13-يوليو-2018

يمثل دحام العنزي جوقة من المثقفين والصحفيين المحيطين بمحمد بن سلمان (تويتر)

دأب الصحفي السعودي دحام العنزي، على أن يكون صوتًا في جوقة التماهي مع نظام ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، وتطلعاته نحو عملية سلام في المنطقة تتم بتسوية قسرية تفرض على الفلسطينين، كما دأب على أن يكون أيضًا جزءًا من الأدوات التي يستخدمها الأمير المتهور، في التمهيد لتشريع العلاقات السعودية مع تل أبيب، ونقلها من السر إلى العلن، ومن غير الرسمي إلى الرسمي.

يتبنى دحام العنزي لهجة معروفة عربيًا في الترويج للتطبيع، كبوق يتبنى دعاية ابن سلمان ومشروعه التطبيعي بلا نقاش

يتبنى دحام العنزي لهجة معروفة عربيًا في الترويج للتطبيع، كبوق يتبنى سردية نظام ابن سلمان المعاصر و"التجديدي"، وسط الأصوات "العنيفة الإرهابية"، ابتداءً من إيران وحتى حماس وشعاراتهما التي "خدعت" على حد تعبير دحام، البسطاء بكلمات جوفاء، لا نية فيها لتحقيق السلام.

جندي الرياض لترويج التطبيع

وكتب دحام العنزي على الموقع الإلكتروني لصحيفة الخليج، مقالًا بعنوان "نعم لسفارة إسرائيلية في الرياض ولعلاقات طبيعية ضمن المبادرة السعودية". وادعى في المقالة التي أثارت جدلًا واسعًا، تبنيه لمبادرة أطلقها أحد أعضاء الكنيست الإسرائيلي ويدعى يوسى يونا، يدعو فيها رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، لقبول المبادرة العربية للسلام.

اقرأ/ي أيضًا: تطبيع أبوظبي والرياض مع إسرائيل.. اتهمْ قطر لتنجو بجريمتك!

ومن الواضح أن الصحفي السعودي يقرأ الأوضاع من منظور محمد بن سلمان، فهو ينطلق من أن إيران كعدو مشترك تجعل من "مصلحتنا"، على حد تعبيره، أن يقبل نتنياهو بمبادرة السلام العربية، وأنه يصب في صالحنا "كسعوديين" أن نقبل بعلاقات طبيعية مع إسرائيل. ويضيف بلغة ليست غريبة بالنسبة للمطلع على الإعلام السعودي في السنوات الأخيرة، أن المتاجرة بعداء إسرئيل هو أمر وضيع قام به "القومجية" وأصحاب الشعارات الفارغة. وأن "الجماعات الإرهابية"، وهو وصف فضفاض ومرن تحدده مخاصمات الرياض كل فترة، هي جماعات إرهابية خدعت البسطاء في الشارع العربي لرفعها شعارات المقاومة ضد إسرائيل.

أما الجزء المثير للانتباه في مقال العنزي، فهو حين صرح بوضوح، أنه "على نتنياهو أن يفعلها ويدعو الأمير الشاب الى إلقاء خطاب في الكنيست، ولا أعتقد أن صانع سلام مثل محمد بن سلمان سيتردد لحظة واحدة في قبول تلك الدعوة، إذا اقتنع أن هناك رغبة إسرائيلية حقيقية في السلام، ورأى شريكًا حقيقيًا يريد استقرار المنطقة وعودة الهدوء والسلام". وهي محاولة لإعادة إنتاج خطاب الرئيس المصري أنور السادات، عن فرص السلام التي يجب اغتنامها.

ويعترف الكاتب السعودي بشيء من التباهي، أنه خلال فترة إقامته في العاصمة الأمريكية واشنطن، تمتع بعلاقات طيبة مع إسرائيليين، فيما حاول تعزيز خطابه بعنصرية لافتة، حيث قال إنه يرى اليهود جنسًا أقرب للعرب من الفرس والترك.

جوهر الحكاية: سفارة سعودية في إسرائيل

ولعل جوهر مقال العنزي يرتكز على فقرته الأخيرة، التي يقول فيها صراحة: "سنفرح كثيرًا لرؤية سفارة إسرائيلية في الرياض وسفارة سعودية في عاصمة إسرائيل القدس الغربية. وكلي ثقة أن كثيرًا من السعوديين وأنا أحدهم سيسعدنا السفر إلى دولة إسرائيل والسياحة هناك ورؤية الماء والخضرة والوجه الحسن. كنت قد تمنيت أن يحدث ذلك من عدة سنوات وذكرت في كثير من المقالات والمقابلات التلفزيونية أن السعوديين صناع سلام ولا يحملون أي عداء أو كره لإسرائيل وشعبها، بل إنه يشرفني ويسعدني أن أكون أول سفير لبلادي في إسرائيل، وأن يرفرف علم بلادي هناك ويرفرف علم إسرائيل في الرياض، وأن نعيش بسلام ومحبة ونتعاون لصناعة حياة أفضل للشعبين. افعلها يا نتنياهو إذا أردت السلام ولن يخذلك محمد بن سلمان".

اقرأ/ي أيضًا: تطبيع رعاة الإرهاب.. إسرائيل والسعودية على مائدة استخبارية واحدة

يريد إذن العنزي أن تكون هناك علاقات رسمية مع إسرائيل، ويريد لهذا "الإنجاز" أن يتم على يد المجدد الأمير الصغير بن سلمان، وهو أمر تحاول السعودية أن تصل به إلى السطح بما استطاعت من التمهيد، متجنبة الغضب الشعبي ضد التطبيع الرسمي، رغم أن التطبيع غير الرسمي جارِ على قدم وساق، على عدة مستويات، بدءًا بالسماح لرحلات الطيران بين الهند وإسرائيل بالعبور فوق السعودية، الأمر الذي منح إسرائيل شكلاً جديدًا للسماء على حد تعبير أحد المسؤولين الإسرائيليين، كما وفر مزيدًا من الوقت على من يسافر في رحلة من الجانبين. هذا فضلًا عن تصريح ابن سلمان الأبرز عن أن للإسرائيلين الحق في العيش بسلام، وهو تصريح ورد على لسانه في مقابلة أجراها مع صحيفة ذا اتلانيتك حين حاوره الصحفي جيفري جولدبيرج، الذي عمل في الجيش الاسرائيلي، ويعتنق فكر هرتزل المبشر بالصهيونية.

يريد إذن العنزي أن تكون هناك علاقات رسمية مع إسرائيل، ويريد لهذا "الإنجاز" أن يتم على يد المجدد الأمير الصغير بن سلمان

يمثل العنزي من خلال مقاله تيارًا سعوديًا من المثقفين المحرضين على التطبيع الرسمي، الذي تتخذ السلطات في السعودية والإمارات والبحرين، خطوات واسعة من أجل تحقيقه. أما الرفض الشعبي في السعودية، فيتم تهميشه بشكل كامل من خلال جوقة هؤلاء المثقفين وأصواتهم العالية، على الرغم من التعامل معه بحذر حتى الآن، مع إنجاز مشروعات حيوية مع سلطات الاحتلال الإسرائيلي من فترة لأخرى، للبقاء على الطريق نحو رفع العلم الإسرائيلي، القريب على ما يبدو، في الرياض.

 

اقرأ/ي أيضًا:

السعودية تستأنف رحلة تطبيعها الكامل مع إسرائيل.. تل أبيب محبوبة "العرب"!

مشروع "نيوم".. ذريعة ابن سلمان لإعلان تطبيع العلاقات مع إسرائيل