11-مايو-2020

أذاقت الجزائر ألمانيا الغربية هزيمة مهينة في مونديال 1982 (Getty)

لطالما اشتهرت بطولة كأس العالم لكرة القدم بكونها سقف طموحات أي منتخب، وكم من لاعب يطمح بلحظة يلمس فيها الكأس الذهبيّة ولو لمرّة في تاريخه، لحظةٌ يودّ أن يستبدلها بكلّ مسيرته الكروية الأسطورية، هذه البطولة التي بدأت قبل 90 عامًا، وتحديدًا في سنة 1930، شهدت نسخها الـ21 العديد من الأحداث المفصليّة، والتي كانت سببًا في تتويج البعض بالبطولة وحرمان الآخر من تحقيق ذلك.

 كارل هاينز رومينيغيه قبل هزيمة ألمانيا الغربية مع الجزائر "سأحرز العديد من الأهداف وأهدي هدفاً لزوجتي وآخر لكلبي"

 أبرز هذه الوقائع شكّل عنصر المفاجأة عاملًا رئيسيًّا بها، وهو الأمر الذي تسبّب بكتابة تاريخ كأس العالم، والذي نقرأه وفق هيئته الحاليّة، إليكم أبرز عشر مفاجآت مدوّية حدثت في تاريخ كأس العالم منذ نشأته، ونصنّف المفاجآت هنا وفقًا للترتيب الزمني من الأحدث للأقدم.

1- مونديال 2018، كوريا الجنوبية تقصي حامل اللقب من البطولة:

دخلت ألمانيا كأس العالم 2018 كأحد أبرز المرشّحين لنيل اللقب، هي حاملة لقب النسخة السابقة، وما زالت الدكّة تزخر بكوكبة من النجوم الأفضل في العالم، لكنّ الماكينات خسروا  أمام المكسيك في الجولة الأولى، وحققوا انتصارًا بشق الأنفس في الجولة الثانية على السويد، كان عليهم تحقيق الفوز على كوريا الجنوبية كي يضمنوا تواجدهم في الأدوار الاقصائيّة، من حسن حظّ الألمان أن خصمهم الكوري لا ناقة له بالمباراة ولا جمل، هو الوحيد في المجموعة الذي فقد آماله بشكل مؤكّد في أن ينافس على إحدى البطاقتين المؤهّلتين لدور الستة عشر، هكذا ظنّ رفاق توني كروس، لكنّ الكوري سون هيوغ مين ورفاقه ردّوا عليه بطريقة لن ينساها حامل لقب المونديال أربع مرّات، انتصرت كوريا على ألمانيا بهدفين دون رد، أتيا في الأنفاس الأخيرة من المباراة، ليقصي الشمشون الآسيوي بطل العالم من الدور الأوّل، وتحدث أبرز مفاجآت مونديال روسيا.

2- مونديال 2002، السنغال تطيح بفرنسا بطلة أوروبا والعالم:

دخلت فرنسا حاملة لقب مونديال 1998 ويورو 2000 كأحد أبرز المرشّحين لنيل المونديال الآسيوي2002، كيف لا وهي تملك تشكيلة مدجّجة بالنجوم أمثال زين الدين زيدان وتريزغيه وتيري هنري، والقائمة تطول.. وفي مباراتها الافتتاحية بالمجموعة الأولى من كأس العالم 2002، صُعق أبطال العالم أمام فريق مغمور اسمه السنغال، الأخير يشارك للمرّة الأولى في تاريخه بالمونديال، بقيادة الفرنسي الراحل برونو ميتسو، حيث انتصر الضيف الأفريقي الجديد على الديوك بهدف لبابا ديوب، سبّبت هذه الهزيمة صدمة كبرى لفرنسا، والتي خرجت من الدور الأوّل دون أن تسجّل أي هدف في دور المجموعات، فتعادلت مع الأوروغواي دون أهداف، وهُزمت أمام الدانمارك بهدفين.

