28-فبراير-2018

يبدو أن الحرب لا تزال طويلة بين كونتي ومورينيو (جون بتيرز/Getty)

توجهت الأنظار كلها مساء الأحد الفائت، لمتابعة قمة مانشستر يونايتد ضد تشيلسي، في المرحلة الـ28 من الدوري الإنكليزي الممتاز. قمة الأولد ترافورد هي الخامسة بين مدربي الفريقين، البرتغالي جوزيه مورينيو والإيطالي أنطونيو كونتي، منذ توليهما تدريب مانشستر يونايتيد وتشيلسي على التوالي، ابتداءً من صيف 2016، حيث فاز كونتي ثلاث مرات، بينما فاز مورينيو مرة واحدة.

سلك مورنيو وكونتي طريقين مختلفين تماماً قبل أن يصلا إلى تدريب فريقين بعراقة وجودة مانشستر يونايتيد وتشيلسي

يدرك مورينيو أن آماله في الظفر بلقب الدوري تتلاشى شيئاً فشيئًا، لصالح مانشستر سيتي الذي يقدم موسماً مذهلاً تحت قيادة بيب غوارديولا، في الوقت الذي بات فيه الحصول على مقعد في دوري أبطال أوروبا في العام القادم هو أقصى أحلام كونتي مع تشيلسي، بعد الكم الكبير من النقاط المهدورة خلال الموسم.

غياب دافعية المنافسة على اللقب لم يخفف أبداً من حدة المباراة، التي انتظرها عشاق الفريقين منذ فترة، خاصةً بعد الخلاف الحاد وغير المسبوق بين مدربي الفريقين. بالتالي، فإن كل مدرب سيفعل كل ما بوسعه لتجنب الخسارة التي سيكون أثرها المعنوي والنفسي أكبر بكثير من تأثيرها على ترتيب الدوري. المسألة ليست مسألة ثلاثة نقاط وحسب. هي مباراة خاصة بين مورينيو وكونتي.

اقرأ/ي أيضًا: أنطونيو كونتي وتشيلسي: غرام وانتقام

سلك مورينيو وكونتي طريقين مختلفين تماماً قبل أن يصلا إلى تدريب فريقين بعراقة وجودة مانشستر يونايتيد وتشيلسي، وهما الفريقان الأكثر تتويجاً بالدوري الممتاز في القرن الحالي.

أنطونيو كونتي يُعتبر من أفضل لاعبي الوسط في تاريخ يوفنتوس والمنتخب الإيطالي. وقد رفع كأس دوري أبطال أوروبا 1996 بصفته كابتن اليوفي يومها. بدأ مسيرته التدريبية عام 2006 مع أريزو في الدرجة الثانية، وانتظر حتى العام 2011 ليعود الى يوفنتوس مدرباً هذه المرة، فقاد الفريق إلى تحقيق لقب الدوري بعد غياب طويل. وأعاد الفريق في السنوات اللاحقة الى السيطرة على الكرة الإيطالية، لكنه عجز عن التتويج باللقب الأوروبي، الغائب عن خزائن النادي منذ 1996.

خرج أنطونيو كونتي من اليوفي من الباب الضيق، خاصة بعد الخلاف الذي حصل بينه وبين أليكساندرو ديل بييرو، معبود جماهير السيدة العجوز. ثم كانت له تجربة قصيرة مع المنتخب الإيطالي قاد من خلالها الأدزوري إلى ربع نهائي يورو 2016، حيث لاقى الأداء الإيطالي استحساناً من الجميع. قرر كونتي أخذ إجازة طويلة بعد اليورو من التدريب، لكن مالك تشيلسي رومان ابراموفيتش نجح في حمله على تغيير رأيه، والقدوم إلى ستامفورد بريدج.

رغم الاختلاف في طريقة تكوينهما، فإن نقاط كثيرة تجمع كونتي ومورينيو، فكلاهما يفضل اللعب الدفاعي والاعتماد على المرتدات السريعة، يمتلكان شخصية قوية وكاريزما خاصة

في المقابل، لا يمتلك جوزيه مورينو سيرة ذاتية برّاقة كلاعب لكرة القدم. كان والده لاعباً ومدرباً فأراد السير على خطاه. لعب تحت قيادة والده في فريق للهواة، لكنه لم ينجح في إيجاد مكان له مع لاعبي الدرجة الأولى. بداية متعثرة ومحبطة بكل تأكيد. لم يستسلم جوزيه مورينيو وانتظر فرصته، استفاد من إتقانه اللغة الإنجليزية وعمل مترجماً للإنكليزي بوبي روبسون الذي درّب سبورتنغ لشبونة في العام 1993. تعلم مورينيو أبجديات التدريب من روبسون، وثق به بوبي فأخذه معه إلى برشلونة وأصبح مع الوقت جزءاً من الفريق الفني في برشلونة.

