29-يناير-2020

كان دور نظام السيسي أساسيًا في صفقة دونالد ترامب لتصفية القضية الفلسطينية (Getty)

أعلن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، مساء الثلاثاء، عن خطته لفرض تسوية قسرية للصراع العربي الإسرائيلي، تحت مسمى "ًصفقة القرن"، والتي احتوت في بنودها خطة لتصفية القضية الفلسطينية ونزع حقوق الفلسطينيين في الداخل والشتات، فيما كان النظام المصري أحد أهم داعميها وأركانها منذ اللحظة الأولى وحتى لحظة إعلانها، بما يشمل بعض الإجراءات التي نصت الصفقة على اتخاذها عن طريق القاهرة.

كان النظام المصري أحد أهم داعمي "صفقة القرن" وأركانها منذ اللحظة الأولى وحتى لحظة إعلانها، بما يشمل بعض الإجراءات التي نصت الصفقة على اتخاذها عن طريق القاهرة

في الثالث من نيسان/أبريل عام 2017 كانت المرة الأولى التي يسمع العالم فيها عن تعبير "صفقة القرن"، والتي جاءت على لسان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال لقائه مع الرئيس الأمريكي في العاصمة الأمريكية واشنطن، حيث قال السيسي خلال اللقاء: "فخامة الرئيس: ستجدني وبقوة داعمًا وبشدة كل الجهود التي ستبذل من أجل إيجاد حل لقضية القرن في صفقة القرن التي أؤكد أن فخامة الرئيس سيستطيع أن يوجدها".

اقرأ/ي أيضًا: "صفاقة القرن".. غضب عربي من خطة ترامب لتصفية القضية الفلسطينية

وخلال السنوات الماضية كان للسيسي دور المُسهّل للخطوات الاستيطانية التي قامت بها تل أبيب وساندتها فيها الولايات المتحدة مثل نقل السفارة الأمريكية لدى تل أبيب إلى القدس والاعتراف بسيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان السورية المُحتلة عام 1967، وذلك عبر بيانات صحفية ضعيفة وتحجيم الغضب الشعبي ومنع المصريين من التعبير عن رفضهم لتلك الخطوات.

إلا أن ما كشفه النص النهائي للصفقة والذي نشره البيت الأبيض عبر موقعه الرسمي يُشير إلى الدور الكبير للنظام المصري في تمرير هذه الصفقة التي تُجرد الفلسطينيين من جميع حقوقهم، بداية بنزع حقهم من إقامة دولة كاملة ذات سيادة، والاعتراف بالقدس عاصمة موحدة لإسرائيل ليس للفلسطينيين حق فيها، وعزل شبه الدولة الفلسطينية المزعومة عن العالم الخارجي، حيث تُسيطر إسرائيل على كل المعابر والحدود بينها وبين الدول المُحيطة، وإسقاط حق العودة عن ملايين اللاجئين الفلسطينيين في العالم.

فوفق النص المنشور فإن نصيب مصر من الأموال والاستثمارات الموعودة لتمرير الصفقة والمُقدرة بـ 50 مليار دولار هو 18.2 بالمائة من القيمة الإجمالية، حيث تحتل المركز الثاني من الأموال الموعودة بقيمة مالية تُقدر بـ 7.167 مليار دولار تحت بند "تعزيز التنمية الإقليمية والتكامل"، والتي ستكون عبارة عن 917 مليون دولار من المنح، 4.32 مليار دولار من القروض و3.92 مليار دولار من الاستثمارات والتمويلات الذاتية، على أن تُنفق هذه الأموال على 10 مشاريع تتم على ثلاث مراحل شملت:

  1. إنشاء صندوق للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، من خلال برنامج مؤسسة الاستثمار الخاص الأمريكي (OPIC) للحصول على قروض للشركات الصغيرة والمتوسطة.
  2. إنشاء خطوط نقل بين مصر وغزة، وإعادة تأهيل الخطوط الحالية.
  3. تدعيم خطوط الطاقة بين مصر وغزة على عدة مراحل، الأولى منها تهدف إلى زيادة إمدادات الطاقة من سيناء إلى غزة بقدرة إجمالية قدرها 50 ميجا واط. ثم إعادة رفعها لتصل إلى قدرة إجمالية قدرها 100 ميغاواط بالسعر المتفق عليه بين مصر والفلسطينيين.
  4. تعزيز المناطق الصناعية في مصر لزيادة التبادل التجاري بين مصر و"إسرائيل" والدولة الفلسطينية "جزء من الضفة الغربية وغزة"، ليكون لكل طرف حصة متساوية من المحتوى تصل إلى 35 في المائة لكل طرف.
  5. إنشاء مركز "شرق المتوسط للطاقة "، يكون مركز إقليمي للغاز الطبيعي في مصر. لزيادة الصادرات إلى الأسواق الدولية من محطات إسالة الغاز الطبيعي المصرية، وزيادة الكمية المستخدمة محليًا.
  6. إنشاء منطقة قناة السويس الاقتصادية، والتي ستشمل توسيع الميناء وإنشاء مركز تجاري إقليمي بالقرب من القناة.
  7. إنشاء وتطوير مشاريع الطاقة والمياه في سيناء، لتوليد الطاقة الكهربائية، ودعم مشاريع البنية التحتية للمياه لدعم التنمية الاقتصادية.
  8. تطوير البنية التحتية للنقل وإنشاء طرق وروابط جديدة في سيناء لربط المشروعات الجديدة.
  9. تطوير ودعم المشروعات السياحية في سيناء، والتي تشمل ساحل البحر الأحمر، ودعم وتطوير النقل واللوجستيات، لدعم البنية التحتية الجديدة للنقل في مصر لتحسين الاتصال المحلي والإقليمي.