3- فضيحة تحكيمية في مونديال 2002، كوريا تطرد إيطاليا من البطولة:

حرمت ركلات الترجيح إيطاليا من استكمال مشوارها في المونديال في ثلاث نسخ متتالية قبل مونديال 2002، حيث أقصت فرنسا الطليان بركلات الترجيح من الدور ربع النهائي في 1998، وخسرت إيطاليا نهائي 1994 بركلات الترجيح، وهُزم الطليان أمام الأرجنتين في نصف نهائي مونديال 1990 بركلات النحس تلك، أرادت إيطاليا أن تكسر النحس الذي لازمها في المونديال، عن طريق التتويج بكأس العالم في القارّة الصفراء، لكنّ طموحاتها اصطدمت بأكبر مفاجآت البطولة، والتي ساهمت  في إحداثها الفضائح التحكيمية.

شكّلت مباراة كوريا الجنوبية وإيطاليا في دور الـ16 جرحاً لن ينساه الإيطاليّون، فوقع الآزوري حينها ضحيّة لإحدى أسوأ الفضائح التحكيمية على الإطلاق، إذ ألغى الحكم الإكوادوري بايرون مورينو هدفين لإيطاليا، وحرم فرانشيسكو توتي من ركلة جزاء، وأعطاه بدلاً عنها بطاقة حمراء، كذلك منح أصحاب الأرض ركلة جزاء تصدّى لها الحارس بوفون بنجاح، ومع ذلك قدّم الطليان أداءً جيّداً وتقدّموا بهدف لكريستيان فييري، وقبل نهاية المباراة بلحظات سجّل أصحاب الأرض هدف التعادل، فلجأ الفريقان لأوقات إضافية، وقبل الاحتكام لركلات الترجيح بثلاث دقائق، سجّل آن جونغ هوان برأسه الهدف الذهبي الذي شكّل حينها أكبر عقوبة في تاريخ كرة القدم، لتحدث المفاجأة الكبرى، وتطيح صاحبة الضيافة بإيطاليا خارج المونديال.

بعد هذه الفضيحة التحكيمية، لم يولّ الفيفا الحكم الإكوادوري مورينو قيادة أي مباراة دولية، كذلك وضع الحكم الكثير من علامات الاستفهام بسبب أداءه في الدوري المحلي عقب المونديال، فعوقب بالإيقاف لمدّة 20 مباراة، وبعد سنوات من اعتزاله التحكيم بانت حقيقة تمتّع مورينو بالأخلاق التي تتيح له قيادة مباريات كأس العالم من عدمها، حيث قُبض عليه في مطار جون كينيدي بنيويورك عام 2010، وهو يحاول تهريب ستة كيلو غرام من المخدّرات، خبّأ هذه الكمّية من الهيروين داخل بنطاله.

اقرأ/ي أيضًا: كأس العالم 1934.. حضور مصري مشرّف وإيطاليا الفاشية تنتصر

4- مونديال 1990، الكاميرون تُغضب الشعب الأرجنتيني:

حازت الأرجنتين على لقب مونديال المكسيك عام 1986، ودخلت مونديال إيطاليا بنوايا الظفر باللقب الثالث في مسيرتها، جمع اللقاء الافتتاحي  بالمونديال في ملعب سان سيرو الأرجنتين مع الكاميرون، قبل المباراة ذهب لاعبو الكاميرون إلى قاعة الإحماء، فوصل بعدهم مارادونا ورفاقه، ووفقاً لرواية حارس الكاميرون توماس نكونو "بدأوا ينهروننا وطلبوا منّا الرحيل، وبدأوا بالغناء، لكنّنا غنّينا بصوت أعلى من صوتهم، ففضّلوا حينها ترك الصالة، أعتقد أننا تفوّقنا عليهم ذهنيّاً من تلك اللحظة".

شجّع أغلب جماهير سان سيرو فريق الكاميرون في هذه المباراة، لأن نجم الأرجنتين مارادونا حرم فريقهم إي سي ميلان من إحراز لقب الدوري الإيطالي لصالح نابّولي قبل كأس العالم بأسابيع، وحققت الكاميرون في هذا اللقاء المفاجأة الكبرى عندما غلبت الأرجنتين بهدف، خسارةٌ قلبت حسابات المدرب الخاسر كارلوس بيلاردو وأثّرت بعموم الشعب الأرجنتيني، يقول بيلاردو "بعد الخسارة أمام الكاميرون اتصل بي الجميع ليرشدني بما علي أن أقوم به، هاتفني الرئيس كارلوس منعم واثنين من الرؤساء السابقين، وكذلك زعيم المعارضة"، ساهمت هذه الصدمة بصحوة الأرجنتين في المباريات التالية، ونجحت بالوصول إلى المباراة النهائية التي خسرتها أمام ألمانيا الغربية بهدف وحيد.

