02-يونيو-2023
kj

الحكومة الأسترالية ستتخذ إجراءات لضمان حسن استخدام الذكاء الاصطناعي. (GETTY)

أصدرت الحكومة الأسترالية اليوم الخميس بيانًا قالت فيه إنها تتخذ إجراءات إضافية لضمان تطور الذكاء الاصطناعي في البلاد مع الحيلولة في الوقت ذاته من الآثار السلبية له.

وزير الصناعة والعلوم في الحكومة الأسترالية، إد هسك، قال في البيان إن الإجراءات تهدف إلى ضمان تطور مجال الذكاء الاصطناعي بطريقة مسؤولة وآمنة، وأضاف أن الحكومة ستصدر ورقة نقاشية تحدد طرق الاستجابة التي ستتبعها الحكومة من أجل "تحديد الثغرات وتقديم خيارات عديدة تهدف إلى تقوية إطار التحكم بالاستخدام الآمن والمسؤول للذكاء الاصطناعي."

البيان أضاف أن الحكومة كانت قد خصصت 41 مليون دولار من ميزانيتها الأخيرة لأغراض تطوير الذكاء الاصطناعي، وأضاف أن الورقة النقاشية التي أصدرها المجلس الوطني للعلوم والتكنولوجيا، التابع للوزارة، بعنوان "تقرير الاستجابة السريعة: الذكاء الاصطناعي التوليدي"، تقيم المخاطر والفرص المحتملة لمثل هذه التقنيات، كما تقدم أسسًا علمية للنقاشات المستقبلية في هذا السياق.

أصدرت الحكومة الأسترالية اليوم الخميس بيانًا قالت فيه إنها تتخذ إجراءات إضافية لضمان تطور الذكاء الاصطناعي في البلاد مع الحيلولة في الوقت ذاته من الآثار السلبية له، وأشارت تقارير إلى أن الحكومة تسعى إلى فرض حظر على الاستخدامات التي وصفتها بفائقة الخطورة.

 

كما قال هسك في مقابلة مع تلفزيون إيه بي سي، إنه "هنالك في المجتمع مخاوف واضحة مما إذا كانت التكنولوجيا تتجه للجنوح"، وأكد على أن الحكومات ملزمة بأداء دور واضح يتمثل بالاعتراف بمخاطر الذكاء الاصطناعي والحيلولة دون جنوحه عن مساره.

جدل قانوني حول الذكاء الاصطناعي

تقنيات الذكاء الاصطناعي المعتمدة على نماذج اللغات الضخمة، مثل تشات جي بي تي، شهدت مؤخرًا طفرة في أعدادها واستخداماتها، الأمر الذي يثير جدلًا واسعًا حول مزاياها وسلبياتها، ناهيك عن الجدل القانوني حول بيانات المستخدمين وحقوق الملكية.

الحكومة الإيطالية كانت قد حظرت قبل شهرين روبوت الدردشة المعتمد على الذكاء الاصطناعي، تشات جي بي تي، واتهمته بجمع البيانات على نحو غير قانوني وإضراره بقاصرين، وذلك بهدف تدريب خوارزمياته.

في حين ناقش مسؤولون أوروبيون الشهر الماضي إمكانية إقرار قانون ينظم تقنيات الذكاء الاصطناعي ليكون أول قانون شامل في العالم في هذا المجال.

دعوات كثيرة برزت لسن قوانين تحدد حدود المسموح عند إنتاج مواد باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، إذ رفع فنانون دعوى قضائية ضد شركة ستابلتي إيه آي بسبب استخدامها لبعض أعمالهم من أجل تدريب خوارزميات بعض التقنيات لديها، كما رفعت غيتي إيمجز دعوى قضائية ضد الشركة ذاتها في بريطانيا والولايات المتحدة وقالت إن استخدام الشركة لصورها يخرق اتفاقيات كانت قد وقعت عليها فيما يخص البيانات المتاحة لتدريب الخوارزميات.

أصحاب الدعاوى القضائية يحتجون بأن المواد التي تنتجها تقنيات الذكاء الاصطناعي ما هي إلا نتاج أعمالهم بعد أن عولجت.

ت

ما يزيد الأمر تعقيدًا هو أن مذكرة أوروبية صادرة عام 2019، اعتُمدت في 22 دولة من الاتحاد الأوروبي بينها فرنسا، تتيح "الحق في التنقيب عن البيانات"، بما في ذلك المحتوى المحمي بحقوق الطبع والنشر، إذا كانت هذه البيانات متاحة للجمهور، إلا إذا اعترض صاحب الحقوق صراحة. في حين يجيز القانون الأميركي التنقيب عن البيانات ضمن ما يسمى بسياسة الاستخدام العادل.

