16-فبراير-2022

(Getty)

دعا مركز مراقبة حماية البيانات في الاتحاد الأوروبي إلى حظر برنامج بيغاسوس Pegasus للتجسس التابع لشركةNSO GROUP الإسرائيلية. وأفاد المركز الأوروبي إلى أن استخدام برنامج بيغاسوس يمكن أن يؤدي إلى مستوى غير مسبوق من اختراق الخصوصية، مشيرًا إلى أن البرنامج قادر على التدخل في جوانب الحياة الخاصة للأفراد. وأضاف المركز في بيانه إلى أن فرض حظر على انتشار البرنامج في الاتحاد الأوروبي سيكون "الخيار الأكثر فعالية لحماية حقوقنا وحرياتنا الأساسية"، وتابع البيان "الجدل حول برنامج بيغاسوس يثير أسئلة خطيرة للغاية حول التأثير المحتمل لأدوات التجسس الحديثة على الحقوق الأساسية للأفراد، وخاصة على حقوق الخصوصية وحماية البيانات الخاصة والديموقراطية وسيادة القانون".

وقد أدانت المفوضية الأوروبية أيضًا جميع أشكال القرصنة غير القانونية للأجهزة، في أعقاب فضيحة بيغاسوس. مفوض العدل في الاتحاد الأوروبي، ديدييه رايندرز، صرح أمام البرلمان الأوروبي بالقول أن "الأمن القومي لا يمكن أن يكون شيكًا على بياض لعدم احترام الحقوق الأساسية للمواطنين"، وأضاف "أي محاولة من قبل أجهزة الأمن الوطني للوصول بشكل غير قانوني إلى بيانات الأفراد، سواء كانوا محامين أو صحفيين أو مدعين أو نشطاء مجتمع مدني أو معارضين سياسيين، أمر غير مقبول على الإطلاق"، وذلك في الوقت الذي تستمر فيه التحقيقات لمعرفة مدى استخدام البرنامج من قبل الحكومات لغايات استخباراتية.

ويشار إلى أن البرنامج تتم زراعته بشكل خفي في الهواتف المحمولة بغرض التجسس. وقد أشارت المعلومات الصادرة عن عدة دول ووكالات استخبارات عالمية ومؤسسات حقوقية كبرى، ومنها تقرير صحيفة النيويورك تايمز عن استخدام البرنامج من قبل العديد من الدول للتجسس على معارضين وصحفيين وناشطين اجتماعيين وسياسيين حول العالم. ويعتبر بيغاسوس من أخطر برامج التجسس وأكثرها تعقيدًا، وهو يستهدف بشكل خاص الأجهزة الذكية التي تعمل بنظام التشغيل iOS لشركة Apple العملاقة الرائدة في مجال اللكنولوجيا، وكما توجد منه نسخة مختلفة بعض الشيء لأجهزة الأندرويد.

وفي العام الماضي، كشفت مجموعة من الوسائل الإعلامية، بما فيها صحيفة الغارديان البريطانية، عن استخدام برنامج بيغاسوس ضد الصحفيين والنشطاء السياسيين في العديد من البلدان حول العالم. وقد استند التحقيق حينها، والذي شاركت فيه 17 مؤسسة إعلامية، إلى تحليل للهواتف وقاعدة بيانات مسربة تضم 50 ألف رقم هاتف جوال. يذكر إلى أنه من ضمن الشخصيات التي تمت مراقبتها والتجسس عليها، الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس المجلس الأوروبي تشارلز ميتشيل، وغيرهم من رؤساء الدول وكبار المسؤولين الحكوميين والدبلوماسيين والعسكريين في 34 دولة حول العالم، بحسب ما أشارت وكالة euronews. ومن المتوقع أن يطلق الاتحاد الأوروبي لجنة تحقيق حول القضية في شهر نيسان /أبريل القادم  بشان السماح باستخدام البرنامج في أوروبا.

ومطلع العام الجاري، كشفت منظمة هيومن رايتس ووتش في تقرير لها أن البرمجة الخاصة ببرنامج التجسس بيغاسوس يمكن تحميلها خلسة على الهواتف المحمولة. وأكد التقرير أنه بمجرد تحميل برنامج التجسس على الجهاز، يصبح العميل قادرًا على تحويله إلى أداة مراقبة قوية وفعالة، من خلال الوصول الكامل إلى الكاميرا والمكالمات والصور ومقاطع الفيديو والميكروفون والبريد الإلكتروني والرسائل النصية، وغيرها من الخاصيات، مما يتيح مراقبة الشخص المستهدف وجهات الاتصال. وأضافت المنظمة "هذه تقنية هجوم متطورة ومعقدة، وفعالة في اختراق الأجهزة، ويصعُب أيضًا على المستهدف اكتشافها أو منعها".