5- مونديال 1982، الجزائر تهين ألمانيا الغربية:

استضافت خيخون الإسبانية مباريات المجموعة الثانية، والتي ضمّت ألمانيا الغربية والجزائر والنمسا وتشيلي، بدأت القصّة قبل المباراة الافتتاحية في المجموعة بين ألمانيا الغربية بطلة العالم مرّتين والجزائر الوافدة الجديدة في المونديال، جعل الألمانيون فريق الجزائر محلّ سخرية لهم، ووعدوا الجماهير بتمزيق الشباك الجزائريّة من كثرة الأهداف التي ستنالها، فقال نجم ألمانيا كارل هاينز رومينيغيه "سأحرز العديد من الأهداف وأهدي هدفاً لزوجتي وآخر لكلبي"، ووعد المدرّب يوب ديرفال جماهيره بتسجيل أكبر فوز لفريقه بتاريخ كأس العالم، فيما تعهّد بول برايتنر بحلاقة ذقنه التي اشتهر بها إن خسر فريقه أمام الجزائر، لكنّ محاربي الصحراء صعقوا أبطال العالم مرتين، وكسروا كبرياءهم وأهانوا جبروتهم، عندما غلبوهم في هذه المباراة 2-1، أدى ذلك لاحقًا لما يعرف بفضيحة خيخون، حينما تآمرت ألمانيا الغربية مع النمسا كي يحرمان الجزائر من بلوغ الدور الثاني للمرّة الأولى في تاريخها، ومنذ تلك اللحظة قرر الفيفا إقامة مباريات الجولة الثالثة من الدور الأول في وقت واحد منعاً للغش والتلاعب بين الفرق.

6- مونديال 1974، ألمانيا الشرقيّة تهزم شقيقتها في عقر دارها:

شاءت الأقدار أن يلتقي شطرا ألمانيا في مواجهة تحدد متصدّر المجموعة، ومن المفارقات أن الفريق المتصدّر سيذهب إلى مجموعة الموت في الدور المقبل من مونديال 1974، والتي تضمّ كلّاً من البرازيل وهولندا والأرجنتين، ورغم ذلك دخل الفريقان المباراة التي أقيمت في هامبورغ بجدّية كبيرة، فاللقاء بطولة بحدّ ذاته، كلّ فريق يمثّل معسكره الخاص، شرقي اشتراكي، أو غربي رأسمالي، سمّوها إن شئتم إحدى معارك الحرب الباردة، بالعموم،  مالت الترشيحات كافّة لألمانيا الغربية، فهي صاحبة الأرض التي حملت كأس العالم سابقاً، وهي بطلة أوروبا في النسخة السابقة 1972، بينما وصل لاعبو ألمانيا الشرقية إلى كأس العالم لأول مرّة في تاريخهم.

كانت مباراة الأشقّاء شديدة الحساسيّة، فحاول أصحاب الأرض افتتاح النتيجة مبكّراً، لكن محاولاتهم فشلت جميعها، وقبل نهاية المباراة بـ15 دقيقة بادر الفريق الأضعف بتسجيل هدف اللقاء الوحيد، عبر يورغن سبارفاسر، وهو اللاعب الذي يعمل في الشطر الشرقي بصناعة السيارات، يقول سبارفاسر" إذا كُتب على قبري يوماً ما عبارة هامبورغ 74، سيعرف الجميع من الموجود بداخله"، ورغم أن هذه الخسارة خدمت أصحاب الأرض الذين تجنّبوا الوصول إلى مجموعة الموت في الدور القادم، إلا أنها شكّلت آثاراً نفسيّة جسيمة على مدرّب الفريق هيلموت شون، والذي أصيب بعد هذه الخسارة باكتئاب حاد، فشعر الاتحاد الألماني أن المدرب صار أكثر انطوائية بعد الهزيمة التاريخية، عندها زاد من صلاحية مساعده وقائد الفريق حتى يعود إلى حالته النفسية السليمة تدريجيّاً، وهو ما حدث بعد ذلك بأيام قليلة.

