26-أكتوبر-2019

خلال 2019 وصل لليمن أكثر من 97 ألف مهاجر أفريقي (DW)

من مجاعة وفقر مدقع، إلى موت وشيك؛ يفر الأفارقة من بلدانهم إلى اليمن التي لا تزالت تستقبل عشرات آلاف المهاجرين الأفارقة، رغم أنها غارقة في الفقر والمرض، والموت. 

من المجاعة والفقر، إلى الموت والمجاعة والفقر؛ يفر الأفارقة من بلدانهم إلى اليمن، كمحطة عبور إلى دول الخليج، أو مستقر قسري

خرج عمرو عثمان من بلدته القريبة من العاصمة الإثيوبية أدي آبابا، قاطعًا مئات الكيلومترات من أجل الوصول إلى اليمن، في رحلة محفوفة بالمخاطر، اقترب فيها من الموت، خاصة خلال الرحلة البحرية في قارب الحد الأدنى، وحتى في وصوله إلى شواطء مدينة عدن.

اقرأ/ي أيضًا: اليمن.. قصص قتل وتعذيب الأفارقة

يقول عثمان، إن العديد من المهاجرين الأفارقة في طريق هجرتهم إلى اليمن، يلقون حتفهم، خاصة في عرض البحر، إذ يلقي المهربون بهم قبل الشاطئ بعدة كيلومترات. "من لا يستطع السباحة مع التيار، فسينتهي به المطاف غرقًا"، كما يقول.

ترانزيت اليمن

يوضح عمرو عثمان، في حديثه لـ"الترا صوت"، أن اليمن باتت وجهةً مؤقتة، لعبور لاحق إلى إحدى دول الخليج، وخاصة السعودية. ولقمة العيش هي، دائمًا، الدافع الأساسي وربما الوحيد.

المهاجرون الأفارقة إلى اليمن
اليمن بالنسبة لأغلبية المهاجرين الأفارقة، بلد عبور إلى دول الخليج

بعد الوصول إلى عدن تمكن عمرو من الوصول إلى صنعاء برحلة قضى بعضها مشيًا على الأقدام، والبعض الآخر بالسيارات. وهو الآن يعمل في محل لبيع الأحذية بالعاصمة اليمنية.

الترانزيت اليمني قد يطول أحيانًا. فمن اليمن على المهاجر أن يجمع مبلغًا آخر يكفي مصاريف تهريب آخر للسعودية، وهكذا فإن عمرو ينتظر تجميع ثلاثة آلاف ريال سعودي كي يدفعها للمهرب الذي سيأخذه إلى السعودية: "هناك سأحقق أحلامي"، يقول عمرو.

هجرة رغم الحرب

رغم الحرب المستعرة في البلاد منذ سنوات، وعلى نطاق واسع، إذ تشهد 70 جبهة على الأقل معارك مستمرة بين الأطراف المتحاربة: الحوثيين وقوات الرئيس عبدربه منصور هادي ومعه التحالف السعودي أحيانًا، أو المجلس الانتقالي المدعوم من أبوظبي في مواجهة قوات هادي؛ رغم ذلك لم تتوقف الهجرات الأفريقية إلى اليمن، بل ازدادت وتيرتها.

وتمثل الحرب بالنسبة للمهربين والمهاجرين فرصة سانحة لدخول البلاد دون الكثير من التعقيدات، بسبب غياب الاستقرار الأمني. غير أنها من جهة أخرى، تزيد المخاطر المهددة لحياة المُهاجرين، لكن دافع الفقر والحاجة أقوى.

وخلال ثمانية أشهر، من مطلع 2019 إلى آب/أغسطس 2019، وصل لليمن أكثر من 97 مهاجر من أفريقيا، وذلك بحسب إحصائيات مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.

ووفقًا للمفوضية الأممية، فخلال شهر واحد فقط، من نيسان/أبريل إلى أيار/مايو وصل أكثر من 37 ألف مهاجر من أفريقيا، يمثل الإثيوبيين أغلبهم، ثم الصوماليين.

