28-فبراير-2018

غلاف الكتاب

منذ نشأتها، يُحيطُ بجماعة الإخوان المسلمين غموضٌ كبير وواسع اشتدَّ بعد الحملات التي سعت إلى تشويه صورتها ومحاربتها، بالإضافة أيضًا إلى الحملات التي سعت إلى فعل العكس، والوقوف ضدّ حملات التشويه تلك.

تنقسم الدراسات حول الإخوان المسلمين إلى ما خرج من الجماعة نفسها، وما كُتب انطلاقًا من أيديولوجيّات عدائية

وعلى الرغم من الطفرة الكميّة في الدراسات والأبحاث التي تناولت هذه الجماعة، وحاولت التغلغل داخل مؤسَّساتِها بهدف إزالة هذا الغموض الحاصل، إلّا أنّها لم تحقّق نجاحًا يُذكر. حيث إنّ ما أُنجز في هذا الشأن ينقسم إلى قسمين؛ الأوّل خرج من الجماعة نفسها، وذلك من خلال تناول أعضاءها لتجاربهم في صفوفها. والثاني كُتب انطلاقًا من أيديولوجيّات تكنّ عداءً للجماعة وأفكارها. الأمر الذي ضاعف ذلك الغموض وخلق حالةً من التباين ساهمت في إعاقة الباحثين من تقديم جديدٍ ما حول هذه المسألة. كما منعتنا نحن أيضًا من فهم هذه الجماعة بشكلٍ سليم ودقيق.

اقرأ/ي أيضًا: العنف والسياسة.. مقاربات نقدية

في هذا السياق، تبرز أهميّة كتاب "داخل الإخوان المسلمين: الدين والهويّة والسياسة" للباحث المصريّ خليل العناني، والذي نقلهُ إلى العربيّة المترجم المصريّ عبد الرحمن عيّاش، وصدر حديثًا عن (الشبكة العربيّة للأبحاث والنشر، بيروت).

يقدّم خليل العناني بحثًا ميدانيًّا جادًّا يتناول تفاصيل أساسيّة ورئيسيّة عن هذه الجماعة، حيث تحدّث عن الكيفيّة التي تشكّلت من خلالها واستمدّت منها شكلها وهويتها الحاليّة كحركة اجتماعيّة إسلاميّة سياسيّة، مستعرضًا أيضًا النهج والأساليب التي تتّخذ منها الجماعة سبيلًا لجذب وتجنيد الأعضاء الجدد، ومن ثمّ الآليّات المُتّبعة في تلقين الأعضاء الجدد فكر الجماعة وأهدافها تمهيدًا للانضمام إليها.

ما يُميّز كتاب خليل العناني الواقع في 256 صفحة هو أنّه اتّخذ من تفكيك الجماعة داخليًا وسيلةً لإنجاز بحثه، وذلك من خلال بحثه الميدانيّ، وتحديدًا في صفوف التنظيم واللقاء مع قياداته التي أكّد أنّ مواقفها لا تمثّل موقف الجماعة ككل. مُبتعدًا في الوقت نفسه عن المؤلّفات التي صدرت حول هذا الشأن للأسباب المذكورة أعلاه. ناهيك عن بحثه في العوامل التي ساهمت في صمود هذه الجماعة في وجه القمع الذي ووجهت به، وبعد ذلك حظرها الذي قيَّد نشاطها السياسيّ، باعتبارها الأسباب الرئيسيّة التي مكّنتها من الاستمرار والبقاء في المشهد السياسيّ المصريّ.

 

اقرأ/ي أيضًا:

"ابن تيمية وعصره" كما تراه الأكاديمية الغربية

بحثًا عن جذور الجهاد في الغرب