04-سبتمبر-2021

دور عراقي محتمل في الملف السعودي الإيراني يواجه تحديات (Getty)

الترا صوت – فريق التحرير

في ظل حالة الاستقطاب بالمنطقة ووسط تمثيل واسع ورفيع المستوى لم يشهده العراق منذ عقود، اختتم مؤتمر بغداد للتعاون والشراكة أعماله الأسبوع الماضي، وشدد قادة الوفود المشاركة في البيان الختامي له على ضرورة توحيد الجهود بشكل يكون له تأثير إيجابي على استقرار المنطقة، وعلى عدم التدخل في شؤون الدول واحترام سيادتها الوطنية. جاء هذا المؤتمر بينما يتطلع العراق إلى أن تفرز نتائجه خطوات تعزز من دوره الإقليمي وتقود إلى تكامل اقتصادي واجتماعي بين دول المنطقة، بما ينسجم مع دور تقول تقارير إنه يحاول لعبه، يدور حول إعادة صياغة العلاقات مع محيطه، ما يفتح السؤال أيضًا حول وساطة محتملة في الملف السعودي الإيراني.

في ظل حالة الاستقطاب بالمنطقة ووسط تمثيل واسع ورفيع المستوى لم يشهده العراق منذ عقود، اختتم مؤتمر بغداد للتعاون والشراكة أعماله الأسبوع الماضي، فاتحًا السؤال حول وساطة محتملة في الملف السعودي الإيراني

الحكومة العراقية راهنت في هذا المؤتمر على تحقيق أهداف عدة من بينها خفض التوتر بالمنطقة لا سيما بعد المشاركة السعودية الايرانية. في هذا السياق ذكر وزير الخارجية العراقي أن بلاده كانت قد احتضنت في السابق عدة  لقاءات بين السعودية وايران كاشفًا أن هذه اللقاءات لا تزال مستمرة. كما كان رئيس الوزراء العراقي قد أكد، من جهته، في أكثر من مناسبة أنّ بلاده لن تكون نقطة انطلاق لأي هجوم على دول الجوار. ويرى عدد من المحللين أن الكاظمي يحاول إبراز دور للعراق كدولة فاعلة في محيطها الإقليمي، يمكن لها أن تلعب دور الوسيط لحل الأزمات العالقة بين دول جواره العربية والإقليمية.

اقرأ/ي أيضًا: العقوبات الأمريكية ضد إيران.. ارتباك يخيم على العراق أيضًا

هذا الدورالمحتمل الذي ستلعبه بغداد ويسعى إليه الكاظمي، يدور حول السعي لإنجاز تقارب سعودي إيراني لإنهاء المواجهة المفتوحة التي دفعت تداعياتها إلى زعزعة استقرار المنطقة وفي مقدمتها العراق. وإن نجح هذا التقارب، فسيكون ذلك حسب ما تشير تقارير، انتصارًا سياسيًا للكاظمي.

هذه الجهود، مع ذلك، تصطدم بالكثير من العراقيل، بالنظر إلى أن ملف المصالحة المحتملة، لا يزال ميدانًا لتبادل الاتهمامات وتصفية الحسابات وتحقيق المصالح الاستراتيجية لكل طرف. فإيران التي عبرت عن اهتمامها  بأن يكون العراق مستقرًا، تحدث وزير خارجيتها عن دعم بلاده لأمن العراق واستقلاله ووحدة أراضيه، وأضاف بأن بغداد تلعب دورًا مهمًا في المنطقة، مضيفًا أن بلاده كانت أولى دول المنطقة التي اعترفت بالعراق الجديد. وتابع الوزير الإيراني بأن العراق تضرر كثيرًا بفعل الإرهاب، مذكرًا بإن إيران كانت أول من مد يد العون له في مكافحته للإرهاب، معتبرًا أن الأمريكيين لن يجلبوا الأمن والسلام لشعوب المنطقة، داعيًا جيران العراق إلى دعم استقراره، وإلى تحقيق السلام عبر الحوار بين دول المنطقة بعيدًا عن التدخلات الأجنبية، مشددًا على أن هذه التدخلات هي سبب عدم الاستقرار في المنطقة، وأن هناك حاجة إلى أمن إقليمي مستدام.

 مع ذلك، فإن تلك التصريحات التي تبدو متفائلة، تطرقت في الغالب إلى التدخل الخارجي بشكل يجعله محصورًا بالدور السعودي والأمريكي، دون معالجة نفوذ طهران نفسها في بغداد وسعيها للدفع بإيجاد حكومة تتماشى سياسيًا معها، وهي أجندات بقيت حسب مراقبين خارج النقاش. في المقابل، فالمملكة العربية السعودية التي قدمت رؤية شبيهة تتعلق بـ"دعم للعراق، والعمل على كل ما يحفظ أمنه واستقراره ووحدة أراضيه، ومكافحة التطرف والإرهاب"، كما أعلنت الخارجية السعودية، لا تزال تتحدث حصرًا كما تشير تقارير عن دولة عراقية مستقلة عن نفوذ إيران التي تحرك أذرعها المسلحة داخل العراق، دون التطرق إلى النفوذ السعودي، ودور الرياض المستقبلي في الشأن العراقي.

الحكومة العراقية تسعى من خلال هذه الجهود المستمرة لتحويل البلاد إلى محطة للحوار والتعاون بعدما كانت ساحة للصراع بين القوى الإقليمية

هذه التباينات والمصالح السياسية المتضاربة تجعل التوفيق بين الأطراف صعب للغاية. مع ذلك، فإن الحكومة العراقية تسعى من خلال هذه الجهود المستمرة لتحويل البلاد إلى محطة للحوار والتعاون بعدما كانت ساحة للصراع بين القوى الإقليمية، على أمل أن يفتح المجال أمام الحكومة العراقية لتكون طرفًا فاعلًا بعد المتغيرات على الساحة الإقليمية والانسحاب الأمريكي التدريجي من ملفات المنطقة، والتداعيات المحتملة لهذا الانسحاب على استقرار الدول وأمنها، وإعادة بناء العلاقات بينها وصياغة تحالفات جديدة.

 

اقرأ/ي أيضًا:

كيف غيّرت سوريا مقاربة إيران العسكرية؟

ما هي فرص استمرار التحالف الروسي الإيراني بعد انتهاء الحرب السورية؟