05-يونيو-2018

للمضادات الحيوية تأثير سلبي على الذين يتلقون العلاج الكيماوي من السرطان (كاي بفافنباخ/ رويترز)

تستعرض صحيفة الغارديان البريطانية في تقرير لها، نتائج دراسة طبية حديثة، تكشف عن خطورة محتملة للمضادات الحيوية على مرضى السرطان، خاصة الذين يتلقون العلاج بالكيماوي. فيما يلي ترجمة للتقرير.


اكتشفت دراسة جديدة أجريت حديثًا على أكثر من 300 مريض بالسرطان في بريطانيا، أن مرضى السرطان الذين يتناولون المضادات الحيوية خلال مرحلة العلاج بالكيماوي، يعيشون أقل بكثير من أولئك الذين تجنبوا تناولها.

كشفت دراسة حديثة عن أن تناول المضادات الحيوية خلال العلاج من الكيماوي من السرطان، مضر، وقد يسبب الوفاة المبكرة

وقال الباحثون إن هذه النتيجة تؤكد على أهمية أن يقتصر تناول المضادات الحيوية على حالات خاصة تحت إشراف الطبيب، كما يظهر ضرورة أن يكون هنالك تنسيق مكثف بين المعنيين في القطاع الطبي، مع الأطباء الذين يعالجون حالات السرطان، وضرورة التوعية بشأن تجنب التسرع في وصف المضادات الحيوية لمرضى السرطان.

اقرأ/ي أيضًا: البشرية في خطر .. عصر "ما بعد المضادات الحيوية"

تقول نادينا تنسلي، وهي باحثة مشاركة في الدراسة: "لا شك أننا نحتاج إلى علاج الالتهابات الخطيرة باستخدام المضادات الحيوية. لكن التحدي الصعب هو وإيجاد التوازن المطلوب". وقد تم عرض البحث ونتائجه في مؤتمر الجمعية الأمريكية لعلم أمراض السرطان السريري بشيكاغو، وهو المؤتمر الأضخم لأبحاث السرطان في العالم.

ودرس الباحثون 303 حالات لمرضى كانوا يخضعون للعلاج من السرطان بعلاج مناعي يدعى "مثبطات نقاط التفتيش" أو "Checkpoint Inhibitors". وتعمل هذه الأدوية عبر تفعيل الجهاز المناعي في الجسم لمقاومة الخلايا السرطانية.

مرضى السرطان الذين يتناولون المضادات الحيوية يعيشون أقل ممن لا يتناولونها
مرضى السرطان الذين يتناولون المضادات الحيوية يعيشون أقل ممن لا يتناولونها

ويعتقد الباحثون أن للبكتيريا في الجهاز الهضمي دورًا في تفعيل الجهاز المناعي بالجسم، وذلك عبر تحفيز النشاط في الأمعاء المليئة بالسموم، وهنالك يقوم الجسد بتوظيف الخلايا التائية من أجل طرد البكتيريا الضارة.

ويرى الباحثون أن المضادات الحيوية تطهر الأمعاء من هذه البكتيريا، والتي تحتاج أسابيع حتى تعود، مما قد يؤدي إلى إضعاف عمل الخلايا التائية.

"هنالك الكثير من السموم في الأمعاء"، تقول تينسلي، مضيفة: "وهي تساعد الجهاز المناعي على أن يبقى فعالًا، بحيث يكون هنالك المزيد من خلايا الدم البيضاء". وبغياب هذه البكتيريا، فإن الجهاز المناعي قد يشهد تراجعًا في نشاطه بشكل عام، مما يؤثر على فعالية العلاج المناعي، ولاسيما أن الالتهابات هي من بين المضاعفات الشائعة لدى مرضى السرطان.

وتابع الباحثون حالات المرضى خلال الفترة ما بين بين كانون الثاني/يناير 2015 وحتى آذار/مارس 2017، ودرسوا 303 مرضى يعانون من سرطان الخلايا الصبغية (الميلانوما)، وسرطان الرئة غير صغير الخلايا، وسرطان الكلى. وقد كان ثلث هؤلاء المرضى يتلقون المضادات الحيوية قبل أسبوعين أو بعد ستة أسابيع من بدء علاج السرطان.

وتبين أن المرضى الذين لم يتلقوا المضادات الحيوية، تراجع تطور السرطان لديهم لفترة ضعف الفترة التي شهدها من كانوا يتناولون المضادات الحيوية (178 يومًا مقابل 97 يومًا)، كما أن أولئك الذين تناولوا المضادات الحيوية لم يصمدوا في وجه المرض سوى ضعف الفترة، مقارنة بمن لم يتناولوا المضادات الحيوية (317 يومًا مقابل 651 يومًا). أما المرضى الذين كانوا يأخذون كميات كبيرة من المضادات الحيوية فقد كانت النتائج لديهم أسوأ، إذ لم تظهر فعالية العلاج من السرطان إلا في 87 يومًا وكان معدل صمودهم أما المرض 193 يومًا فقط.

كثرة المضادات الحيوية تضعف الجهاز المناعي الذي يحتاج إليه مريض السرطان قويًا
كثرة المضادات الحيوية تضعف الجهاز المناعي الذي يحتاج إليه مريض السرطان قويًا

وقد أشار الخبراء إلى أن قوة هذه الدراسة تأتي من كونها اشتملت على بيانات ديمغرافية ومعلومات عن تاريخ العلاج السابق لكل حالة، بالإضافة إلى مستوى المرض لدى كل حالة، وهي عوامل كانت غير واضحة في أبحاث ودراسات سابقة. وقد أتاح ذلك للباحثين أن يأخذوا بالاعتبار ما إذا كان المرضى الذين تلقوا دورة أدوية متعددة من المضادات الحيوية قد كانوا يعانون من مستوى أعلى من المرض بشكل عام أو لا.

وقال العلماء، إن هنالك حاجة للمزيد من الأبحاث مع مجموعات أكبر من المرضى، وفي حال أظهرت دراسات أخرى كيفية تأثير المضادات الحيوية على العلاج المناعي، فإن هنالك فرصة لإثبات دور الميكروبات المعوية في علاجات جديدة للسرطان في المستقبل.

ويقول مونتي بال، الطبيب الخبير بأمراض سرطان الكبد والبروستاتا والمثانة، إن الدراسة المذكورة، "تمثل أفضل ما تم التوصل إليه من إثباتٍ للعلاقة بين استخدام المضادات الحيوية وعدم نجاعة نتائج العلاج المناعي لمرضى السرطان".

تكشف الدراسة أن مرضى السرطان الذين لم يتناولوا مضادات حيوية تراجع المرض لديهم لمدة 178 يومًا، مقابل 97 يومًا لمن تناولوا المضادات

وأضاف الطبيب: "على الناس أن يكونوا واعين ومنفتحين لفهم تأثيرات استخدام المضادات الحيوية على علاج السرطان، لكن هذا لا يعني إن كانت المضادات الحيوية قد وصفت من قبل الطبيب المختص لسبب معروف، وكانت ضرورية من الناحية الطبية، أن يتم رفضها"، مؤكدًا: "إن كان المريض بحاجة للمضادات الحيوية فعلًا فإنه لا يسعه أن يرفض تناولها".

 

اقرأ/ي أيضًا:

طرق تقوية المناعة

كيف يؤثر الجهاز المناعي على سلوكنا الاجتماعي؟