09-نوفمبر-2021

يتمتع دوديك بعلاقات وثيقة مع روسيا (Getty)

ألترا صوت – فريق التحرير

تعاني جمهورية البوسنة والهرسك من أزمة سياسية بدأت في شهر يوليو/تموز الماضي بسبب رفض عضو في مجلس رئاسة البوسنة والهرسك الثلاثي ميلوراد دوديك ومسؤولين آخرين من صرب البوسنة قانونًا يجرّم إنكار المجازر التي شهدتها البلاد.

تجدّدت الأزمة الراهنة بعد أقرار قانون "معاقبة منكري الإبادة الجماعية" المثبتة في المحاكم الدولية أو محكمة البوسنة والهرسك 

 وكان قانون "معاقبة منكري الإبادة الجماعية" الذي أصدره مكتب الممثل السامي السابق في البلاد فالنتين إنزكو في البوسنة والهرسك الذي يتمتع بسلطة فرض القوانين، قد دخل حيز التنفيذ بعد إقراره في الجريدة الرسمية. ووفقًا للقانون فإن "كل شخص يحاول إنكار أو التقليل من شأن الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب المثبتة في المحاكم الدولية أو محكمة البوسنة والهرسك أو تبريرها، يمكن أن يحكم عليه بالسجن من ستة أشهر إلى خمس سنوات". كما ينص "القانون على معاقبة كل من يحرض على الكراهية والعنف ضد العرق أو اللون أو الدين أو الأصل القومي أو الاجتماعي، بالسجن من ثلاثة أشهر إلى ثلاث سنوات"، ويعاقب أيضًا "كل من يقوم بتوزيع الملصقات والمنشورات والكتيبات المتعلقة بالجرائم المذكورة، أو يكافئ ويمجد ويمنح الشوارع والساحات والطرقات والجسور والأحياء بأسماء المدانين بارتكاب إبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب لمدة لا تقل عن ثلاث سنوات".

يتمتع دوديك بعلاقات وثيقة مع روسيا (Getty)

جاءت تلك الخطوة في إطار الجهود الرامية  لمواجهة محاولات المسؤولين في جمهورية صربسكا رفض  ما حدث في سربرنيتسا باعتبارها تشكل إبادة جماعية، وإصرارهم على توصيفها بأنها كانت جريمة. وعلى إثر ذلك هدد دوديك باتخاذ خطوات تجعل نظم الجيش والقضاء والضرائب خارج الدوائر المركزية وذلك إذا لم "تتم العودة إلى أصل اتفاقية دايتون للسلام" كما هدد دوديك بانفصال الصرب عن جمهورية البوسنة والهرسك وتأسيس جيش خاص بهم.

ويتزعم ميلوراد دوديك جمهورية صربسكا منذ 15 عامًا، ويتحدث هذا الاشتراكي الديموقراطي السابق الذي أصبح قوميًا متطرفًا، بانتظام عن استقلال الإقليم، واعتبار "جمهورية البوسنة والهرسك دولة فاشلة وتجربة غربية لا تعمل". ويندد ميلوراد بمؤسسات الاتحاد التي أقيمت بهدف تقوية الدولة المركزية، ويتحدث عن 140 مؤسسة يجب إزالتها، قائلًا "لا سلطة في العالم تستطيع وقفنا". ويعتمد دوديك على دعم روسي ويقول أنه التقى وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في بلغراد في وقت سابق من هذه السنة بحسب ما أوردته وكالة "فرانس برس".

ويحتل الإقليم الذي يعادل نصف مساحة البلاد في حين يحتل اتحاد كرواتي مسلم النصف الآخر من البلد الذي يبلغ عدد سكانه 3,5 ملايين نسمة، والكيانان مرتبطان بمؤسسات مركزية كانت ضعيفة في البداية لكنها تعززت على مر السنوات بضغط من مفوضين بارزين تابعين للأمم المتحدة.

ويخشى مراقبون أنه حتى لو لم يتحرك دوديك نحو الانفصال، فإن تصريحاته يمكن أن تزعزع الاستقرار بشكل خطير.

