28-أكتوبر-2020

حذر نواب أمريكيون من المساعي نحو التطبيع مع نظام الأسد (Getty)

الترا صوت – فريق التحرير 

وجه نواب من الحزبين الجمهوري والديمقراطي في الكابيتول هيل الأمريكي دعوةً لوزارة الخارجية الأمريكية يطالبون فيها إيضاح موقف واشنطن الرافض لمحاولة حلفاء وشركاء الولايات المتحدة إعادة تطبيع العلاقات مع رئيس النظام السوري بشار الأسد، وذلك بالتزامن مع التقارير التي تحدثت عن إجراء مفاوضات بين واشنطن والنظام السوري لإطلاق سراح الأمريكيين المحتجزين لدى النظام السوري، فضلًا عن محاولة الإمارات دفع النظام السوري بالانضمام لاتفاقية التطبيع مع إسرائيل.

ما يزيد عن 30 نائبًا من الحزبين الرئيسيين في الولايات المتحدة أعربوا عن "قلقهم العميق" بشأن التحركات التي تقوم بها بعض الدول لتطبيع العلاقات الدبلوماسية بشكل رسمي مع النظام السوري

ووفقًا للتقرير الذي نشره موقع ميدل إيست أي البريطاني فإن ما يزيد عن 30 نائبًا من الحزبين الرئيسيين في الولايات المتحدة ممن وقعوا على الرسالة، أعربوا عن "قلقهم العميق" بشأن التحركات التي تقوم بها بعض الدول لتطبيع العلاقات الدبلوماسية بشكل رسمي مع النظام السوري على الرغم من "وحشيته المستمرة وإصراره عليها".

اقرأ/ي أيضًا: مصادر أمريكية: واشنطن تستطلع نية نظام الأسد للتطبيع مع إسرائيل

وكانت دول سلطنة عُمان والإمارات والبحرين والكويت قد اتجهت خلال الأشهر الماضية لمحاولة إعادة تطبيع العلاقات مع النظام السوري، فضلًا عن محاولات منفصلة لإعادة النظام السوري إلى الجامعة العربية وتبادل السفراء بينهم مجددًا، بعدما جمدت المنظمة العربية عضوية النظام السوري بسبب استخدامه العنف المفرط في قمع المظاهرات السلمية قبل قرابة عقد من الزمن.

غير أن مساعي الدول العربية اصطدمت بقانون قيصر لحماية المدنيين السوريين المشدد الذي صدر في واشنطن نهاية العام الماضي، ودخل حيز التنفيذ في حزيران/يونيو الماضي، الأمر الذي دفع بالدول العربية لإيقاف عجلة تطبيع العلاقات الدبلوماسية مع النظام السوري، نظرًا لتأكيد البيت الأبيض على أن القانون سيستهدف معاقبة أي شخص يساعد النظام السوري أو يساهم في إعادة الإعمار، طالما أن الأسد يرفض الانخراط في التسوية السياسية وفقًا لمقررات الأمم المتحدة ذات الصلة.

وقال نواب الكابيتول في رسالتهم التي وجهت للخارجية الأمريكية إنه "في ظل استمرار جرائم النظام المؤسفة بحق شعبه، نحث وزارة الخارجية على الاستمرار في التوضيح –علنًا وسرًا– لحلفائنا وشركائنا أن الولايات المتحدة تعارض أي جهود لتجديد العلاقات الدبلوماسية مع  نظام الأسد أو تمديد الاعتراف الدبلوماسي الرسمي به".

وأضافت الرسالة التي أعدها رئيس لجنة الشؤون الخارجية المنتهية ولايته في الكابيتول إليوت إنجل إلى جانب النائب الجمهوري مايكل ماكول متهمةً النظام مع حلفائه إيران وروسيا "بارتكاب أعمال عنف بربرية بحق الشعب السوري"، لافتةً أن"المنظمات الدولية وجماعات حقوق الإنسان وثّقت استخدام الأسلحة الكيماوية على المدنيين، والقصف العشوائي للبنية التحتية المدنية، والاستخدام المتعمد لأساليب الحصار،  والتعذيب الجماعي".

