15-نوفمبر-2016

دونالد ترامب في مشهد من فيلم home alone

هو الرئيس الأمريكي الجديد، وهو أيضًا المصارع السابق، والمطوّر العقاري الثري، والمليونير المخبول، ونجم برامج الواقع، وغيرها من التعريفات التي يمكن أن تنطبق عليه.

عاش دونالد ترامب الكثير من الحيوات وتقلّب بين الأدوار والشخصيات، والسينما كان لها نصيب ملحوظ من تلك الظهورات الغامضة لرجل لطالما عُرف عنه حب الظهور، حتى أنه صار الآن معروفًا لكل شخص يملك شاشة في أي مكان في العالم.

هو الثري المعتلّ في رواية "أمريكان سايكو" والتي تحولت إلى فيلم بالعنوان نفسه عام 2000. ويذكر الكاتب بريت إيستون إيليس على لسان بطل الرواية "باتريك بيتمان" إعجابه القوي بشخصية دونالد ترامب: "إن رؤية صورة دونالد ترامب على غلاف التايم، وعلى واجهات المطاعم، تجعلني أستعيد إيماني بنفسي".

الاستعراضية التي يظهر بها ترامب هي جزء أساسي من شخصيته المحبة للتمثيل وتقمص الأدوار، فالرجل يحمل عضوية نقابة الممثلين الأمريكيين

شخصية بيتمان -التي أدّاها كريستيان بيل في الفيلم- تجمع بين الثراء والخبل، فنجده يعيش حياة مزدوجة تجمع بين مواظبته كرجل أعمال ناجح على العناية بهندامه ونظافة جسده وغيرها من الأمور إلى حد الهوس، وبالهوس ذاته يمارس ساديته بحق النساء، اللواتي يلتقي بهن، وغالبًا ما ينهي حياتهن بقتلهم، وتكديس جثثهن في شقته.

ويعترف إيليس في مقابلة صحافية معه أن شعبية دونالد ترامب تعود إلى كونه يعبّر بصراحة ومباشرة عمّا يدور بداخله، وذلك -بحسب الكاتب- على عكس الكثير من الأمريكيين، الذين حين يشاهدون صراحته، يُصدمون بها، ويشعرون بأنهم عاجزون عنها.

النكتة التي أضحت كابوسًا معيشًا
في عام 2030، فازت المرشحة ليزا هومر في انتخابات الرئاسة الأمريكية على الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب، وبذلك أصبحت أول امرأة تصل إلى ذلك المنصب الرفيع. وفي خطاب تتويجها تتوجه إلى الشعب الأمريكي بكلمات تحمل نبرة حزينة عن التركة الثقيلة التي ورثتها عن سلفها وتعد بأنها وبمساعدة فريقها الرئاسي ستحاول بذل أقصى الجهد لإصلاح ما أفسدته سياسات ترامب أثناء فترة حكمه، والتي انتهت بوضع اقتصادي كارثي ترزح فيه الولايات المتحدة وبقية دول العالم من ورائها.

اقرأ/ي أيضًا: كيف ينظر السوريون إلى ترامب؟

في ذلك المشهد المتخيل من إحدى حلقات المسلسل الأمريكي الشهير "The simpsons" والتي عُرضت في مارس 2000، في وقت لم يكن ترامب يفكر في السياسة أصلًا؛ تظهر ليزا ابنة بطل المسلسل هومر سيمبسون كطفلة مثقفة وذكية ينتظهرها مستقبل واعد. وبعد 16 عامًا يبدو أن المواطنين الأمريكيين لم يأخذوا تحذيرات دان جريني، كاتب الحلقة التلفزيونية، بجدية، فقاموا بصرف النظر عن رسالته التحذيرية الساخرة من اتباع شخصيات مجنونة وغريبة على عالم السياسة مثل ترامب.

في مقابلة سابقة مع ويل سميث أبدى الممثل الأسمر مناهضته لحملة ترامب الرئاسية، وكان يرى في ذلك خطرًا على الديمقراطية الأمريكية

الأمر الذي بدا نكتة سخيفة قبل أعوام بعيدة صار حقيقة واقعة يختبرها الجميع الآن. وكان جريني يرى أن المجتمع الأمريكي يسير في طريق مضطرب يصبح فيه التافهون نجومًا للمجتمع ونماذج يتم تشجعيها ورعايتها ومحاولة الاقتداء بها والسير على دربها، بحجة وحيدة وهي أنهم يملكون المال (في الحقيقة هم يملكون ويكسبون الكثير من الأموال) وبالتالي يصبحون من وجهة نظر الأغلبية أفضل من البدائل والنماذج الأخرى التي لا تقدم حلولًا ولا تستدعي عالمًا مثاليًا يمكن العيش فيه.

ربما هي إعادة حقيقية للأغنية التي كتبها المغني الراحل برينس لفرقة "ذي تايم" بعنوان "دونالد ترامب: النسخة السوداء"، حيث يستطيع الرجل الثري (ترامب) أن يغوي إحدى الفتيات ويجعلها تترك حبيبها من أجل أن تحقق كل رغباتها مع الرجل الذي يملك الأموال. وربما هي إعادة على نطاق واسع لدوره في برنامج تلفزيون الواقع "المتدرب" الذي تقوم فكرته على انتقاء عدد من الشباب الأمريكي المتخرج حديثًا من الجامعة وتكليفه بمهام محددة في شركته الناشئة وأسبوعًا وراء أسبوع يتقلّص عدد الشباب المتنافسين بعد أن يرفع مُقدِّم البرنامج (ترامب) سبّابته تجاه الشاب منهم، وفي أداء استعراضي يصرح بجملته الشهيرة: "أنت مفصول". ساعد هذا البرنامج على زيادة شعبية ترامب بصورة كبيرة وصدّر للكثيرين صورة عنه كرجل أعمال ناجح يعرف كيف يجني المال ويعقد الصفقات الناجحة.

