكتسب صفة "إرهابية" إلا إذا ارتبطت بالإسلام!

اقرأ/ي أيضًا: فالس مع الإرهاب

على هامش كل تلك الأحداث تابع سكان مدينة حلب تهجيرهم القسري من بيوتهم، بموجب الاتفاق بين روسيا والمعارضة السورية، بواسطة الأتراك، ولم ينعكس حتى الآن مقتل المسؤولين الروس على سير الاتفاق، لكن ربما يكون هذا "الإثنين المجنون" انعكاسًا للمظلمة الحلبية على العالم، أو ما يمكن أن يسمى بـ"لعنة حلب الشهباء"، مع صعوبة نفي ارتباط ما حدث في أنقرة وزيورخ وبرلين وموسكو، بما يحدث في حلب بشكل أو بآخر. 

  • ملاحظة: بين لحظة كتابة هذه المادة ونشرها حاول مسلحون الهجوم على السفارة الأمريكية في العاصمة التركية أنقرة بحسب قناة "A HBR" التركية.

 

اقرأ/ي أيضًا:

حلب... أوسع من موت معلن

ماذا عن أخته يا سيادة الرئيس؟