17-يناير-2025
رغم الإخفاق العسكري الإسرائيلي لا يمكن التغاضي عن التكلفة البشرية التي دفعتها غزة (منصة إكس)

دفعت غزة تكلفة بشرية هائلة لا يمكن التغاضي عنها (منصة إكس)

بعد 15 شهرًا من القصف المتواصل على قطاع غزة الذي تسبب في دمار هائل ومآسٍ إنسانية غير مسبوقة، يتفق محللون أن إسرائيل بعيدة عن تحقيق "النصر" الذي كانت تطمح إليه.

ورغم قوتها العسكرية والدعم الدولي الذي حصلت عليه، فشلت إسرائيل في تحقيق أهدافها الرئيسية من الحرب التي بدأت في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، بعد عملية "طوفان الأقصى".

على الرغم من الإخفاقات العسكرية والاستراتيجية، لا يمكن التغاضي عن الدمار الهائل الذي ألحقته إسرائيل بقطاع غزة

إخفاق الأهداف الإسرائيلية

يصف المحللان سامي عرابي وأمير مخّول هذا الفشل بأنه يعكس أزمة أعمق في الاستراتيجيات العسكرية والسياسية الإسرائيلية. يقول المحلل السياسي المقيم في رام الله، سامي عرابي، لموقع "ميدل إيست آي": "إسرائيل أُجبرت على توقيع اتفاق مع حماس التي قالت إنها ستستأصلها. هذا يعكس أن الصورة التي تحطمت في السابع من تشرين الأول/أكتوبر لم يتم ترميمها حتى الآن".

لكن على الرغم من الإخفاقات العسكرية والاستراتيجية، لا يمكن التغاضي عن الدمار الهائل الذي ألحقته إسرائيل بقطاع غزة. ووفقًا لعرابي، فإن التكلفة البشرية التي دفعتها غزة تجعل النقاش حول النجاح والفشل الإسرائيليين معقدًا. وأضاف: "يمكن القول إن إسرائيل لم تحقق أهدافها، لكن الكارثة الإنسانية التي فرضتها على الفلسطينيين تجعل من الصعب الحديث عن أي انتصار".

بدوره، يؤكد الكاتب والناشط الفلسطيني المقيم في حيفا، أمير مخّول، أنه لا يوجد منتصر واضح في هذه الحرب، ويقول: "الشعب الفلسطيني دفع ثمنًا باهظًا للغاية لا يمكن وصفه بالنصر. ومن ناحية أخرى، لا تستطيع إسرائيل الادعاء بتحقيق أي شكل من أشكال الانتصار".

 

تداعيات طويلة الأمد

فشلت إسرائيل في القضاء على الجناح العسكري لحماس أو إسقاط حكومتها، كما لم تتمكن من تحرير جميع المحتجزين الإسرائيليين. ويشير المحللون إلى أن الأهداف غير المعلنة، مثل استعادة الردع وتهجير الفلسطينيين من غزة، لم تتحقق أيضًا.

يرى مخّول أن إسرائيل لم تفشل عسكريًا فحسب، بل استراتيجيًا أيضًا، حيث شهدت تراجعًا في مكانتها الإقليمية والدولية. وأضاف أن التحالفات التي أُقيمت خلال إدارة ترامب بدأت تتآكل بسرعة، مما ترك إسرائيل مع عدد أقل من الحلفاء.

وأدت تصرفات إسرائيل في غزة إلى تغيير عميق في الإدراك العالمي، حيث بات الدعم الغربي لإسرائيل موضع تساؤل مع تصاعد الدعوات إلى المساءلة. وأشار مخّول إلى أن القضية الفلسطينية عادت بقوة إلى الأجندة الدولية بفضل انتهاكات إسرائيل للقانون الدولي.

تحديات المستقبل

تواجه غزة تحديات هائلة في المستقبل، تشمل إعادة الإعمار والتعامل مع آلاف الأيتام والجرحى. وقال عرابي: "لدينا آلاف الأطفال الأيتام، وأطفال فقدوا أسرهم بالكامل. بالإضافة إلى ذلك، هناك العديد من الجرحى والقضايا الاجتماعية الكبرى التي يجب معالجتها".

من بين التساؤلات الكبرى التي ستستغرق وقتًا للإجابة عنها، مدى تأثير هذه الحرب على تصور المقاومة الفلسطينية لقدرات إسرائيل العسكرية. ويقول عرابي: "تدمير غزة كان كارثيًا، لكن رفض الفلسطينيين الاستسلام جعل من حماس رمزاً للتحدي".

يعتقد المحللون أن الحرب كشفت عن نقاط ضعف إسرائيل، مما سيؤثر على مستقبل المقاومة الفلسطينية والأمن الإسرائيلي لعقود قادمة. وأوضح عرابي: "للمرة الأولى، أصبح من الممكن استهداف إسرائيل وخداعها وهزيمتها"، مما يترك أثرًا دائمًا على النضال الفلسطيني.