اقرأ/ي أيضًا: "فضيحة بيغاسوس: آبل الأمريكية " تقاضي شركة "أن أس أو" الإسرائيلية

وأعلنت المنظمة عن استهداف موظفة لديها ببرمجية التجسس بيغاسوس مما "يؤكد الحاجة الملحة إلى تنظيم التجارة العالمية في تكنولوجيا المراقبة"، وأضافت "على الحكومات حظر بيع وتصدير ونقل واستخدام تكنولوجيا المراقبة حتى تطبق ضمانات حقوقية". وكانت مديرة قسم الأزمات والنزاعات ومديرة مكتب بيروت في هيومن رايتس ووتش، لما فقيه، قد تعرضت للاستهداف ببرمجية التجسس بيغاسوس 5 مرات بين نيسان/ أبريل وآب/ أغسطس من العام الماضي 2021. وقالت فقيه في هذا السياق "ليست صدفة أن تستخدم الحكومات برمجيات تجسس لاستهداف النشطاء والصحفيين، وهم الذين يكشفون عن ممارساتها التعسفية"، وأضافت "يبدو أنها تعتقد أن ذلك يساعدها على تعزيز سلطتها، وإسكات المعارضة، وحماية تلاعبها بالحقائق".

من جهتها، صرحت الباحثة والمدافعة في مجال الحقوق الرقمية في هيومن رايتس ووتش، ديبرا براون "تستخدم الحكومات برمجيات التجسس التي تطورها NSO GROUP لمراقبة وإسكات الحقوقيين، والصحفيين، وغيرهم ممن يكشفون الانتهاكات"، وتابعت بالقول "السماح لها بالعمل دون عقاب بوجود أدلة قاطعة على الانتهاكات لا يقوض جهود الصحفيين والمنظمات الحقوقية لمحاسبة أصحاب السلطة فحسب، بل يعرض أيضًا من يحاول حمايتهم لخطر جسيم".

وفي تموز /يوليو 2021، كشف مشروع مشترك نسقته فوربيدين ستوريز، وهي مؤسسة إعلامية غير ربحية مقرها باريس، وبدعم فني من منظمة العفو الدولية، أن برمجية بيغاسوس قد استخدمت لاختراق أجهزة عشرات النشطاء والصحفيين، وشخصيات معارضة في دول متعددة.

في المقابل، أعلنت الشركة المصممة للبرنامج أن "لديها إجراءات وقائية لمنع إساءة الاستخدام"، وأشارت إلى "إنها لا تتحكم في كيفية استخدام العميل للمنتج ولا يمكنها الوصول إلى البيانات التي يجمعونها"، وتابعت بالقول "إذا تم تحديد إساءة استخدام من قبل أحد عملائنا، فسوف نتخذ إجراءًا فوريًا، بما في ذلك إنهاء عقد العميل ونظامه"، وأشارت إلى أن "منتجها ساعد في منع الهجمات الإرهابية والعنف المسلح وساعد في تفكيك عصابات الاعتداء الجنسي على الأطفال والجنس وتهريب المخدرات". غير أن هذا التصريح تدحضه عشرات التقارير والتحقيقات التي أكدت وأثبتت عكس ذلك، وخاصة بعد اعتراف عدة دول بشراء البرنامج من ضمن صفقات التسلح وبغية مراقبة المعارضين السياسيين مثل المجر وبولندا والهند وغيرها من الدول.

وتجدر الإشارة إلى أن إسرائيل، الدولة المنتجة للبرنامج، تعرضت لضغوط عالمية بسبب سوء استخدام برنامج بيغاسوس. وقد أفادت وسائل إعلام إسرائيلية أن برنامج التجسس السري تم تحويله أيضًا إلى مواطني الدولة داخل إسرائيل، بما في ذلك أولئك الذين لم يشتبه في قيامهم بنشاط إجرامي ودون تصريح من المحكمة. وفي هذا السياق ذكرت صحيفة كالكاليست اليومية للأعمال الأسبوع الماضي أن الشرطة استخدمت برنامج التجسس لاختراق هواتف نجل رئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو، إلى جانب مساعديه وأعضاء أخرين من دائرته المقربة.

 

اقرأ/ي أيضًا:

إقرار أمريكي بشراء مكتب التحقيقات الفيدرالي برنامج التجسس الإسرائيلي "بيغاسوس"

NSO الإسرائيلية تدرس إغلاق برنامج "بيغاسوس" وبيع الشركة