فقد صرح كريستيان شميدت الممثل الدولي الأعلى في البوسنة لوكالة رويترز إنه "إذا تم دفع البوسنة متعددة الأعراق نحو التفكك، فسيكون لذلك حتمًا تأثير على صراعات أخرى لم تحل في غرب البلقان مثل الصراع بين صربيا وكوسوفو". وقال السياسي الألماني إن "اتفاق السلام الذي أنهى حرب البلاد في التسعينيات معرض لخطر الانهيار ما لم يتخذ المجتمع الدولي إجراءات لوقف الانفصاليين الصرب".

وقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن "تركيا سد منيع أمام تكرار الأحداث المؤسفة في البوسنة" وذلك خلال  لقائه ممثلي منظمات مدنية للبوشناق في تركيا، ونوه  أردوغان بأن "تركيا لطالما قدمت الدعم من أجل استقرار البوسنة والهرسك عبر الحفاظ على البنية الثقافية والإثنية المتعددة لهذا البلد، ودون تمييز بين مكوناته" وأضاف "منذ اتفاقية دايتون وحتى اليوم تركيا هي الحائل الأكبر أمام وقوع أحداث مؤسفة كما في الماضي في البوسنة والهرسك".

بدوره دعا العضو البوسني في المجلس الرئاسي  شفيق جعفروفيتش المسؤولين الصرب في البلاد للتراجع عن مقاطعة قانون مكتب الممثل السامي، مطالبًا "دوديك بالانسحاب من الساحة السياسية في البوسنة"، من جهته شدد رئيس حزب العمل الديمقراطي في البوسنة والهرسك بكرعزت بيجوفيتش على ضرورة مواجهة العنصر البوسني والكرواتي "المواقف المغامرة والفوضوية للصرب".

وكانت واشنطن قد وجهت  في شهر آيلول/سبتمبر الماضي تحذيرًا لدوديك، وأكدت تمسكها الراسخ بوحدة جمهورية البوسنة والهرسك، وذكرت السفارة الأميركية في سراييفو في تغريدة أن المبعوث الأميركي لدول غرب البلقان غابرييل إسكوبا التقى دوديك وقال له "إن التهديد بالانفصال والتراجع في إصلاح مؤسسات الدولة يتعارضان مع اتفاقية دايتون للسلام".

أرمينكا هيليش عضو في مجلس اللوردات البريطاني والمستشارة الخاصة السابقة لوزير الخارجية البريطاني وهي بوسنية المولد تحدثت لشبكة "سي أن أن" الأمريكية عن أن "المواطنين في جميع أنحاء البوسنة والهرسك، بما في ذلك كيان جمهورية صربسكا  يخشون العنف"، وحذرت من أن "يؤدي تحرك آخر نحو الانفصال إلى رد فعل قوي"، و أضافت "لا توجد طريقة يمكن بها تفكيك البوسنة والهرسك بشكل سلمي".

تَبرز هذه التوترات إلى السطح من جديد في ظل انتشار واسع للسلاح غير المرخص، الذي تقول التقديرات إنه يصل نحو 750 ألف قطعة

من جانبها حذرت هيذر ستاف المستشارة في مشروع "رام بروجيكت" وهي منظمة متخصصة في سياسة الهجرة، أن "الصراع سيؤدي إلى أزمة لاجئين  ونزوح مدنيين"، وقالت في حديث لشبكة "سي أن أن" أنه في "التسعينيات والعقد الأول من القرن الحادي والعشرين، رأينا أشخاصا يفرون من البوسنة إلى البلدان المجاورة مثل الجبل الأسود".

 

اقرأ/ي أيضًا: 

أزمة خطيرة تختمر في البلقان.. هل سيتحرك الغرب لمنع نشوب حرب جديدة؟

مذبحة القرن 21.. الغوطة الشرقية تحت وطأة أعنف الهجمات الدموية من النظام السوري

روسيا تستثمر في تفتيت البوسنة.. إعادة إنتاج "البلقنة"