7- العار يلحق بالطليان في مونديال 1966:

لم يكن أمام كوريا الشمالية سوى الفوز على إيطاليا كي تتأهل إلى دور الربع النهائي من مونديال 1966، ولكن الفوز هذه المرة بعيد جدّاً عن قاموس العقل والمنطق، لأن العملاق الإيطالي يتقاضى لاعبوه أعلى الرواتب، وتتربّع أنديته على عرش بطولات القارّة العجوز آنذاك، بالمقابل أكّدت الصحافة البريطانية أن بعض لاعبي كوريا الشمالية كانوا يتسوّلون في شوارع ميدلزبره التي احتضنت مباريات فريقهم،  وكان مدرّب كوريا الشمالية لا يعرف شيئا عن خصومه قبل المونديال، وبعد أن شاهد فريق إيطاليا يلعب أمام السوفييت وتشيلي صرّح أمام الصحافيين،" لقد خيّبت إيطاليا آمالنا، لهذا السبب سيكون بإمكاننا الفوز عليها بسهولة".

بعد إطلاق صافرة المباراة الحاسمة بين الفريقين بـ33 دقيقة، أصيب قائد إيطاليا بولجاريللي فخرج من الملعب، وبات الآزوري يلعب ناقص الصفوف أمام الفريق الأحمر، إذ لم يكن نظام التبديل معمولًا به حينها،  وهنا تراجع الطليان للخلف وخففوا من حدّة هجماتهم، قبل أن يأتي لاعبٌ نحيل وضعيف البنية كزملائه، اسمه باك دو إيك ويسدد قذيفة في شباك أبطال العالم مرّتين في الدقيقة 41، وهو هدف استمرّت عليه نتيجة اللقاء التي خرجت على إثرها إيطاليا من الدور الأول، وأثّرت هذه النتيجة كثيرًا على الأجواء المحلّية في إيطاليا، حيث عقد البرلمان جلسة ناقش بها الآثار النفسية التي ألمت بالشعب الإيطالي بسبب الخروج المبكر لبلادهم من المونديال، أمام فريق اسمه كوريا الشمالية، ورمى الشعب الإيطالي الطماطم العفنة والبيض على بعثة الفريق أثناء العودة إلى الوطن.

ما زال متحف مدينة ميدلزبره يحتفظ بإحدى تذاكر مباراة إيطاليا وكوريا 

بينما حظي الفريق الكوري بإعجاب شديد من الإنجليز، وبشكل أخص مدينة ميدليزبره التي يرتدي فريقها المحلّي اللون الأحمر المشابه لقمصان الكوريين، فكان التعاطف كبيراً مع هذه الضيف الذي تابع المشجعون عادات لاعبيه وطرق احترامهم للغرباء، ولم تكتفِ مدينة ميدلزبره بذلك فحسب، فبعد هدم الملعب وإنشاء مجمّعات سكنيّة بدلاً عنه، تمّ الاحتفاظ داخل هذه المجمّعات ببصمة لحذاء مصبوب بالبرونز، وهذه البصمة تشير إلى المكان الذي سدد منه باك دو إيك هدف الفوز التاريخي على إيطاليا.

8- مونديال 1954، معجزة بيرن:

واجهت ألمانيا الغربيّة في المباراة النهائيّة لمونديال 1954 فريق المجر المدجّج بالنجوم، كلّ المؤشّرات تدلّ على فوز رفاق بوشكاش بالمباراة النهائية، سيّما وأن الفريقان التقيا بالدور الأوّل من البطولة نفسها، وهُزمت ألمانيا بثمانية أهداف لثلاثة، لكنّ المدرّب الألماني سيب هيربرغر رفض الاستسلام، وأطلق تصريحات أمام لاعبيه بقيت تُكرر حتى وقتنا الحالي، فهو أوّل من قال "الكرة مدوّرة"، و "المباراة تستمرّ لمدة 90 دقيقة"، ويعني بذلك أن لا مستحيل في كرة القدم، في وقت أعدّ به المجريون العدّة للاحتفال باللقب الحتمي في نظرهم، حيث حضّر الوفد المجري بسويسرا حفل استقبال للاعبين والمسؤولين الكبار والصحافيين كي يتم في اليوم التالي بعد المباراة النهائيّة، بينما تم إصدار طوابع بريدية خاصة بفوز المجريين بكأس العالم، وبدأ المسؤولون المجريون بالتحضير لتدشين تمثال ضخم للاعبي المنتخب، لكنهم نسوا أن "الكرة مدوّرة".