وعلى مدار الشهور، وفي كل رحلة هجرة يموت عدد من المهاجرين، ففي تموز/يوليو الماضي، توفي 15 مهاجرًا إثيوبيًا في عرض البحر، كانوا في طريقهم إلى السواحل اليمنية، عندما تعطل بهم القارب في عرض البحر.

وبعد الوصول إلى اليمن، لا يصل كثيرٌ من المهاجرين إلى السعودية أو غيرها من دول الخليج التي يسعون في الأصل إليها، لأسباب تتعلق عادة بحالة الانفلات الأمنية الناجمة عن الحرب، وباستغلال المهربين لهم.

المهاجرين الأفارقة إلى اليمن
لقي 15 مهاجرًا إثيوبيًا إلى اليمن، حتفهم في عرض البحر، في تموز/يوليو الماضي

إضافة إلى ذلك، ووفقًا للناشط الحقوقي وهيب محسن، المعني بقضايا الهجرة واللجوء عبر اليمن، فإن وصول المهاجرين الأفارقة إلى السعودية يستلزم رحلة بمئات الكيلومترات تقطع خطوط الحرب ونقاط التفتيش للأطراف المتحاربة.

بسبب ذلك، يرغب كثير من المهاجرين بعد وصولهم لليمن، العودة لبلادهم، من هؤلاء: عبدي، ويبلغ من العمر 23 عامًا، جاء من إثيوبيا بحرًا إلى ساحل عدن، وقد فشلت محاولاته للوصول إلى السعودية، كما لم يكن اليمن بالنسبة إليه أفضل خيارات البقاء.

يرغب عبدي في العودة إلى بلاده، لكن هيهات وهي رحلة مشروطة بتسديد ما استدانه من المال من أجل الوصول إلى اليمن.

المهاجرون الأفارقة في وقت عبورهم من اليمن، أو المستقرين في اليمن، يتشاطرون مع اليمنيين مآسي الحرب من فقر وجوع ومرض، وقتل بلا ديّة، كما يتشاطرون اليمنيين القليل من الأعمال المتوفرة في الزراعة والأعمال اليدوية.

ولا يتوقف الأمر عند ذلك، بل يُتجاوز للزج بهم في الصراع العسكري بين الأطراف المتقاتلة، كمقاتلين مستأجرين، أو مجبرين.

العودة والترحيل

الإجلاء الطوعي للمهاجرين الأفارقة إلى بلادهم، قليلة جدًا بالمقارنة بأعداد الواصلين لليمن، والذين تقدر الأمم المتحدة أن يصل عددهم إلى 150 ألف لاجئ خلال عام 2019، بنهايته.

المهاجرون الأفارقة إلى اليمن
أجلي 5 آلاف مهاجر أفريقي من اليمن بشكل طوعي

ومنذ بداية العام الجاري، أعلنت منظمة الهجرة الدولية، إجلاء خمسة آلاف مهاجر أفريقي وإعادتهم لبلدانهم، وهي نسبة ضئيلة لا تكاد تصل إلى 5% من إجمالي الواصلين لليمن.

وصل عدد المهاجرين الأفارقة إلى اليمن خلال الفترة ما بين مطلع 2019 وحتى آب/أغسطس، إلى 97 ألف مهاجر أغلبهم من إثيوبيا والصومال

ووفقًا لإحصائيات سابقة للأمم المتحدة، يستضيف اليمن 280 ألف مهاجرًا أفريقيًا، معظمهم من الصومال وإثيوبيا، هذا بخلاف الذين عبروا من اليمن إلى دول خليجية أخرى.

 

اقرأ/ي أيضًا:

رغم الحرب.. 150 ألف مهاجر أفريقي إلى اليمن في عامٍ واحد

المهاجرون الأفارقة في اليمن.. رحلة القهر من الجوع إلى الجوع