19-فبراير-2017

مواطن مصري في أحد شوارع القاهرة (خالد الدسوقي/أ.ف.ب)

شهدت تعاملات سوق الصرف، مؤخرًا، تراجع سعر الدولار الأمريكي أمام الجنيه المصري، وهو ما أدى إلى انخفاض مستوى الورقة الخضراء إلى ما دون الـ16 جنيهًا في أغلب البنوك المحلية بعدما ارتفع عن ذلك الرقم بحوالي ثلاثة جنيهات بعد قرار على تحرير سعر صرف الجنيه، المعروف إعلاميًا باسم "تعويم الجنيه".

تشير تنبؤات محللين وخبراء اقتصاديين إلى أن الدولار سينخفض تدريجيا خلال الشهور المقبلة مع تزايد الحصيلة الدولارية في البنوك المصرية

وحمل الإعلام المصري، الموالي للنظام، عشرات التحليلات للهبوط المفاجئ للدولار، على رأسها انتعاشة في الاقتصاد المصري، ونجاح خطة البنك المركزي في علاج تدهور حالة الجنيه المصري مقارنة بالعملات الأخرى دون أن يتطرَّق إلى الحقيقة.

وهناك خمس روايات تفسّر ما جرى.

اقرأ/ي أيضًا: الزواج في مصر بعد تعويم الجنيه..معجزة!

الرواية الأولى

قال هشام عكاشة، رئيس مجلس إدارة البنك الأهلي المصري، إنّ البنوك شهدت تنفيذ عمليات بيع واسعة للدولار مؤخرًا من قبل مستثمرين أجانب دخلوا السوق المحلية خلال الفترة الأخيرة، وهو ما أنعش الخزانة المصرية بالعملة الصعبة، إلّا أن الصحف لم تتطرّق إلى غرض المستثمرين الأجانب، الذين يستهدفون الاستثمار في أدوات الدين الحكومية، وعلى رأسها أذون الخزانة، التي ارتفع حجم مشتريات الأجانب منها إلى 10.2 مليار جنيه في ديسمبر 2016 مقابل 220 مليون جنيه في نوفمبر من العام السابق. ما يعني أن مستثمرين جاؤوا لشراء ديون مصر، والمضاربة فيها، الأمر الذي سيؤدي إلى أزمة ضخمة في الدين على المدى البعيد.

الرواية الثانية

بأثر حملة إعلامية شرسة عملت على تخويف المواطنين المصريين من ادّخار الدولار، والتبشير بهبوطه، تسارعت وتيرة تحويل العملة الخضراء إلى الجنيه المصري في صالات البنوك مؤخرًا، وفَّر هامش ربح للبنوك المصرية تجاوز عشرة أضعاف الحصيلة في الأيام العادية.

الرواية الثالثة

بعض المصادر الرسميّة دخلت على خط الأزمة، مع الامتناع عن نشر اسمها، وأكّدت أنّ خفض سعر الدولار أمام الجنيه، الذي تتحكم فيه الحكومة المصرية، ما هو إلا تكتيك بسبب اقتراب زيارة بعثة صندوق النقد الدولي إلى مصر خلال أيام. وكان صندوق النقد الدولي أكّد أن خبراءه لم يتوقعوا قبل منح مصر الدفعة الأولى من قرض الـ12 مليار دولار أنّ سعر الجنيه سيتراجع إلى هذا الحد! هذا التصريح يدفع الحكومة المصرية إلى إنعاش الجنيه مرة أخرى ليبدو الاقتصاد المصري متماسكًا أمام البعثة حتى تحصل على الدفعة الثانية من القرض المنتظر، وبعدها سيعاود الجنيه الهبوط مرة أخرى ليصل إلى أرقام قياسية في تاريخه.

اقرأ/ي أيضًا: لماذا لن يحل تعويم الجنيه الأزمة في مصر؟

الرواية الرابعة

أغلقت مصر الباب في وجه الاستيراد، فلم يعد أحد في مصر في حاجة إلى البحث عن الدولار أو المضاربة في سعره. الأمر الذي أدّى إلى تراجع الطلب عليه في ظل توفره بالبنوك بسبب تلقي مصر الدفعة الأولى من قرض صندوق البنك الدولي بقيمة 2.7 مليار دولار، واستلام 2 مليار دولار وديعة من السعودية، ومليار من الإمارات. أدَّت الواردات من الدولار إلى هدوء مؤقت في جنون العملات الأجنبية أمام الجنيه، إلّا أن ذلك كله يهدد بمستقبل غارق في الديون.

رغم تراجع الدولار بنسبة تفوق 5% من سعره مقارنة بالجنيه المصري إلا أنّ أسعار السلع لم تتأثَّر، أو تتراجع حتى الآن

وتوقعت رانيا يعقوب، المحلل المالي، أن يكون انخفاض الدولار حالة مؤقتة وقصيرة المدى، خاصة أنه متوقع بعد الصعود المفاجئ والجنوني للدولار بعد تعويم الجنيه.. لكن التوقعات تشير أيضًا إلى انهيار قريب للجنيه، لأن انتعاشه ليس ناتجًا عن عودة السياحة أو زيادة الصادرات المصرية، لكنه ناتج عن "ركود اقتصادي".

الرواية الخامسة

تشير تنبؤات عدّة محللين وخبراء تواصل معهم "ألترا صوت" إلى أن الدولار سينخفض تدريجيًا خلال الشهور المقبلة مع تزايد الحصيلة الدولارية في البنوك، سواء على شكل استثمارات أجنبية أو قروض، وسيرتفع مجددًا مرة أخرى لأنه لا غطاء نقدي يحمي الجنيه من الانهيار.

والدليل على تلك الرواية، أنّه رغم تراجع الدولار بنسبة تفوق 5% من سعره مقارنة بالجنيه إلا أنّ أسعار السلع لم تتأثَّر، أو تتراجع حتى الآن. وهو ما جعل البعض يعتبر الارتفاع المفاجئ في سعر الجنيه -بنسبة كبيرة- مضاربة تحاول بها الحكومة المصرية تحقيق أي مكسب "وهمي".

اقرأ/ي أيضًا: 

تعويم الجنيه المصري.. خلفيات ونتائج القرار

"سوق الجمعة" في مصر..ياما في الجراب يا حاوي