تقدّم المجريون بهدفين في أوّل ثمان دقائق، وبدا للكثيرين أن سيناريو الدور الأوّل سيتكرّر، لم ييأس الألمان، فقال أحد اللاعبين للقائد فريتز فالتر والدموع في عينيه "لا يهم"، كما نظر شقيق فريتز فالتر أوتمار فالتر، وقال له "فريتز، استمر في العطاء، نستطيع أن نقلب الأمور إلى مصلحتنا"، كان قائد فريق ألمانيا الغربية فريتز فالتر أحد مئات آلاف الشبّان الألمان الذين قبعوا في السجون ومعسكرات الاعتقال بأوروبا عقب سقوط الرايخ الثالث في الحرب العالمية الثانية، ولكن القدر وكرة القدم أنقذا هذا الشاب، فكان على وشك أن يفارق الحياة في إحدى معسكرات الاعتقال بصربيا، قبل أن يخوض مباراة كرة قدم مع فريق من الجنود الروس، فأنقذت هذه اللعبة حياته عندما اكتشف السجّانون موهبته الخارقة، ودارت الأيام وأصبح فريتز فالتر قائداً لفريق يصل إلى المباراة النهائية، هو يعلم جيّداً أن كرة القدم التي أنقذت حياته تستطيع أن تنتشل شعباً مقهوراً وتزرع السعادة على وجهه.

لم تصدّق الصحافة الإنجليزية خبر خسارة بلادها أمام أمريكا 1-0، فاعتقدت أن هنالك خطأ مطبعي بالبريد وأعلنت على صفحاتها فوز إنجلترا 1-0.

بالفعل سجّل مورلوك هدف تقليص الفارق بالدقيقة 10، واستطاع ران أن يعدّل النتيجة بعد ذلك بثماني دقائق، وانتهى الشوط الأول بالتعادل الإيجابي 2-2، ومع بداية الشوط الثاني انهمرت الأمطار وامتلأت أرضية الملعب بالمياه، فأتى مفعول أحذية آدولف داسلر الذي أسس شركة أديداس، ولم يستطع لاعبو المجر أن يظهروا فنيّاتهم أمام ذلك الطقس الرديء، والذي بات يُعرف بعالم كرة القدم في المباريات التي تحظى بطقس مماثل باسم "طقس فريتز فالتر".

اقرأ/ي أيضًا:  قصة كأس العالم 1938.. النجاة من مقصلة موسوليني

أصبحت المباراة سجالاً بين الفريقين، وأنقذ حارس ألمانيا الغربية مرماه من أهداف محققة، وفعلت العارضة الألمانية ما فعله الحارس أيضاً، إذ كان معلّق المباراة الألماني هيربرت زيمرمان  وهو الضابط النازي السابق، ينقل وقائع المباراة إلى أن وصل اللقاء للدقيقة 84، وسنحت لران كرة سددها بقوّة على يمين حارس المجر، عندها صرخ المعلّق هيربرت زيمرمان "ران سجّل هدفاً ،هدف، هدف، هدف، هدف " وصمت لمدة ثماني ثواني كي يستوعب الصدمة، وبعد ذلك صرخ بأعلى صوته " هدف لألمانيا، ألمانيا متقدّمة 3-2، انعتوني بالأحمق، انعتوني بالمجنون"، ما زال الشعب الألماني يذكر حتى الآن بشغف حروف المعلّق المرتجفة التي قالت هذه الكلمات، وتعتبر كلمات هيربرت زيمرمان هذه إحدى أكثر المقولات الخالدة في تعليق كرة القدم.