وعقب الإعلان الأمريكي عن الصفقة تمثل الرد الرسمي في مصر على بيان من وزارة الخارجية عبر صفحتها الرسمية على مواقع التواصل الاجتماعي قالت فيه إن مصر تُقدر الجهود المتواصِلة التي تبذلها الإدارة الأمريكية من أجل التوصُل إلى سلام شامل وعادل للقضية الفلسطينية، بما يُسهم في دعم الاستقرار والأمن بالشرق الأوسط، وينهي الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.

وأوضح البيان أن مصر ترى أهمية في النظر لمبادرة الإدارة الأمريكية من منطلق أهمية التوصُل لتسوية للقضية الفلسطينية بما يعيد للشعب الفلسطيني كامل حقوقه المشروعة من خلال إقامة دولته المستقلة ذات السيادة على الأراضي الفلسطينية المحتلة، وفقًا للشرعية الدولية ومقرراتها، داعية الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي للدراسة المتأنية للخطة وفتح قنوات الحوار لاستئناف المفاوضات برعاية أمريكية، من أجل التوصل إلى اتفاق يلبي تطلعات وآمال الشعبيّن.

اقرأ/ي أيضًا: عن صفقة القرن والقاهرة الغارقة في الصمت

ووسط انعدام أي ردود فعل شعبية على الخطة الأمريكية التي تُنهي حقوق الشعب الفلسطيني، استبق شيخ الأزهر إعلان الصفقة بكلمة له خلال جلسة "دور المؤسسات الدولية والدينية والأكاديمية في تجديد الفكر الإسلامي"، خلال مؤتمر "الأزهر العالمي للتجديد في الفكر الإسلامي"، الذي يُنظمه الأزهر والذي قال فيه: "إن شخصيتنا انتهت كعرب ومسلمين"، موجهًا حديثه بسؤال استنكاري لرئيس جامعة القاهرة، محمد عثمان الخشت، "ما هي شخصيتنا كعرب ومسلمين؟"، ومُجيبًا: "لا شيء الآن، لا يُقضى في أمورنا، وأنا كنت في منتهى الخزي وانا أشاهد ترامب ونتنياهو وهم الذين يخططون ويقولون ويتحكمون ويحلون لنا المشكلات، لا يوجد أحد عربي ولا أحد مسلم، هذا هو المجال الذي يجب أن نحارب فيه". مستطردًا بأن "الأمة ابتلعت الطعم في تكرار نفي تهمة الإرهاب عن الإسلام وانشغالنا بها، وأننا فشلنا في صناعة (كاوتش سيارة) ونشتري السلاح لنقتل بعضنا بعضًا ونقتل أنفسنا، ونشتري الموت بأموالنا".

التقي السيسي نتنياهو عدة مرات بشكل علني وسري في العقبة والقاهرة وفي العاصمة الأمريكية واشنطن، للتباحث حول صفقة القرن التي خرجت بشكلها النهائي الثلاثاء

وكانت صحيفة هآرتس العبرية قد سربت أنباء عن لقاء سري جمع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في مدينة العقبة الأردنية بحضور الملك الأردني عبد الله الثاني في شهر مارس عام 2016 للتباحث حول تسوية القضية الفلسطينية، والتي أعقبها حديث للسيسي خلال افتتاحه أحد مشروعات الطاقة في مصر قال خلالها إنه يتطلع إلى علاقات مع دولة الاحتلال وصفها بـ "سلام دافئ مع إسرائيل"، بينما التقي السيسي نتنياهو عدة مرات أخرى بشكل علني في العاصمة الأمريكية واشنطن، وسري في القاهرة للتباحث حول الصفقة التي خرجت بشكلها النهائي الثلاثاء.