13-سبتمبر-2021

وفرة اللقاحات في الدول الغنيّة تتيح فرصة طرح جرعة معززة ثالثة ضد كوفيد-19 (Getty)

ألتراصوت- فريق الترجمة 

أعلنت عدة دول حول العالم، من بينها الولايات المتحدة الأمريكية، عن عزمها إقرار برامج تطعيم وطنية موازية لتوفير جرعة معزّزة ثالثة من لقاحات كورونا للمواطنين، وذلك بعد عدة تقارير تتحدّث عن تراجع فعالية اللقاح بعد عدّة أشهر من الحصول عليه، وأن الجرعة الثالثة قد تكون ضرورية من أجل ضمان مستوى وقاية أفضل ضد كوفيد-19، خاصة مع استمرار تفشي نسخ متحورة جديدة من الفيروس، مثل المتحوّر دلتا، المسؤول عن غالبية الإصابات بعدوى كوفيد-19 في الولايات المتحدة حاليًا.

استهجنت منظمة الصحة العالمية وخبراء الصحة العامة خطط الدول المتقدمة لطرح جرعة معززة ثالثة لعموم المواطنين في حين لا تتوفر الجرعة الأولى لمئات الملايين من الناس حول العالم 

إلا أن منظمة الصحة العالمية وخبراء في الصحة العامة من مختلف دول العالم شجبوا هذه المخططات، ودعوا إلى إيقاف أي برامج لتقديم الجرعة الثالثة من اللقاحات للمواطنين، وتقديم الفائض من اللقاحات لدى الدول المتقدمة لصالح الدول الفقيرة وذات الدخل المنخفض، من أجل مساعدتها على التعامل مع الجائحة، عبر تزويد المواطنين في بقية دول العالم بالجرعات الأولى والثانية ورفع نسبة المحصنين ضد الفيروس فيها، بما يسهم بسدّ الفجوة بين الدول على هذا الصعيد.

اقرأ/ي أيضًا: الصحة العالمية: انعدام المساواة في توزيع لقاحات كورونا يرقى إلى الفضيحة

فقد دعا المدير العام لمنظمة الصحة العالمي، تيدروس غيبريسيوس، في مطلع آب/أغسطس الماضي، إلى تجميد برامج التطعيم بالجرعة المعزّزة من اللقاحات، وتخصيص الجرعات الفائضة للبلدان التي لم يتسنّ لها حتى الآن تقديم اللقاحات سوى لنسب محدودة من السكان. وأكّد غيبريسيوس إلى ضرورة "قلب الأوضاع بسرعة"، مشيرًا إلى أن ذلك لا يمكن أن يتحقق سوى بتوجيه فائض اللقاحات لدى الدول الغنيّة إلى الدول الفقيرة.

موضوع مثير للجدل

يتحدث الخبراء عن نقص كبير في اللقاحات على الصعيد العالمي، على الرغم من استمرار التهديد العالمي للجائحة، مع التفشي السريع لمتحور دلتا من فيروس كورونا الجديد، وهو ما يجعل من الصعب تقبّل توجّه الدول الغنية إلى إطلاق برامج لتقديم جرعة ثالثة دون وجود خطورة كبيرة على السكّان، في حين يموت الآلاف من الناس في دول أخرى بسبب عدم تلقي السكّان أي جرعة من اللقاح.

وبحسب الهيئات الطبية المختصة في الولايات المتحدة، فإن الأشخاص الذين يعانون من ضعف في المناعة يلزمهم الحصول على جرعة معزّزة ثالثة من لقاحات كورونا بعد مضي ثمانية أشهر على الأقل من تلقيهم الجرعة الثانية من اللقاح (فايزر أو موديرنا)، وذلك لأنه يلزمهم مستوى أعلى من الحماية بسبب أوضاعهم الصحية. ولا يعترض الخبراء ولا المختصون بعلم أخلاق الصحة العامة على ذلك، ويقرّون بإمكان تفهّم حصول هذه الفئة من السكان في الدول الغنية على الجرعة الثالثة. أما بالنسبة للأصحاء الذين لا يعانون من مشاكل مزمنة أو مشاكل في جهاز المناعة، فإن الأمر يثير العديد من الإشكالات الأخلاقية، لأنها ستكون على حساب حياة وصحّة ملايين الناس الذين ينتظرون جرعة أولى، ولاسيما أن الأبحاث العلمية لم تجزم بعد بضرورة الجرعة المعزّزة الثالثة من لقاحات كورونا لعموم الناس.

لا ضرورة للجرعة الثالثة؟

كشفت مجلة بوليتيكو الأمريكية اليوم أن اثنين من المسؤولين في هيئة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) قد أعربوا عن انتقاداتهم لتوجّه الإدارة الأمريكية للإعلان عن توفير جرعة معزّزة ثالثة لعموم الأمريكيين، حتى الأصحاء منهم، وأكّدوا، عبر ورقة بحثية نشرت اليوم الإثنين، 13 سبتمبر/أيلول، عدم توفر أدلة علمية كافية على ضرورة توفير جرعة ثالثة لعموم الأمريكيين، باستثناء الفئات المعرضة بشكل أكبر لمخاطر الوفاة أو المرض الشديد جراء كوفيد-19، مثل كبار السنّ أو الذين يعانون من مشاكل في جهاز المناعة.

تهدف معظم دول العالم حاليًا إلى الحدّ من وفيات كورونا (Getty)

وتمثّل خلاصة الدراسة الجديدة التي نشرت في مجلة "لانسيت" الشهيرة إحراجًا للإدارة الأمريكية، والتي كانت بانتظار مراجعة من لجنة خارجية كي يتم البدء بتوزيع الجرعة المعزّزة من لقاح فايزر-بيونتيك. وكان الباحثان اللذان وضعا الدراسة قد قررا التقاعد من هيئة الغذاء والدواء الأمريكية هذا الخريف، وقد أوضحا أن قرارهما يعود بشكل جزئي إلى استيائهما من التوجّه الرسمي السائد بشأن الجرعة الثالثة، والتي لا يتوفّر حتى الآن أدلة مقنعة بضرورة حصول الأصحاء عليها.

الهدف الحالي يجب أن يتوجّه نحو الحدّ من مخاطر الإصابة بمضاعفات شديدة جراء المرض أو الإدخال للمستشفى أو التعرض للوفاة، وليس الهدف القضاء على الفيروس بشكل كامل بين الناس.

وكان بعض الخبراء في هيئة مراكز الوقاية من الأمراض والوقاية منها (CDC) في الولايات المتحدة، قد عبروا في وقت سابق عن ملاحظات مماثلة بشأن مدى أهمية الجرعة الثالثة المعزّزة لعامة الناس، مشيرين إلى أن الإدارة الأمريكية قد تجاوزت رأي العلماء حين أعلنت عن خططها بشأن بدء توزيع الجرعة المعزّزة الثالثة اعتبارًا من 20 أيلول/سبتمبر الجاري، محذرين من الإقدام على ذلك دون توفّر ما يكفي من البيانات التي تؤكّد سلامة وضرورة ذلك، حيث إن الهدف الحالي يتعلق بالحدّ من مخاطر الإصابة بمضاعفات شديدة جراء المرض أو الإدخال للمستشفى أو التعرض للوفاة، وليس الهدف القضاء على الفيروس بشكل كامل بين الناس.

 

اقرأ/ي أيضًا: 

هل يحتاج ضعيف المناعة إلى جرعة معززة ثالثة من لقاحات كورونا؟

الصحة العالمية: انعدام المساواة في توزيع لقاحات كورونا يرقى إلى الفضيحة