بعد الهدف كثّف المجريون ضغطهم على مرمى الألمان، فسجّل بوشكاش هدفاً ألغاه الحكم بداعي التسلل، وتألق الحارس الألماني في الذود عن مرماه، إلى أن أعلن الحكم نهاية المباراة وفوز ألمانيا الغربية بكأس العالم بتغلّبها على الفريق المجري الذي لا يُقهر 3-2، فصرخ المعلّق زيميرمان "انتهت، انتهت، انتهت المباراة..! ألمانيا بطلة للعالم بفوزها على المجر 3-2 في النهائي في بيرن، لقد تمّت المعجزة".

9- مونديال 1950 أمريكا تفضح كبرياء الإنجليز الواهم:

لم يسبق أن شاركت إنجلترا في كأس العالم طيلة النسخ الثلاث السابقة، ظنًّا منها أنها مهد كرة القدم، وأنّها أرقى من أن تخوض غمار بطولات كهذه، هي أمّ كرة القدم وأبوها، وبإمكان نجومها المعروفين عالميًّا الظفر بأي بطولة على سطح الأرض، وعلى سبيل المقاربة، البطولة في إنجلترا حينها تشبه الآن الدوري الأمريكي لمحترفي كرة السلّة NBA من ناحية القوّة، وباقي البطولات المحلّية لكرة السلّة في العالم، هكذا سرى ظنّ مشابه للكرة الإنجليزية آنذاك، لكنّ عودة المونديال بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، والتحالفات الدولية التي نتجت عن الحرب، والرغبة في عودة الحياة إلى الكوكب المحترق، كل ذلك إضافة إلى أسباب رياضيّة، حتّم على إنجلترا النزول من برجها العاجي المزعوم، وخوض منافسات كأس العالم مع الآخرين "الأقل شأنًا".

ظن الجميع أن الإنجليز سيكتسحون كافة الخصوم في مشاركتهم الأولى بكأس العالم، وبالفعل بدأ زملاء ستانلي ماثيوس البطولة بفوز مستحق على تشيلي2-0، وفي الجولة الثانية حدثت أبرز مفاجأة في تاريخ البطولة، إذ صعقت أميركا الإنجليز وغلبتهم من فرصة وحيدة بهدف، على الرغم من عشرات الفرص المحققة التي أضاعها الإنجليز، وهنا كُسر كبريائهم ولم تصدّق الصحافة البريطانية ما حدث بالبرازيل، حيث أعلنت فوز بلادها بهدف وحيد وظنّت أن فوز أميركا خطأ مطبعي لا أكثر، لم يستفق الإنجليز من صدمتهم وخسروا أمام إسبانيا بالجولة الثالثة، وودّعوا البطولة يجرّون أذيال الخيبة.

10- كارثة الماراكانازو في مونديال 1950:

نصّ نظام مونديال 1950 على وضع أبطال المجموعات الأربع في مجموعة البطولة، ويلعبوا معًا بنظام دوري، ليظفر المتصدّر باللقب، لكنّ الظروف جعلت المباراة الختامية بمثابة مباراة نهائيّة، البرازيل يكفيها التعادل كي تنال المونديال الأوّل في تاريخها، بينما يتوجّب على الأوروغواي الفوز لا غير كي تحمل الكأس للمرّة الثانية في تاريخها، كلّ الظروف تشير إلى استحالة تحقيق الأوروغواي هذا الانتصار لأسباب عديدة، هناك عشرات الآلاف من المؤازرين في ريو دي جينيرو بملعب الماراكانا الشهير في البرازيل، إضافة إلى المنتخب البرازيلي الذي لا يُقهر، لقد اكتسح في مجموعة البطولة كلّا من إسبانيا 6-1، والسويد 7-1، بينما عادت الأوروغواي بنقطة التعادل بعد تأخّرها أمام إسبانيا بهدفين، وقلبت هزيمتها أمام السويد بهدفين إلى انتصار بالثلاثة، الفريق نفسه سيواجه نجومًا سحقوا هذه الفرق بنتائج تاريخيّة.

