17-مارس-2016

مصريون يعيشون على أسطح المنازل بسبب الفقر والبطالة (Getty)

خمسة أخطاء سياسية قاتلة وضعت مصر على المحك وأعادتها سنوات إلى الوراء، ولم تجعلها خارج التاريخ فقط، بل جعلتها تفقد الكثير من قوتها الناعمة وثقلها الثقافي، وصارت لاعبًا غير ذي قيمة في اللعبة الدولية.

أخطاء السياسة المصرية جعلت مصر تفقد الكثير من قوتها الناعمة وثقلها الثقافي

من المؤكد أن الأوضاع الداخلية تنعكس بلا أدنى شك على الخارج، إلا أن سوء الإدارة جعل الأمور تبدو وكأن السياسة الخارجية المصرية بلا أجندة، وكأنها تدق في نعشها مسمارًا تلو الآخر دون حساب للمستقبل، والأخطاء ليست خمسة بالعدد فقط، هي أكثر من ذلك لكن هذه هي الأبرز، إذ يبدو الأمر، وخاصة في السنتين الأخيرتين، وكأنه إصرار على تهميش مصر دوليًا والإساءة إليها، والتأكيد على عدم ديمقراطية نظامها وبؤس تصوراته عن الواقع وبعده عن المصلحة العامة.

اقرأ/ي أيضًا: أطباء مصر في مواجهة أمناء شرطتها

1- الخطأ الأول: قوات حفظ السلام والتحرش

فضيحة دولية جديدة للسياسة المصرية، تناولته مواقع التواصل الاجتماعي بكل سخرية، بينما يدعو الأمر كله إلى الأسى والحزن والدهشة والاستغراب. جاء ذلك عبر امتناع مصر عن التصويت على قرار الأمم المتحدة بمعاقبة قوات حفظ السلام حال ارتكابها لجرائم جنسية. 

صحيح أن مصر تشارك بقوة قوامها 2281 جنديًا فقط في قوات حفظ السلام، إلا أنها واحدة من بين أكثر 12 دولة مساهمة في قوات حفظ السلام، وردت السفيرة الأمريكية في الأمم المتحدة سامنثا باول معلقة على امتناع مصر عن التصويت: "القرار له دافع.. هو وضع حد لهذا المرض.. مرض الاستغلال والإساءة الجنسية في حق أشخاص يضعون ثقتهم في الأمم المتحدة". اعترضت مصر على أن آلية العقاب هي سحب القوات، لكن الامتناع عن التصويت لصالح القرار لم يكن الوسيلة الأمثل للتعبير عن ذلك.

2- الخطأ الثاني: الحماسة لإسرائيل

هو سياسية مصر تجاه إسرائيل، وهو أمر بالغ الأهمية، وقد برز منذ اللحظة الأولى أن الرئيس المصري منحاز بشكل كبير إلى الجانب الإسرائيلي، وخاصة تجاه الأوضاع في غزة، ليس فقط في سياسته نحو المعابر وإغراق الأنفاق، بل باعتراف تاريخي في أحد خطاباته بأن القدس الشرقية هي عاصمة فلسطين. 

عجزت مصر على خلق أي نوع من التفاهم مع الجانب الإثيوبي بخصوص سد النهضة

أمر لم تفعله السياسة المصرية الخارجية بشكل فج إبان فترة حكم مبارك الذي طال لثلاثين عامًا، لكن وجود السيسي كان عنصر طمأنة للجانب الإسرائيلي على كافة المستويات.

اقرأ/ي أيضًا: سفارات مصر.. "في كل حتة مُخبر"

3- الخطأ الثالث: سد النهضة

عدم قدرة مصر على خلق أي نوع من التفاهم مع الجانب الإثيوبي بعد فقدانها لثقلها السياسي في المنطقة، هو أمر أدركه الأثيوبيون الذين تعودوا على شكل مختلف من الإدارة لهذه الملف طوال فترة وجود عمر سليمان، الرجل الأهم في الدولة الذي كان مختصًا بإدارة ملفاتها السوداء، ومنها ملف التعامل مع الجانب الأفريقي، خاصة في قصة حصة مصر من مياه النيل.

4- الخطأ الرابع: فشل سياسة الاقتراض

تعامل مصر بسياسة الاقتراض من دول الخليج التي كانت الممول الأول للرئيس عبد الفتاح السيسي، خاصة في فترة توليه الأولى للرئاسة حيث كانت راعيًا رسميًا له، حتى جاءت تسريبات "الرز" الشهيرة لتتحول مصر المقترضة إلى مصر المستغلة التي عجزت وتعجز عن إدارة مافيات البطالة والأسعار، والاستثمار، وخلق فرص جديدة تمول بها مشاريع قادرة على إعادة بعض العافية للجنيه الآخذ في التراجع أمام الدولار، بشكل ينبىء بمستقبل ضبابي لا أحد يعرف إلى ماذا يقودنا.

5- الخطأ الخامس: قضية الباحث جوليو ريجيني 

التعامل المفتقد للشفافية مع قضية الباحث جوليو ريجيني الذي يُشتبه في تعرضه للقتل من جانب الأمن المصري نظرًا لنشاطه. دفعت مصر في هذا الملف تحديدًا أغلى ما تملك من قوتها الناعمة كدولة حاضنة للباحثين الأجانب، ومحل دراسة آمن لهم، بل برز إلى السطح تعامل مصر مع ملف التعذيب والاختفاء القسري إلى الواجهة، صرح أكثر من مصدر مسؤول تصريحات مخجلة تُعزي مقتل ريجيني إلى شذوذ جنسي وإلى حادث سير، وكان ريجيني قد خرج يوم 25 كانون الثاني/يناير واختفى بعدها، ووجد مقتولًا في أحد مصارف المجاري عاريًا ومشوهًا. 

اقرأ/ي أيضًا:

مصر.. العمل الخيري تحت "البيادة"

مصر.. من قتل الإيطالي "جوليو ريجيني"؟