وردًا على هذا المنطق المجنون، جرّب جريني ما اعتقد أنه المدى الأقصى للخبل الأمريكي، وهو انتخاب شخص مثل ترامب رئيسًا، شخص عديم الخبرة السياسية وعنصري ومعادٍ للنساء والأقليات وصاحب سوابق فضائحية كثيرة وضيف دائم في الفقرات الساخرة من برامج التوك شو المسائية. والنتيجة:

الكومبارس الفائض
الاستعراضية التي يظهر بها ترامب دائمًا هي جزء أساسي من شخصيته المحبّة والميّالة للتمثيل وتقمص الأدوار، فالرجل يحمل عضوية نقابة الممثلين الأمريكيين ويمكننا الوقوف على رصيد متعدد من المشاركات في الأعمال السينمائية والتلفزيونية للرئيس الأمريكي الجديد يصل إلى 20 فيلمًا ومسلسلًا تتنوع بين الظهور القصير والقصير جدًا.

في عام 1989 ظهر ترامب في فيلم "الأشباح لا تفعل ذلك" في صورة ساخرة جسّد فيها شخصية رجل أعمال غريب الأطوار يظهر في طريق الأرملة الجميلة كاتي (بو دريك) محاولًا بطريقته الصاخبة التخفيف عنها ومساعدتها على تجاوز أزمة وفاة زوجها (أنتوني كوين)، الذي يطلب منها أن تقتل رجلًا ما كي تعبر روحه بسلام إلى العالم الآخر.

جاء ذلك الظهور على شاشة السينما بعد ظهوره على شاشة التلفزيون في إحدى حلقات المسلسل الكوميدي الشهير "آل جيفرسون" في عام 1985، حيث ظهر بشخصيته الحقيقية ليقدم مجموعة من النصائح الاقتصادية والعقارية لجورج جيفرسون بطل المسلسل.

في عام 1992 ظهر ترامب في الجزء الثاني من سلسلة أفلام "Home Alone" وكان بعنوان "تائه في نيويورك"، ويروي الفيلم قصة عائلة مكاليستر، التي تذهب إلى باريس لتمضية عطلة الميلاد، وبعد سفرها، تكتشف أنها نسيت ابنها كيفين في المنزل، حيث يعيش مغامراته.

وخلال أحد المشاهد، يكون كيفن في أحد فنادق المدينة الفاخرة ويستوقف رجلًا ضخمًا (ترامب) ليسأله على مكان مكتب الاستقبال. هذه القطة القصيرة لا تتجاوز ثوانٍ معدودة وإعادة نشر ترامب لها في قناته على "يوتيوب" يكشف عن حبه للظهور والتصوير، حتى لو كان في دور كومبارس لن يلحظه أحد. وعن أدائه ذلك الدور يقول ترامب إن مخرج الفيلم هو من طلب منه المشاركة في التمثيل، خصوصًا أنه هو صاحب الفندق الذي تم تصوير الفيلم فيه.

وفي عام 1994 ظهر ترامب مرة أخرى بشخصيته الحقيقية أمام الممثل ويل سميث في إحدى حلقات مسلسل "The Fresh Prince of Bel-Air". وتدور أحداث المسلسل حول شاب (ويل سميث) يصادق مجموعة من رفاق السوء وتضطر والدته لإرساله إلى خالته سيدة المجتمع الراقي للعيش معها في لوس أنجلوس، وفي إحدى حلقات المسلسل يظهر دونالد ترامب ليشتري منزل الخالة وليقدم مرة أخرى نصائحه للنجاح في الحياة. وجدير بالذكر أنه في نفس الحلقة تظهر مع ترامب الممثلة مارلا ميبلز وهي التي سيتزوجها بعد ذلك ترامب لمدة 6 سنوات.

وفي مقابلة سابقة مع سميث أبدى الممثل الأسمر مناهضته لحملة ترامب لرئاسة الولايات المتحدة، وكان يرى في ذلك خطرًا على الديمقراطية الأمريكية.

وفي العام ذاته ظهر ترامب في فيلم "The Little Rascals" في دور مستثمر في قطاع البترول ووالد أحد الأطفال الذين يقومون بالمغامرات في الفيلم العائلي، وحاز عن دوره في هذا الفيلم جائزة "التوتة الذهبية" كأسوأ ممثل مساعد في فيلم سينمائي.

وتوالى ظهور ترامب على الشاشة الكبيرة بشخصيته الحقيقية حتى كان ظهوره الأبرز عام 2010 حين ظهر في فيلم "وول ستريت: المال لا ينام أبدًا" في مشهد يجمعه وبطل الفيلم مايكل دوغلاس. ورغم أن تصوير المشهد استغرق يومًا كاملًا إلا أن المخرج أوليفر ستون قام بحذف المشهد من النسخة التجارية للفيلم.

اقرأ/ي أيضًا:
أبرز 5 لحظات لدونالد ترامب في عالم المصارعة الحرة
هل يتخلى الرئيس الجديد عن "ترامبيته"؟