مسجّل هدف الأوروغواي القاتل:"كان يستحيل إسكات جماهير الماراكانا وإجبارها على الصمت بإشارة واحدة، لن يقدر على إسكاتهم إلا ثلاثة أشخاص هم فرانك سيناترا والبابا يوحنّا بولس الثاني وأنا" 

صمدت الأوروغواي أمام 200 الف متفرّج احتشدوا في ملعب الماراكانا، انتهى الشوط الأوّل دون أهداف رغم وجود 17 محاولة خطرة لأصحاب الأرض، بات القلق ينتاب قلوب البرازيليين، ومع ذلك لم تبخل حناجرهم في التشجيع قط، وما هي إلا دقيقتان حتى استطاع المهاجم البرازيلي فرياكا أن يفك شيفرة دفاعات الأوروغواي من تسديدة قويّة أفرحت أكثر من 50 مليون برازيلي، وهنا احتفلت جماهير الملعب بالنصر وكأن المباراة انتهت، صاح قائد الأوروغواي أبدوليو فاليرا على زملائه "إما ننتصر هنا وإما سيقتلوننا"، وسرعان ما راوغ الأورغوياني جيجيا مدافع البرازيل ومرر كرة ساحرة لشيافينيو الذي أودع الكرة في شباك الحارس باربوسا محققاً هدف التعادل.

لم يعكّر هدف التعادل صفو جماهير الماراكانا التي تعلم جيّداً أن نتيجة 1-1 تجعلهم أبطال العالم، فاستمرّوا بالاحتفال باللقب الأول، وزادت البرازيل ضغطها على دفاعات الخصم قبل أن تحدث الفاجعة، فقبل 11 دقيقة من نهاية المباراة وفي تكرار لسيناريو الهدف الأول توغّل جيجيا خاصرة البرازيل ووجد شيافيو كي يمنحه الكرة، فتذكر الحارس باربوسا لقطة الهدف الاول وتقدم تجاه شيافيو كي يسبقه إليها، لكن جيجيا غيّر رأيه وقرر تسديدها مباشرة على المرمى، وكانت هي تسديدته الأولى في المباراة، يقول جيجيا "رأيت شيافيو قادماً من الخلف، ومنتظراً تمريرة مشابهة لتمريرة الهدف الأول، واعتقد باربوسا الأمر ذاته وحاول التقدّم وقطع الكرة، ولكنني سددت مباشرة إلى المرمى".  

سبّب نهائي الماراكانا كارثة قومية للبرازيل، عرفت باسم ماراكانازو، ويوضح رئيس الفيفا جول ريميه مدى فداحة المأساة التي ألمت بالبرازيل آنذاك حينما ذكر الوقائع التي عاصرها، "اقتربت المباراة على الانتهاء، فذهبت لأتفحّص مكبّرات الصوت، وتوجّهت لغرفة الملابس مبتعداً عن صخب أصوات الجماهير، وأنا أعود إلى الملعب حدث صمت مفاجئ، توقفت الأهازيج الوطنية والموسيقى الصاخبة، أحسست بالعزلة والوحدة وسط الكم الهائل من الجماهير، والكل يتدافع من حولي وأنا أحمل الكأس تحت إبطي، لحسن الحظ عثرت على كابتن الأوروغواي وسلمت له الكأس خفية".

المشهد المهيب أثر بلاعبي الأوروغواي أنفسهم، إذ يقول شيافيو الذي سجّل هدف بلاده الأول، " لقد بكيت أكثر من البرازيليين أنفسهم وآلمني مظهر الألم الذي عصف بهم، وعندما كنّا ننتظر تسلّم الكأس الغالية، لم أستطع تمالك نفسي واندفعت محو مستودع الملابس، لقد انتابتنا جميعاً أحاسيس جيّاشة بعد ذلك النزال"، كما شرح قاتل أحلام البرازيليين "جيجيا" شعوره خلال المباراة وبعدها عندما قال، "كان يستحيل إسكات جماهير الماراكانا وإجبارها على الصمت بإشارة واحدة، لن يقدر على إسكاتهم إلا ثلاثة أشخاص هم فرانك سيناترا والبابا يوحنّا بولس الثاني وأنا"، وأضاف "لم أشاهد في حياتي حزنًا شبيهًا بذلك الذي أطبق على الشعب البرازيلي بعد تلك الهزيمة، لقد أحسست حينها بالقشعريرة".

اقرأ/ي أيضًا:

ولادة قيصرية لكأس العالم ونهاية مأساوية لكأس جول ريميه

قصة كأس العالم 1962.. معركة سانتياغو