دراسة: الذكاء الاصطناعي يبطئ العمل ويكلف الشركات ملايين الدولارات
25 سبتمبر 2025
في الوقت الذي تتسابق فيه الشركات حول العالم لاعتماد تقنيات الذكاء الاصطناعي، مدفوعةً بوعود السرعة والكفاءة والابتكار، تكشف الأبحاث الحديثة عن جانب مظلم لهذا التحول الرقمي، خسائر مالية ضخمة ناجمة عن ما يُعرف بـ"فوضى العمل الناتجة عن الذكاء الاصطناعي" أو ما أطلقت عليه مجلة Harvard Business Review مصطلح Workslop.
وعود الذكاء الاصطناعي تصطدم بالواقع
تتبنى المؤسسات الذكاء الاصطناعي على نطاق واسع، مدفوعةً بالخوف من التخلف عن المنافسين. لكن الواقع العملي يكشف أن مخرجات الذكاء الاصطناعي، رغم كونها مصاغةً بلغة سليمة، غالبًا ما تفتقر إلى الدقة والوضوح. هذه المخرجات تُربك سير العمل بدلًا من تسريعه، وتُحمّل الموظفين عبء مراجعة وتصحيح محتوى كان يُفترض أن يوفر عليهم الوقت والجهد.
تتبنى المؤسسات الذكاء الاصطناعي على نطاق واسع، مدفوعةً بالخوف من التخلف عن المنافسين، لكن الواقع يكشف أن مخرجات الذكاء الاصطناعي غالبًا ما تفتقر إلى الدقة والوضوح
خسائر غير مرئية
وفقًا لدراسة مشتركة بين BetterUp Labs التابعة للمجلة ومختبر وسائل التواصل الاجتماعي في جامعة ستانفورد، فإن 40% من الموظفين الأميركيين بدوام كامل تلقوا مخرجات غير دقيقة من الذكاء الاصطناعي خلال الشهر الماضي فقط. ويقضي الموظف نحو ساعتين في كل مرة لتفسير أو تصحيح هذه المخرجات، ما يؤدي إلى خسارة آلاف أيام العمل سنويًا، وتكلفة تقدر بملايين الدولارات للشركات الكبرى.
الإحباط يتصاعد
أحد مديري قطاع التجزئة عبّر عن استيائه من تطبيق الذكاء الاصطناعي في شركته قائلًا: "اضطررت لإضاعة وقت إضافي في التحقق من المعلومات ومقارنتها بأبحاثي الخاصة، ثم عقد اجتماعات مع المشرفين لمعالجة المشكلة، وانتهى بي الأمر إلى إعادة تنفيذ العمل بنفسي".
هذا الإحباط لا يُعد حالة فردية. أكثر من نصف الموظفين الذين شملهم الاستطلاع قالوا إنهم شعروا بالانزعاج عند تلقي مخرجات ضعيفة من الذكاء الاصطناعي (53%)، بينما شعر 22% بالإهانة. كما أن الزملاء الذين يرسلون مثل هذه المخرجات يُنظر إليهم على أنهم أقل كفاءة أو موثوقية، مما يؤثر سلبًا على ديناميكيات الفريق.
95% من المشاريع بلا نتائج
رغم تضاعف استخدام الذكاء الاصطناعي بين الموظفين الأميركيين خلال السنوات الأخيرة، تشير دراسة من MIT Media Lab إلى أن أقل من 10% من مشاريع الذكاء الاصطناعي تحقق مكاسب مالية حقيقية. بل إن 95% من المؤسسات لا تحصل على أي عائد يُذكر من استثماراتها في هذا المجال.
الخلل لا يكمن فقط في قدرات الذكاء الاصطناعي، بل في الطريقة التي تُفرض بها استخداماته داخل المؤسسات. التعليمات العامة التي تطالب باستخدام الذكاء الاصطناعي في كل المهام تشجع على سلوكيات سطحية، مثل النسخ واللصق، بدلًا من التفكير النقدي. ويوصي الباحثون بوضع ضوابط واضحة، وسير عمل مدروس، وقيادة نموذجية تُظهر الاستخدام الفعّال للتقنية.
هذا يعني تحديد المجالات التي يُسمح فيها باستخدام الذكاء الاصطناعي، مثل المسودات الأولية أو الملخصات الروتينية، مع ضرورة وجود مراجعة بشرية للمخرجات النهائية. وعندما يُظهر القادة استخدامًا انتقائيًا ومدروسًا للتقنية، يصبح الموظفون أكثر ميلًا لرؤية الذكاء الاصطناعي كأداة داعمة، لا كطريق مختصر.
ومع الحماس العالمي لتبني الذكاء الاصطناعي، يبدو أن التحدي الحقيقي لا يكمن في امتلاك التقنية، بل في فهم حدودها وتوظيفها بحكمة. فبدون مراجعة بشرية، قد يتحول الذكاء الاصطناعي من أداة للابتكار إلى مصدر للفوضى، ومن محفز للكفاءة إلى عبء مالي ونفسي على المؤسسات وفرق العمل.