14-ديسمبر-2018

تجددت الاحتجاجات الأردنية على قانون ضريبة الدخل الجديد (الأناضول)

ألترا صوت - فريق التحرير

على وقع تجدّد الدعوات للاعتصام في محيط رئاسة الوزراء بالعاصمة الأردنية عمّان، وتنامي الزخم للحراك الشعبي من العاصمة إلى المحافظات الأخرى؛ شهدت البلاد في الأيام الأخيرة حملة مفاجئة وواسعة لاعتقالات واستدعاءات أمنية، طالت العديد من الناشطين الشباب البارزين في الحراك الإصلاحي. 

على وقع تجدد الدعوات للاحتجاج في الأردن، شهدت البلاد حملة قمع واعتقالات واسعة للعديد من النشطاء الشباب

وأبدى مراقبون وحقوقيون استهجانهم لحملات الاعتقال، معتبرين أنها ليست إلا خطوة تستهدف إضعاف الاحتجاجات ومحاولة حصرها في وجوه حزبيّة ناشطة من الشباب، ونزع الصفة الشعبيّة الوطنيّة عن المظاهر الاحتجاجية التي تتنامى الدعوات إليها عبر قطاعات واسعة من المواطنين، ومن مختلف المحافظات الأردنية.

اقرأ/ي أيضًا: الصورة الكاملة لاحتجاجات الأردن.. تعددت الأسباب والشعب واحد

ويوم الخميس الماضي، شهدت العاصمة الأردنية عمان، بقرب مقرّ مجلس رئاسة الوزراء، تجمعًا كبيرًا للمواطنين الذي اعتصموا في ساحة قريبة استجابة لدعوات عفويّة على مواقع التواصل الاجتماعي، للمشاركة في الاعتصام، رفضًا لقانون ضريبة الدخل وللمطالبة بملاحقة كبار الفاسدين في البلاد واتخاذ إجراءات فورية لتخفيف الضغوط المعيشية على المواطن الأردني، والمطالبة بإصلاحات سياسيّة واسعة.

تجدّد الاعتصامات في #خميس_الشعب

توافدت أعداد كبيرة من المواطنين إلى مكان الاعتصام الذي بات معروفًا في وسط عمّان، في ساحة قرب رئاسة الوزراء، يتحرك منه المعتصمون للاقتراب أكثر إلى محيطها.

لكن السلطات الأردنية فرضت هذه المرة طوقًا أمنيًا أكبر حول المنطقة، لإعاقة الحركة وصولًا إلى مكان التجمهر، وذلك بعد نشر مئات من رجال الأمن والدرك وقوات البادية، في مشهد بدا غير مسبوق مقارنة بالأسابيع الماضية.

وقد يدل ذلك على اعتزام الحكومة عدم السماح باستمرار الاعتصامات والاحتجاجات، ولو لجأت للعنف، ولاسيما بعد اعتقال عدد من الناشطين الشباب في اليومين الماضيين، والتلميح عبر وسائل الإعلام الرسميّة إلى أن الحكومة لن تسمح بإغلاق الشوارع بسبب الاعتصامات وأنها ستتعامل بحزم مع أي محاولات للتخريب، وأنها لن تسمح برفع شعارات تتجاوز "الخطوط الحمراء". 

وفي مؤتمر صحفي عقد في وقت مبكر من يوم أمس الخميس، قالت جمانة غنيمات، الناطقة الرسمية باسم الحكومة الأردنية، إن "هنالك بعض الأصوات في الشارع تسيء لحرية الرأي والتعبير وهي تخالف القانون وهذا مرفوض"، محذرة من ترديد الشعارات "المسيئة".

وحاولت غنيمات في مؤتمرها الصحفي تشويه الحراك الشعبي ودوافعه وغاياته، وذلك عبر ربط ما يجري في الشارع من اعتصامات واحتجاجات، مع تحريض جهات خارجية. وقالت في المؤتمر الصحفي: "تفاجأنا بمن يسمون أنفسهم المعارضة الخارجية ويطالبون بالملكية الدستورية، وهم لا يعملون أن نظام الحكم في الأردن ملكي دستوري"، محذرة من "التضحية بالأمن والاستقرار".

قوات "البادية" لفضّ الاعتصام وتشويه إعلامي رسمي

تحوّلت المنطقة في محيط مقر الحكومة الأردنية، إلى منطقة أمنيّة من بعد عصر يوم أمس الخميس، 13 كانون أول/ديسمبر، واستُدعي المئات من العناصر الإضافية من قوات الدرك والبادية لقطع الطريق على المعتصمين وحصر من تمكن من الوصول منهم.

