27-نوفمبر-2019

ينتظر اليمنيون أي بادرة أمل لإنهاء الحرب (Getty)

عدة أسابيع مرت على ظهور التصريحات عن المشاورات بين السعودية والحوثيين لوقف الحرب في اليمن، لكن الوضع الميداني ما زال كما هو عليه منذ بدء الصراع، وسط كر وفر وهدوء نسبي شهدته بعض جبهات القتال المختلفة، وأيضًا غياب شبه كلي لطيران التحالف في سماء اليمن، ما يشير إلى قرب التوصل إلى اتفاق بين الطرفين، لكن هناك تساؤلات عن ما هو دور الحكومة الشرعية في هذه المشاورات، وما هي التنازلات التي سيقدمها الطرفان لوقف الحرب؟ ولماذا اتجهت الرياض لحل الأزمة مع الحوثيين بعيدًا عن الأطراف الحكومة؟

ما يزال باب الأمل مغلقًا أمام اليمنيين الذين يسمعون الأخبار عن المشاورات السعودية الحوثية ولم يروا أي من نتائجها على أرض الواقع

وسط هذه التساؤلات التي تدور في أذهان الكثير من اليمنيين، وبعد 48 ساعة من تقديم إحاطته أمام مجلس الأمن الدولي، أكد فيها أن المؤشرات كلها تتجه نحو السلام الشامل في البلاد، وصل الأحد المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفث إلى العاصمة صنعاء للقاء جماعة الحوثيين، ضمن جهود الأمم المتحدة للتوصل لاتفاق سلام لإنهاء الحرب التي شارفت على إكمال عامها الخامس.

اقرأ/ي أيضًا:  القمامة.. كل ما تبقى لنازحي "الحديدة" في اليمن

تزامن وصول غريفث أيضًا مع تصعيد ميداني في محافظة الحديدة، غربي اليمن بين القوات المشتركة ومسلحي جماعة الحوثيين، في خضم تخوفات من أن يتحول الهدوء الذي شهدته البلاد خلال الأيام القلية الماضية إلى بركان يدمر ما تبقى منها، فبعد كل هدنة وجولة من المشاورات يزداد الوضع اشتعالًا أكثر من سابقه كما يرى الكثير من السكان.

خلال إحاطته قال غيريفث إن الغارات الجوية لمقاتلات التحالف تراجعت خلال الأسبوعين الماضيين، بنسبة 80 بالمئة على مستوى البلاد، كما توقف الحوثيون عن استهداف الأراضي السعودية بالصواريخ والطائرات المسيرة، بالإضافة إلى وجود هدوء شبه كلي في الحديدة، ناهيك عن توصل الحكومة الشرعية والمجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من أبوظبي إلى اتفاق الرياض، مشيرًا إلى أن "التطورات الجارية في الوقت الراهن ترسي الأسس الضرورية لتلك العملية".

لكن ما يزال باب الأمل مغلقًا أمام اليمنيين الذين يسمعون الأخبار عن المشاورات السعودية الحوثية ولم يروا أي من نتائجها على أرض الواقع، فمنذ عدة أشهر يجري الحديث عن محادثات ولقاءات تجمع الطرفين، لكن لا تغيير على الأرض سوى تعقيدات أكثر في المشهد وتعتيم سياسي لا يبدو من خلاله أي شعاع أمل، رافق ذلك أزمات اقتصادية وتفشٍ للأمراض والأوبئة ما ينذر بكارثة إنسانية هي الأسوأ.

تغيرات كثيرة جرت خلال الأيام الماضية، منها اتفاق الرياض، ونشر الأمم المتحدة خمس نقاط مراقبة في الحديدة، بالإضافة إلى زيارة خالد بن سلمان وزير الدفاع السعودي الذي تسلم الملف اليمني مؤخرًا إلى العاصمة العمانية مسقط التي تحتضن وفد الحوثيين التفاوضي، إضافة إلى سحب الإمارات بعض قواتها من الأراضي اليمنية. ناهيك عن خفض التصعيد الإعلامي بين الطرفين، حيث بدآ بالتوجه نحو الدعوة للسلام خصوصًا حديث العاهل السعودي سلمان بن عبدالعزيز الأسبوع الماضي وولي عهده من قبل وأيضًا دعوة رئيس المجلس السياسي الأعلى مهدي المشاط، وأيضًا تصريحات المسؤولين الإمارتيين والسعوديين، الذين أكدوا أنه سيكون هناك دور للحوثيين في إدارة اليمن.

وتوصلت الحكومة الشرعية والمجلس الانتقالي الجنوبي المطالب بالانفصال، عقب شهر من المشاورات برعاية سعودية إماراتية، إلى اتفاق لحل الصراع بين الطرفين، والذي يقضي بتشكيل حكومة جديدة ودمج المليشيات المسلحة في إطار الجيش والأمن، وبنود أخرى كثيرة، لحل الوضع في جنوب اليمن، لكن حتى الآن لم ينفذ منها سوى بند واحد وهو السماح لرئيس الحكومة معين عبدالملك وبعض الوزراء في حكومته بالعودة إلى العاصمة المؤقتة عدن.

