جدد جيش الاحتلال الإسرائيلي تحذيره لسكان أكثر من 60 بلدة في جنوب لبنان من العودة إلى بلداتهم، وذلك بعد مرور نحو أسبوع على دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ بين لبنان وحكومة الاحتلال. يأتي ذلك في ظل تراجع نسبي في خروقات جيش الاحتلال للاتفاق، وسط تحذيرات أميركية من انهيار محتمل له، مما دفع المبعوث الأميركي، عاموس هوكشتاين، إلى إبلاغ الجانب الإسرائيلي بأنه "ينبغي إفساح المجال لبدء تنفيذ آلية مراقبة وقف إطلاق النار".
وأشار مراسل "التلفزيون العربي"، محمد شبارو، إلى تأكيد لبنان على ضرورة بدء لجنة المراقبة أعمالها، مع التشديد على تطبيق الاتفاق سريعًا خلال مهلة شهرين كحد أقصى. كما دعا لبنان إلى ممارسة ضغوط لانسحاب جيش الاحتلال من بلدات جنوب لبنان، وتثبيت وقف إطلاق النار، مما يتطلب تسريع عملية الانتقال إلى المرحلة الثانية من الاتفاق.
لبنان يختار ممثله في لجنة المراقبة
بحسب وكالة "الأناضول"، ارتكب جيش الاحتلال 117 خرقًا لوقف إطلاق النار منذ دخوله حيز التنفيذ في 27 تشرين الثاني/نوفمبر الماضي. وتركزت هذه الخروقات في أقضية مرجعيون، وبنت جبيل، وحاصبيا، وصور، وجزين في جنوب لبنان. وتضمنت الخروقات استخدام مختلف أنواع الأسلحة، بما في ذلك القصف المدفعي، وغارات الطيران الحربي والمسير، والتوغلات البرية، وإطلاق القنابل المضيئة.
أكد لبنان على ضرورة أن تبدأ لجنة المراقبة أعمالها، لافتًا إلى أنه يريد تطبيقًا سريعًا لهذا الاتفاق، بحيث تكون مهلة الشهرين كحد أقصى
وفي إشارة إلى رغبة لبنان في تسريع الانتقال للمرحلة الثانية من الاتفاق، نقل موقع "العربي الجديد" عن مصدر في الجيش اللبناني، أن لبنان اختار العميد إدغار لاوندس لتمثيله في لجنة مراقبة تنفيذ الاتفاق. يُذكر أن العميد لاوندس أشرف سابقًا على التنسيق مع قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان "يونيفيل" في جنوب البلاد.
ووفقًا للمصدر، "يسجل الجيش اللبناني خروقات العدو الإسرائيلي لاتفاق وقف إطلاق النار، وهو على تواصل بهذا الشأن مع رئيس اللجنة، ممثل الولايات المتحدة، اللواء جاسبر جيفرز، وقوات اليونيفيل". وأكد أن الجيش اللبناني يواصل استكمال انتشاره في مناطق جنوب الليطاني، متمسكًا بتطبيق القرار 1701، مع توقعات برفع عدد العناصر المنتشرين في الجنوب إلى نحو 8 أو 10 آلاف جندي خلال المرحلة المقبلة.
زيارة مرتقبة لوزير الدفاع الفرنسي إلى لبنان
علم "العربي الجديد" من مصادره أن الجنرال غيوم بونشين، وهو من كبار الضباط الفرنسيين، سيمثل باريس في لجنة مراقبة تنفيذ الاتفاق. وكان بونشين قد ترأس سابقًا بعثة الأمم المتحدة في مالي بين تموز/يوليو وكانون الأول/ديسمبر 2023.
من جهته، عقد رئيس لجنة مراقبة تنفيذ قرار وقف إطلاق النار، اللواء الأميركي جاسبر جيفرز، اجتماعًا في مقر بعثة "يونيفيل" في بلدة الناقورة جنوب لبنان، بحضور سفيرة واشنطن في بيروت، ليزا جونسون، ورئيس بعثة "يونيفيل"، الجنرال أرولدو لاثارو. وناقش الاجتماع الجهود المبذولة لاستعادة الاستقرار.
وأكد مصدر دبلوماسي فرنسي لـ"العربي الجديد" أن فرنسا "ستبذل كل الجهود المطلوبة للحفاظ على اتفاق وقف إطلاق النار ومنع انهياره". وعلى الرغم من الخروقات المسجلة، ترى باريس أن الاتفاق يمكن أن يصمد إذا التزمت الأطراف كافة ببنوده واحترمتها.
كما أشار المصدر إلى أن وزير الدفاع الفرنسي، سيباستيان ليكورنو، سيزور بيروت قريبًا لبحث آخر التطورات المتعلقة بالاتفاق، مشددًا على أهمية إتمام لبنان الاستحقاقات المترتبة عليه، وأبرزها انتخاب رئيس للجمهورية في ظل دقة المرحلة الحالية.
لبنان يكثف اتصالاته الدبلوماسية
شن جيش الاحتلال، أول أمس الاثنين، أكثر من 20 غارة جوية استهدفت مدن وبلدات جنوب وشرق لبنان. وزعم رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، أن هذه الغارات جاءت ردًا على قذيفتين أطلقهما حزب الله على موقع رويسات العلم التابع لجيش الاحتلال في تلال كفرشوبا المحتلة، مشيرًا إلى أن الهجوم "رد دفاعي تحذيري أولي" على خروقات الاحتلال المتكررة لاتفاق وقف إطلاق النار.
وفي جلسة خاصة لحكومة الاحتلال عُقدت في مستوطنة نهاريا شمال الأراضي المحتلة، قال نتنياهو: "نحن الآن في وقف إطلاق النار، وأشدد على أنه وقف للأعمال العدائية، وليس نهاية الحرب. هدفنا إعادة السكان وإعمار الشمال، مع فرض وقف إطلاق النار بيد من حديد والتصدي لأي انتهاك مهما كان حجمه".
من جانبه، أكد رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية، نجيب ميقاتي، أن "الاتصالات الدبلوماسية مستمرة وتكثفت مؤخرًا لوقف الخروقات الإسرائيلية لقرار وقف إطلاق النار وضمان انسحاب الاحتلال من البلدات الحدودية". وأشار إلى أن الجانب اللبناني شدد خلال هذه الاتصالات على أولوية استقرار الأوضاع، تمهيدًا لعودة النازحين إلى بلداتهم وتوسيع انتشار الجيش في الجنوب.
أفادت الوكالة الوطنية للإعلام اللبنانية أن الجيش اللبناني بدأ "انتشارًا كثيفًا"، أمس الثلاثاء، في مدينة صور ومحيطها، إيذانًا بإعادة انتشاره في الجنوب، خاصة في القرى الحدودية. كما أعلن الجيش عن حاجته لتطويع جنود متمرنين في الوحدات المقاتلة لتعزيز انتشاره في مختلف مناطق الجنوب.