يقدم الكاتبان الإسرائيليان، إفرايم عنبار ويوسي كوفرفاسر، قراءة تحليلية من وجهة نظر تخدم المصالح الإسرائيلية بشأن خطة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، بشأن تهجير سكان غزة إلى الدول العربية المجاورة، وهي خطة قوبلت برفض ونقد عربي ودولي واسع النطاق. حيثُ ينظر الكاتبان إلى الطريقة التي حوّلت فيها الخطة الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي التقليدي إلى بعد مختلف تمامًا، في الوقت الذي تتعامل إسرائيل مع الخطة بحذر، رغم أنها تخدم مصالحها الاستراتيجية على مستوى غزة.
يعيد الكاتبان في مقدمة مقالهما التحليلي المنشور في "معهد القدس للاستراتيجيا والأمن" التذكير بتصريحات ترامب بشأن تحويل غزة إلى "منطقة خلابة"، وهو ما قوبل بترحيب إسرائيلي، لكنه في المقابل رفض على المستويين العربي والفلسطيني، بالإضافة إلى أن الحكومة الإسرائيلية الحالية لا تدعم إعادة إعمار غزة.
يشير الكاتبان في سياق مقالهما إلى أن تحقيق رؤية ترامب يتطلب تغييرات جوهرية؛ منها إخراج حركة المقاومة الإسلامية "حماس" خارج غزة، فضلًا عن إقناع الفلسطينيين بالهجرة الطوعية، وتأمين تعاون دولي لاستيعاب اللاجئين وتمويل المشروع، لكن هذه الخطوات تواجه عقبات كبيرة، خاصة في ظل الرفض العربي الذي قد يسبب "اضطرابات داخلية" في دول مثل مصر والأردن.
يتوقّع أن يمارس الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، ضغوطًا على عدد من الدول العربية لدعم خطته، والتي يعتبرها ضمن استراتيجيته الإقليمية الأشمل لتحييد إيران وتوسيع اتفاقيات التطبيع
يتوقّع الكاتبان ضمن هذا الإطار أن يمارس ترامب ضغوطًا على عدد من الدول العربية لدعم خطته، والتي يعتبرها ضمن استراتيجيته الإقليمية الأشمل لتحييد إيران وتوسيع اتفاقيات التطبيع، لكنهما يشككان في قدرة ترامب الدبلوماسية على النجاح في تغيير قناعات دول المنطقة بسهولة.
يرى الكاتبان أن خطة ترامب تمثل تحولًا جذريًا في التعامل مع القضية الفلسطينية، حيث تخرج عن السياق التقليدي، وهو يؤكد من خلالها رغبته بفرض واقع جديد بعد السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، على اعتبار أن الفلسطينيين هزموا في الحرب، لتقضي بذلك على فكرة حل الدولتين. ومع ذلك، فإنه حتى لو لم تُنفذ الخطة، فإنها تفرض على الفلسطينيين والدول العربية تقديم بدائل عملية، في ظل تراجع دور أوروبا والمجتمع الدولي في حل النزاع.
من الممكن أن يؤدي اتفاق تبادل المحتجزين الإسرائيليين والأسرى الفلسطينيين إلى تصعيد العمليات في الضفة الغربية وخارجها، حيث يُنظر إليه فلسطينيًا على أنه انتصار ودافع لمزيد من الهجمات، كما يقول الكاتبان، لكن إطلاق سراح الأسرى يستدعي من إسرائيل تكثيف عملياتها الأمنية والاستعداد لجولة جديدة من القتال في غزة، على حد تعبيرهما.
يقترح الكاتبان عدم تعاطي إسرائيل مع خطة ترامب بشكل رسمي، لكن ذلك لا يمنعها من الاكتفاء بالرضا عنها، تحسبًا من أن يؤدي الدعم العلني للخطة لعرقلة صفقة المحتجزين، وأن يزيد أيضًا من التوتر مع الدول العربية، حيث تعتبر هذه القضايا ذات أهمية استراتيجية. وهنا يرى الكاتبان أنه يمكن لإسرائيل الاكتفاء بتمني نجاح ترامب في إقناع الدول العربية بدعم الخطة، مع التأكيد على أن العوائق تأتي من أطراف أخرى، وليس من جانب إسرائيل.
ومع ذلك، يقول الكاتبان إنه يجب على إسرائيل أن تظهر بموقف الداعم لخطة الرئيس الأميركي، ليس فقط لمضمونها، لكن أيضًا لكونها صادرة عن الولايات المتحدة، الحليف الأهم لها. ومع وجود إدارة أميركية مؤيدة لإسرائيل، فإن التحفظ العلني على الخطة قد يكون غير مناسب.
تعتمد خطة ترامب على إخراج "حماس" من القطاع، لكن ذلك أمر غير ممكن دون عملية عسكرية إسرائيلية، وهو ما تدركه الولايات المتحدة التي لا ترغب في التدخل المباشر، كما يرى الكاتبان، وهما في هذا السياق يشيران إلى أن "بعض الدول العربية المعتدلة تفضل إنهاء سيطرة حماس" في القطاع، وهو ما يمنح واشنطن أداة ضغط إضافية عليها.
ترامب أعاد طرح فكرته بشأن تهجير سكان قطاع غزة إلى دول الجوار مؤكدًا أن "إسرائيل" ستسلّم القطاع إلى الولايات المتحدة بعد انتهاء القتال.
اقرأ أكثر: https://t.co/RUIuNlhFdG pic.twitter.com/CqXMRKrmZ2— Ultra Sawt ألترا صوت (@UltraSawt) February 7, 2025
يختتم الكاتبان مقالهما بالتأكيد على وجوب استغلال الدبلوماسية الإسرائيلية خطة ترامب لتغيير التصورات العالمية حول الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، ويشددان على رفض فكرة نقل سكان غزة إلى مناطق في الضفة الغربية، وذلك لتجنب أي تهديد ديموغرافي أو استراتيجي لإسرائيل. إذ إنه حتى لو لم تُنفذ الخطة، فإن مجرد طرحها يخدم المصالح الإسرائيلية، وفقًا لتعبيرهما.
وكان ترامب قد أثار فكرة تهجير سكان غزة للمرة الأولى على هامش زيارة رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، عندما صرح بأن "الشرق الأوسط لديه المال اللازم لبناء أماكن جديدة لسكان غزة"، مدعيًا أن "العثور على قطعة أرض مناسبة، أو عدة قطع، وبناء مساكن جديدة سيكون حلًا أفضل لهم بكثير من العودة إلى القطاع الذي لم يشهد سوى عقود طويلة من الموت والدمار".
وعاد مجددًا للتأكيد على خطته في منشور على منصته الخاصة "تروث سوشال"، مؤكدًا "أن إسرائيل سوف تسلم قطاع غزة إلى الولايات المتحدة بعد انتهاء القتال"، مدعيًا أنه "سوف تتاح لهم الفرصة بالفعل للعيش بسعادة وأمان وحرية"، وأن الولايات المتحدة سوف تبدأ "بالتعاون مع فرق التنمية العظيمة من مختلف أنحاء العالم، ببطء وحذر في بناء ما سيصبح واحدًا من أعظم وأروع مشاريع التنمية من نوعها على وجه الأرض".