16-أكتوبر-2016

مقاتلين من الجيش السوري الحر أثناء المعارك ضد داعش بالقرب من دابق (نزير الخطيب/أ.ف.ب)

أعلنت فصائل المعارضة السورية، المنضوية تحت مكون "الجيش السوري الحر"، سيطرتها صباح اليوم الأحد الـ16 من تشرين الأول/أكتوبر 2016 على بلدة "دابق"، أحد أهم معاقل تنظيم "الدولة الإسلامية" في ريف حلب الشمالي، والتي يستند في تواجده فيها إلى الرواية الدينية التي تقول: "لاتقوم الساعة حتى تنزل الروم بالأعماق -أو بدابِقَ-، فيخرج إليهم جيش من المدينة من خيار أهل الأرض يومئذ" ويهزموهم، الأمر الذي أولته داعش على أنها المقصودة بهذا الحديث النبوي.

صرح الرئيس التركي أردوغان أنه بعد تحرير الجيش الحر لدابق، سيتم من هناك "إعلان منطقة آمنة خالية من الإرهاب بمساحة خمسة آلاف كيلومتر".

واستبق "الجيش السوري الحر"، السيطرة على البلدة بعدة مراحل، أهمها التقدم إلى القرى المحيطة بـ"دابق"، وسط قصف مدفعي مكثف للجيش التركي، الذي يقود عملية "درع الفرات"، بدعم جوي من مقاتلات التحالف الدولي، بقيادة واشنطن، حيث تتخذ من قاعدة "إنجرليك" الجوية، مركزًا لانطلاق مقاتلاتها التي تستهدف مقرات التنظيم في شمال سوريا.

اقرأ/ي أيضًا: أمريكا تقرر..لا ضربات لبشار الأسد حاليًا

كما أن الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، كان قد صرح، أمس السبت، إن فصائل "الجيش السوري الحر"، تتقدم إلى بلدة "دابق"، مؤكدًا أن بلاده ليس لديها أي أطماع في أراضي الشعوب الأخرى، وأنهم سيعلنون "من هناك (دابق) إعلان منطقة آمنة خالية من الإرهاب بمساحة خمسة آلاف كيلومتر".

وتمهيدًا لاقتحام "الجيش السوري الحر" لبلدة "دابق"، كان سيطر منذ يومين، وحتى لحظة دخوله إليها، على مجموعة من القرى والمدن المحاذية لها (احتيملات، صوران، وأرشاف)، إلى جانب أن فصائل المعارضة تتواجد أساسًا في مدينة "مارع"، التي حاول التنظيم مرارًا الدخول إليها، لكنه لم ينجح، ما جعل مقاتلي التنظيم محاصرين من أكثر من جهة في البلدة، ومكن مقاتلي المعارضة من اقتحامها من ثلاثة محاور.

وعقب الإعلان رسميًا عبر وسائل الإعلام عن سقوط "دابق"، شهدت مدينة "غازي عنتاب" جنوب تركيا، اشتباكات بين خلية لتنظيم الدولة والأمن التركي، تمكن أحد أفرادها من تفجير حزامه الناسف، وسط معلومات أفادت بتدخل الجيش التركي، فيما قالت وكالة "الأناضول" التركية، إن "إرهابيين فجروا أنفسهم" خلال عملية أمنية في المدينة، ما أدى لسقوط عدد من الجرحى".

وتعتبر مدينة عنتاب، من المدن التي يتواجد فيها خلايا نائمة للتنظيم، كونها قريبة من الحدود السورية-التركية، وهي تشهد بين الحين والآخر هجمات ينفذها عناصر تابعون للتنظيم، كان آخرها منذ نحو شهر تقريبًا، عندما فجر أحدهم حزامه الناسف بصالة للأفراح، قضى على إثرها أكثر من 50 مدنيًا.