وشددت الرسالة على أنه قبل النظر في تجديد العلاقات الدبلوماسية مع النظام السوري، فإن الأخير مطالب بوقف مثل هذه التصرفات والتنصل من الجماعات التي وصفتها الولايات المتحدة بالمنظمات الإرهابية، كما أشار نواب الكابيتول إلى أنه يتعين على النظام السوري إيقاف الأبحاث المرتبطة بالأسلحة النووية والكيميائية والبيولوجية وتكنولوجيا الصواريخ الباليستية وتطويرها وامتلاكها والسماح بدخول خبراء الأمم المتحدة والمراقبين الدوليين الآخرين إلى سوريا، منوهين إلى أنه "لم يتم الوفاء بأي من هذه المعايير" من قبل الأسد.

وتأتي رسالة نواب الكابيتول بعد أقل من أسبوع على ما كشفه تقرير لصحيفة وول ستريت جورنال عن إجراء نائب مساعد ترامب وكبير مسؤولي البيت الأبيض لشؤون مكافحة الإرهاب كاش باتيل، زيارة سرية إلى دمشق التقى فيها مسؤولين في النظام السوري، وتضمنت دخول الجانبين في مفاوضات لإطلاق سراح المواطنين الأمريكييّن أوستن تايس، وماجد كمالماز، الذي يعتقد أن الأسد احتجزهما خلال فترة عملهما مع نشطاء المجتمع المدني المعارضين للنظام السوري.

فيما أكدت صحيفة الوطن المقربة من نظام الأسد نقلًا على لسان مصادر في النظام السوري صحة تقرير الصحيفة الأمريكية، مشيرةً إلى أن الوفد الأمريكي ضم إلى جانب باتيل، المبعوث الخاص للرئيس الأمريكي لشؤون المخطوفين روجر كارستينس، حيث التقى المسؤولان برئيس مكتب الأمن الوطني علي مملوك – المدرج على لائحة العقوبات الأمريكية – وناقشا معه سلة واسعة من المسائل حملت جملة من العروض والطلبات، لافتةً إلى أن هذه "ليست الزيارة الأولى لمسؤولين أمريكيين بهذا المستوى الرفيع وأنه سبقتها ثلاث زيارات مشابهة إلى دمشق خلال الأشهر والسنوات الماضية".

وردًا على سؤال مرتبط بزيارة الوفد الأمريكي السرية إلى دمشق، قال وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو لاحقًا إن طلب واشنطن "عند السوريين يتمثل في الإفراج عن السيد تايس والكشف لنا عما يعلمونه. لكنهم اختاروا عدم فعل ذلك"، مشددًا على مواصلة بلاده "العمل لضمان عودة أوستين تايس بل كل أمريكي محتجز. لكننا لا ننوي تغيير السياسة الأمريكية من أجل فعل ذلك".

وكان مصدر في وزارة الخارجية الأمريكية قد أشار في وقت سابق إلى أن إدارة الرئيس دونالد ترامب سمحت ببدء ما وصفه بمرحلة "جس النبض" بين نظام الأسد من طرف وإسرائيل من طرف آخر لتطبيع العلاقات بينهما، مضيفًا على لسان المصدر أن تبادل وجهات النظر بين الطرفين بدأ فعلًا، مشيرًا إلى لعب أبوظبي دورًا في "ترغيب الولايات المتحدة بقبول دخول النظام وإسرائيل في طريق المفاوضات".

تأتي رسالة نواب الكابيتول بعد أقل من أسبوع على ما كشفه تقرير لصحيفة وول ستريت جورنال عن إجراء نائب مساعد ترامب وكبير مسؤولي البيت الأبيض لشؤون مكافحة الإرهاب كاش باتيل، زيارة سرية إلى دمشق

وأضاف المصدر موضحًا أنه قد يكون لأبوظبي دور مباشر عبر الوساطة في المفاوضات غير المباشرة، خلال المرحلة الأولى، مشيرًا إلى أن واشنطن بدأت بمراقبة هذه التحركات لمعرفة النتائج التي من الممكن أن تفضي إليها، مشددًا على أن واشنطن بالرغم من ذلك فإنها لا تزال تصر على ضرورة إنجاز نظام الأسد للتسوية السياسية المنصوص عليها وفقًا للقرار الأممي 2254، مستبعدًا أن تتخلى عن هذا الشرط مهما كانت المغريات التي يقوم بتقديمها نظام الأسد لإنجاز هذه الصفقة.