وفي الوقت الذي يتوقع فيه مراقبون فشل الاتفاق في ظل عدم وجود الثقة الكافية بين الطرفين؛ تصر السعودية أن اتفاق الرياض يمثل بارقة أمل لحلٍ شامل للملف اليمني، حسب حديث الملك سلمان بن عبدالعزيز الأسبوع الماضي.

فالرياض وبعد خسارتها الكبيرة خلال الحرب، ناهيك عن الضغط العسكري على حدودها، وقصفها العشوائي على اليمن منذ انطلاق عاصفة الحزم عام 2015، والذي أودى بحياة المئات من المدنيين وجعلها متهمة بجرائم حرب بحق الإنسانية، بالإضافة إلى المواقف الأمريكية المتباينة بين دعم للحرب وبين مساءلتها عن الانتهاكات. كل ذلك يجعل من مواصلة المملكة للحرب على الحوثيين خطوة ستكلفها الكثير من الخسائر في جميع الجوانب العسكرية والاقتصادية والسياسية. 

ولأن الحكومة الشرعية متمسكة بالمبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني وقرارات مجلس الأمن، والتي لم تتخل عنها خلال المشاورات السابقة مع الحوثيين، والتي تنص على تسليم الحوثيين للسلاح والتحول إلى حزب سياسي وعودة حكومة الرئيس عبدربه منصور هادي إلى صنعاء، وهو ما يرفضه الحوثيون بالكامل، اتجهت المملكة إلى فتح قنوات تواصل مع الحوثيين بشكل غير مباشر عبر وساطة أوروبية وعربية.

وتخشى المملكة من أي تهديدات على أمنها  من حدودها الجنوبية مع اليمن، وتشترط تخلي الحوثيين عن إيران وتقدديم وعود بعدم المساس بأمن المملكة وحدودها، للدخول في عملية سلام بحسب ما نقلته وكالة أسوشيتد برس الأمريكية عن مصادرها، لكن تحقيق تلك الشروط كاملة لا يبدو محتمًلا في سيق الوضع الراهن حسب خبراء.

تتمحور المشاورات التي ترعاها حاليًا سلطنة عمان والتي تلعب دور الوسيط بين الطرفين، حول فتح مطار صنعاء وإنشاء منطقة عازلة على الحدود بين البلدين، بالإضافة إلى تفكيك قدرات الحوثيين الصاروخية، حسب الوكالة ذاتها.

أما الحكومة اليمنية، فإنها تنظر إلى المشاورات بعين الأمل والتخوف، حيث تتأمل أن تتوصل المفاوضات إلى إنهاء النزاع من جهة، بينما تتخوف من تجاوزها من جهة أخرى في حال توصلت الرياض إلى اتفاق مع الحوثيين يقضي ببقائهم في سلطتهم بالعاصمة صنعاء.

اقرأ/ي أيضًا: نساء اليمن.. حين يغيب الإنصاف يحضر السحر!

هل يتنازل الحوثيون عن ترسانتهم العسكرية؟

زادت الحرب التي شنها التحالف على جماعة الحوثيين خلال السنوات الماضية من قوتهم ومكنتهم عسكريًا وسياسيًا، ومن غير المرجح أن مطالبات السعودية بإعادة هيكلة قوتهم وعتادهم الصاروخي والعسكري، قد تنجح. خاصة مع دخول الجماعة في طور من المأسسة، بعد الانقلاب وبداية إدارة صنعاء.

تزامن وصول غريفث أيضًا مع تصعيد ميداني في محافظة الحديدة، غربي اليمن بين القوات المشتركة ومسلحي جماعة الحوثيين

لا يبدو أن هناك مؤشرات واضحة على إمكانية الوصول إلى تسوية شاملة في اليمن، ويبدو أن أي تعثر في مسار المفاوضات سينعكس على أرض الواقع من خلال تصعيد جديد. وهو ما تمثل في اليومين الماضيين في شن طيران التحالف السعودي أكثر من عشرين غارة  جوية على مواقع مختلفة للحوثيين في مديريات "كمران والصليف والتحيتا" في محافظة الحديدة غربي اليمن، ما أدى إلى سقوط قتلى وجرحى في صفوف مسلحي الجماعة. وأعقب هذه الغارات اشتباكات عنيفة بين الحوثيين وقوات هادي شرق وجنوب المدينة. وتعد هذه الغارات الأعنف منذ اتفاق السويد، وتأتي بعد استهداف الحوثيين لمقر الفريق الحكومي في اللجنة المشتركة لتنسيق إعادة الانتشار بمدينة المخا التابعة لمحافظة  تعز.

 

اقرأ/ي أيضًا:

اليمن.. محميات عدن الطبيعية مهددة!

مها عوض.. صورة عن تحدي نساء اليمن