اقرأ/ي أيضًا: أرسين فينغر وأرسنال.. الحب المستحيل

في العام 2004، أصبح مورينيو واحداً من أشهر مدربي العالم بعدما تُوج مع بورتو بدوري الأبطال، فاستقدمه رومان براموفيتش إلى تشيلسي، حقق بعدها البطولة الأوروبية مع الإنتر2010، تلتها تجربة مع ريال مدريد يختلف النقاد في تقييمها. ثم تجربة ثانية في  تشيلسي فإقالة ، حتى انتهى به المطاف في الأولد ترافورد.

رغم الاختلاف في طريقة تكوينهما الكروي، فإن نقاطًا كثيرة تجمع بين المدربين، فهما ينتميان إلى الجيل نفسه تقريباً (مورينيو أكبر بأربع سنوات فقط). كلاهما يفضل اللعب الدفاعي والاعتماد على المرتدات السريعة. الاثنان يمتلكان شخصية قوية وكاريزما خاصة. إضافة إلى امتيازهما بالتصريحات المثيرة للجدل التي غالباً ما تشكل مادة دسمة للصحافة. هذا التشابه ولّد نفوراً بين الرجلين. كما أن إقالة مورينيو مرتين من تشيلسي، وخلافة كونتي له زادت من توتر العلاقة.

إقالة مورينيو مرتين من تشيلسي وخلافة كونتي له زادت من توتر العلاقة بين الرجلين إضافة إلى تميزهما بتصريحات مثيرة للجدل طالما شكلت مادة دسمة للصحافة

في مباراة ذهاب الدوري هذا العام، والتي فاز بها تشيلسي بهدف وحيد، لم يتصافح الرجلان بعد المباراة، كما تجري العادة. علق كونتي على الحادثة قائلاً: "لقد صافحته عند بداية المباراة، هذا يكفي". بينما قال مورينيو: "ذهبت لأصافحه لكنه دخل إلى الملعب ليحتفل مع لاعبيه، هل المطلوب أن أركض وراءه؟".

تطورت المشكلة بين المدربين وخرجا بتصريحات قاسية، فاتهم كونتي مورينيو بأنه مصاب بمرض ألزهايمر لأنه، أي مورينيو، ينتقد المدربين الذين يحتفلون بطريقة جنونية بالفوز، وينسى نفسه كيف كان يحتفل في السابق. ردّ مورينيو: "أنا مصاب بالألزهايمر، وقد أفعل أي شيء، لكنني لم أتلاعب بنتيجة مباراة قط، ومن المستحيل أن أقوم بهذا مطلقاً"، في إشارة إلى قضية التلاعب بالنتائج التي اتهم بها كونتي في السابق. فردّ كونتي:" لقد تمت تبرئتي من قضية التلاعب تلك، لكن يبدو أن مورينيو لا يتابع جيداً ما يجري".

اشتهر الدوري الإنكليزي في السنوات الأخيرة بالمدربين أصحاب التصريحات النارية، وأصبحت المؤتمرات الصحفية سلاحاً يستخدمه كل مدرب لشد عزم فريقه، ووضع الخصم تحت الضغط.

قبل سنوات، سخر مورينيو من آرسين فينغر لأنه لم يحقق أي لقب منذ 9 سنوات، كما شبه مورينيو مدربَ ليفربول يورغن كلوب بمايكل جوردان، إشارة إلى قفزه المستمر على خط الملعب، في الوقت الذي اعتبر فيه غوارديولا قبل أشهر، أن توتنهام هو فريق هاري كاين، الأمر الذي أغضب بوشيتينيو فردّ عليه بقوة. إلا أن الخلاف الحالي بين مورينيو وكونتي بلغ مرحلة غير مسبوقة، حتى أن بعض جماهير الفريقين أبدت امتعاضها من مجرى الأمور، وتمنت لو أن المدربين يركزان فقط على عملهما في الملعب، ما دفع كونتي للتصريح: "المشكلة هي بيني وبين مورينيو فقط، لا دخل لتشيلسي بها، وهي لن تؤثر على سير العمل".

انتهت مباراة الأحد بفوز مانشستر 2-1، تصافح المدربان بعد المباراة. للسنة الثانية على التوالي، ولكن بظروف مختلفة، يتبادل الرجلان الفوز ذهاباً وإياباً. كسب إذاً مورينيو هذه الجولة، لكن الحرب بينهما طويلة على ما يبدو.

 

اقرأ/ي أيضًا:

مورينيو.. أكثر من مدرب

اليونايتد يقدّم لمورينيو هدية عيد ميلاده.. تعرف على حكاية "سبيشيال ون"