وفي نفس الوقت، تمت الاستعانة بحسابات إعلامية رسميّة وغير رسميّة من أجل تشويه صورة الاعتصام، ونشر شائعات عن وجود أسلحة بيضاء بين المعتصمين، وإصابة بعض أفراد الأمن. كما نشرت حسابات إدارة الأمن العام الأردنية على مواقع التواصل الاجتماعي، أنباء عن اعتقال شباب تحرشوا جنسيًا بفتيات حضرن في الاعتصام، فيما بدا أنه إصرار أمنيّ على فضّ الاعتصام ولو بالقوّة، وتخوّف حقيقيّ لدى النظام من تزايد قوّة الشارع الأردنيّ وزخم الحراك الشعبي.

وهذا ما حدث بالفعل، فبعد تطويق ساحة الاعتصام، بدأ استفزاز المتظاهرين في الخطوط الأمامية بعد السماح لهم بالتحرك نحو الشارع، وازداد التوتر بين المعتصمين وساد تخوّف باحتمال حصول حالات تدافع بين الناس، وحين تم كسر الحاجز الأمني والالتفاف عليه بدأت قوات الأمن والدرك ومن حضر كذلك من قوات البادية بضرب المعتصمين وتفريقهم عبر استخدام الغاز المدمع والهروات، ما ألحق عددًا من الإصابات بالمدنيين.

السوشيال ميديا ترصد الانتهاكات

يزداد نضج الحراك الشعبي في الأردن مع تراكم المكتسبات المحققة على مستوى زيادة الوعي، والوسائل البسيطة المستخدمة في الحفاظ على سلمية المظاهرات والاعتصامات، والتكافل الذي يسود بين المواطنين لمنع حدوث أي حالات اعتقال أو صدام مع قوات الأمن.

ويبدأ التنسيق للمظاهرات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بإطلاق دعوات عامة على فيسبوك وتويتر للتجمع في مكان وزمان معينيين. وعلى مواقع التواصل الاجتماعي كذلك ينشط النشطاء لرصد مظاهر التعامل العنيف من قبل قوات الأمن مع اعتصام الخميس. وما يزال التفاعل مستمرًا مع وسوم أُطلقت بداية الأسبوع وصولًا إلى الخميس، وأبرزها وسم #خميس_الشعب و#مش_ساكتين و#الدوار_الرابع، وتصدرت هذه الوسوم في تويتر الأردن حتى صباح الجمعة.

ورصدت المحامية والناشطة الحقوقية هالة عاهد، من الميدان، تعامل قوات الدرك مع المتظاهرين، وإطلاق الغاز المسيل للدموع لتفريق المتجمعين قرب معقل الحكومة الأردنية، لإجبارهم على مغادرة المنطقة.

كما رصد موقع حبر الإلكتروني مشاهدات عدد من المواطنين المشاركين في الاعتصام، وأسباب خروجهم للشارع، إضافة إلى الشعارات والهتافات التي أطلقها المتظاهرون في اعتصام الأمس، خاصو الهتافات التي دعت العاهل الأردني للالتزام بنهج الإصلاح السياسي وتعزيز الحريات.

 

 

وتعليقًا على طريقة تعامل السلطات مع الاعتصام، وعن الرسالة التي تم إرسالها بالرغم من تفريق المتظاهرين بالقوة، قال الناشط محمد الزواهرة، إن "الشباب في الأردن عازمون على المساهمة في الإصلاح على قاعدة الاحترام وليس الخوف أو التبعية".

كما رصد موقع أردن الإخبارية، بعض حالات الاعتداء بالقوة المفرطة على المواطنين المشاركين في الاعتصام مساء أمس الخميس:

يذكر أن رئيس الوزراء الأردني الحالي عمر الرزاز، كلّف بتشكيل حكومة جديدة بعدما أجبر سلفه، هاني الملقي، على الاستقالة إثر اعتصامات شعبيّة احتجاجًا على قانون ضريبة الدخل المثير للجدل منتصف العام الجاري.

لجأت الحكومة الأردنية إلى الخيار الأمني، باستدعاء مزيد من عناصر الأمن في مناطق المظاهرات، وبتشويه سمعة المتظاهرين عبر القنوات الرسمية

ورغم سحب القانون وإدخال تعديلات عليه من قبل حكومة الرزاز، إلا أن المزاج الشعبي لم يمنح الثقة للحكومة الجديدة نظرًا للتراجع المستمر في مستوى المعيشة والحريّات وعدم الجدّية في ملاحقة الفاسدين، وتغيير النهج السياسي واستعادة الحكومة للولاية العامّة في إدارة شؤون البلاد.

 

اقرأ/ي أيضًا:

#خميس_الشعب في الأردن.. الاحتجاج المعيشي يدق باب السياسة

الأردن تحت لعنة صندوق النقد.. "الشعب عارف طريقه"