أما الأعقد من ذلك فهو الوضع القانوني للمحتوى المنتج باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، إذ يمكن تصنيفه ضمن خانة الأعمال المزيفة خاصة في حال طلب مستخدم تقنية الذكاء الاصطناعي إنتاج عمل يحاكي أسلوب المؤلف الأصلي.

وتتبع كل هذه الإِشكالات قضايا تتعلق بالتعويضات وبالاستخدام التجاري للأعمال الأصلية وللأعمال المنتجة باستخدام الذكاء الاصطناعي، بالإضافة إلى قضايا الخصوصية وحماية البيانات الشخصية.

تحذيرات من مخاطر تصل حد انقراض البشرية

جدل الذكاء الاصطناعي وصل ذروته الأسبوع الماضي، عندما حذر أكثر من 350 مختصًا ومطورًا للذكاء الاصطناعي، من بينهم رئيس مجلس إدارة شركة أوبن إيه آي، سام ألتمان، من أن البشرية تواجه خطر الانقراض بفعل هذه التقنيات وطالبوا السياسيين باعتبارها بمثابة خطر جائحة أو حرب نووية.

ومطلع الشهر الماضي أعلن عراب الذكاء الاصطناعي، جيفري هينتون، عن استقالته من غوغل، وقال إنه فعل ذلك ليتمكن من الحديث بحرية حول مخاطر الذكاء الاصطناعي الذي وصفه بأنه "سيتجاوز قريبًا قدرة الدماغ البشري"، كما حذر من قدرة الروبوتات على التعلم بشكل مستقل.

تقارير عديدة حذرت أيضًا من احتمالية تأثر الانتخابات الأمريكية المقبلة العام القادم بتقنيات الذكاء الاصطناعي من قبيل التزييف العميق، إذ أصبحت هذه التقنيات متوفرة للجميع بتكاليف منخفضة، كما أن نتائجها ذات جودة عالية، وقد بدأت أقطاب السياسة في الولايات المتحدة استخدامها بالفعل للتأثير على الرأي العام.

كما حذرت مؤسسات رقابية إعلامية من القدرة على تزييف الأخبار عبر تقنيات الذكاء الاصطناعي، الأمر الذي من شأنه أن يسهم في إغراق شبكة الإنترنت بالأخبار الكاذبة والمضللة.

ماذا يقول الذكاء الاصطناعي عن الجدل الدائر؟

في خضم كل هذا الهلع، ترتفع أصوات خافتة بين الحين والآخر تدعو إلى عدم إهمال الجوانب المضيئة من توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي، إذ أكدت مؤسسات إعلامية على قدرة أدوات الذكاء الاصطناعي على إنتاج محتوى صحفي أكثر دقة وموضوعية، نظرًا لقدرتها الفائقة على جمع البيانات.

يقول تشات جي بي تي، إن تقنيات الذكاء الاصطناعي تحدث ثورة في العالم، إذ إنها تدخل في معظم مجالات الحياة بإيجابياتها وسلبياتها على حد سواء.

أما فيما يتعلق بإيجابياتها، فمن شأن تقنيات الذكاء الاصطناعي في حال ضبط استخدامها أن تؤتمت المهام المتكررة وتحسن سير العمليات مع زيادة كفاءتها في مجالات متعددة، وهو ما من شأنه أن يسرع عجلة الاقتصاد. ويمكن لتقنيات الذكاء الاصطناعي الإٍسهام في تشخيص الأمراض وتحليل الصور الطبية والمساهمة في اكتشاف الأدوية، وهو ما يساعد على الوصول إلى تشخيصات أكثر دقة وعلاجات مخصصة وتحسين نتائج المرضى.

ويمكن له أيضًا تحسين القيادة على الطرق وتقليل الحوادث والحد من الخسائر في الأرواح على الطرق. كما يمكن له تحليل البيانات العلمية وتسريع التوصل لاكتشافات وابتكارات مهمة في الفيزياء والكيمياء والأحياء.

وفي الوقت الذي تعد المخاوف الناتجة عن الذكاء الاصطناعي مشروعة، فإن القول بأنه سيقود إلى انقراض البشرية أم مبالغ فيه في الوقت الحاضر، إذ لا بد من التفريق بين الذكاء الاصطناعي الذي يدور حوله الجدل اليوم، والذكاء الاصطناعي الشامل، الذي يفوق الذكاء البشري والذي لم يتوصل العلماء إلى تطويره بعد، ومن هنا فإن التي تثار حوله لا تزال في الإطار النظري، إذ تثار افتراضات حول ما إن كان سيكون قادرًا على امتلاك نوايا عدائية أو أن قدراته ستفوق قدرات البشر للتحكم به، وهي أمور رغم أنها لا تزال في حقل النظريات، إلا أن سن تشريعات وقوانين ومواثيق أخلاقية تضمن سلامة استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، يعد أمرًا بالغ الأهمية يساعد على تجاوز أي أخطار محتملة.