حاول داعش التقليل من خسارته لدابق، التي استغل أهميتها المعنوية لتجنيد الكثيرين، بالتفريق بين" ملحمة دبق الكبرى" و"معركة دابق الصغرى"

اقر/ي أيضًا: بالفيديو..كيف تم القبض على أمير داعش في عين الحلوة؟

وكانت صحيفة "النبأ" التي يصدرها تنظيم الدولة باللغة العربية، قد استخفت بحشد فصائل المعارضة، وإعلانها أنها أصبحت على أبواب بلدة "دابق"، عندما نشرت في عددها الصادر الخميس الفائت، مقالًا بعنوان "إلى ملحمة دابق الكبرى".

وحاولت الصحيفة التقليل من حجم خسارة التنظيم للبلدة، مستندةً لعديد الأحاديث النبوية، والتفسيرات القرآنية، التي تقول إن سقوطها سيعجل من قدوم الملحمة الكبرى، منهيةً مقالها بالقول إن "هذا الكر والفر في دابق وما حولها، معركة دابق الصغرى، ستنتهي بملحمة دابق الكبرى، لا محالة".

فيما غرد الكثير من شرعييّ الفصائل الإسلامية حول خسارة التنظيم للبلدة، ربما أهمها كانت تغريدة، أحد أهم شرعييّ جبهة "فتح الشام"، أبو ماريا القحطاني، والمعروف بعدائه الشديد للتنظيم، عندما كتب "وأخيرًا ينتهي حلم الدواعش الذين كانوا يحلمون به بعد خروجهم من دابق، خرافة أسلمت سنة العراق للرافضة على طبق من ذهب وهجرت ملايين السنة".

يحاول داعش في الوقت الحالي التركيز على حشد مقاتليه في مدينة "الرقة"، لكن ذلك لا يغيب احتمال محاولته استعادة دابق

ورغم أن التنظيم حاول التقليل من الهزيمة بالتفرقة بين "ملحمة دابق الكبرى" و"معركة دابق الصغرى" ليهون على أتباعه من وقع الخسارة، وليظل مسيطرًا عليهم رغم اندحار الأسطورة التي أسسها، إلا أنه من المرجح أن التنظيم لن يسكت عن خسارته البلدة، التي لطالما تغنى بأنه سيهزم أعداء الإسلام الصليبيين فيها، وسيحاول امتصاص الصدمة، عبر تكثيفه لعملياته الداخلية، التي سيستهدف فيها فصائل المعارضة في ريف حلب الشمالي، أو ريف إدلب، أو الخارجية والتي ستضرب الدول المشاركة في عملية "درع الفرات"، وهو بدأها فعليًا بعملية "غازي عنتاب".

كذلك يحاول التنظيم في الوقت الحالي التركيز على حشد مقاتليه في مدينة "الرقة"، التي أعلن منها في منتصف عام 2014، عودة "الخلافة الإسلامية"، بعرض عسكري ضخم، إضافة لأن معركة "الموصل" العراقية، أصبحت على وشك بدايتها، حيث تطمح القوى المشاركة فيها باستعادتها قبل نهاية العام الجاري، وهو ما سيشكل ضربة قوية للتنظيم، وانحسارًا كبيرًا لمناطق سيطرته، التي يتوالى سقوطها واحدة إثر الأخرى.

وغالبًا أن التنظيم سيحاول استعادة السيطرة على "دابق"، وهو ما تشير إليه المعطيات، من ناحية تبادله أدوار السيطرة مع "الجيش السوري الحر" للمناطق التي يسيطر عليها في ريف حلب، لكن دخول الأخير إليها، سيفتح المجال أمام "درع الفرات" لتأمين ريف حلب بشكل كامل، وهو ما يتيح، نوعًا ما، إنشاء منطقة آمنة، رغم اختلاف الدول المشاركة في اجتماع "لوزان" على صيغة مشتركة لوقف إطلاق النار.

اقرأ/ي أيضًا: 

تعرف على القوات التي ستشارك في معركة الموصل

لأول مرة..مصر وروسيا تقيمان مناورات عسكرية مشتركة