10-مارس-2017

يثير توحيد خطبة الجمعة جدلًا في الأردن (ساليا بترسون/Getty)

"يوم الجمعة صعب على الأردنيين"، هذا ما قاله لي الحاج محمد سلمان حين سألته عن رأيه في قرار وزير الأوقاف الأردني توحيد خطبة الجمعة. السبب عند الحاج محمد هو أن يوم الجمعة، الذي يفترض أن يكون يوم راحة بعد أسبوع عمل طويل، يصبح محطّة للشكوى والتعب على جميع المستويات، "وخاصّة ساعة خطبة الجمعة".

الشكوى من خطباء الجمعة في الأردن أمر تقليدي ومتوقع في كل حوار على مائدة الغداء أو في الجاهات والأعراس التي تقام عادة في ذات اليوم

فالشكوى من خطباء الجمعة في الأردن أمر تقليدي ومتوقع في كلّ حوار على مائدة الغداء التي تجتمع عليها العائلة أو في الجاهات والأعراس التي تقام عادة يوم الجمعة. فالخطباء لا يتلقون التدريب والتأهيل اللازمين لتقديم خطبة جيدة من ناحية المستوى والأسلوب، كما أن عدم توحيد الخطبة وضعف الرقابة يجعل الخطباء يشرقون ويغربون في مواضيع يراها كثير من المصلين بعيدة عن الواقع ولا تسبب إلا الملل والنعاس.

اقرأ/ي أيضًا:  خطبة الجمعة الموحَّدة.. "كارت أحمر" لشيخ الأزهر

وقد جاء قرار وزير الأوقاف وائل عربيّات لتوحيد خطبة الجمعة لأهداف تتعلق بمكافحة الفكر المتطرف والإرهاب، وأكد في أكثر من تصريح أنّ هذا القرار لا يعني توجيه الخطب سياسياً، وأن الخطب لن تدافع عن توجهات الحكومة أو سياساتها.

وقد أثار قرار توحيد الخطبة ردود فعل واسعة بين الأردنيين، حيث رأى البعض أنّ القرار يحدّ من الإبداع ويضيق على الحريات، بينما رأى آخرون ممن دافعوا عن القرار أن توحيد الخطبة ينهي حالة الفوضى في الخطب المنبرية ويضع قيوداً على بعض الخطباء الذين "يشطحون" في الكلام أو ينشرون الفكر المتطرف والمتشدد في خطبهم.

يرى أحمد الرفاعي (طالب جامعي، 21 سنة) أن قرار توحيد خطبة الجمعة هو القرار الأسلم، ويقول لـ"ألترا صوت": "أحرص على الذهاب للخطبة مع أفراد العائلة، ولكني لا أستفيد شيءًا من الخطبة. الخطيب يصرخ دائماً والخطبة تستمر أكثر من نصف ساعة، وهي مملة دائماً".

ويتحدث معتز أحمد (ماجستير شريعة، جامعة العلوم الإسلامية العالمية) عن أن الكثير من أصدقائه، حتى المتدينين منهم، يتعمّدون التأخر في الذهاب للمسجد يوم الجمعة لأنهم أصبحوا لا يتحملون الجلوس والاستماع للخطبة. ويقول معتز: "خطباء الجمعة يبعدون الناس عن الدين، والشباب خاصة لا يجدون أي فائدة في خطبة الجمعة".

أثار قرار توحيد الخطبة ردود فعل واسعة بين الأردنيين، رأى البعض أن القرار يحد من الإبداع ويضيق على الحريات بينما سانده البعض الآخر

ولمتابعة التزام الخطباء بالخطب الموحدة عينت وزارة الأوقاف موظفاً في كل مديرية بمسمّى "الإمام المشرف" تكون مهمّته مراقبة المساجد في كل منطقة للتأكد من التزام الخطباء بالخطب المكتوبة.

اقرأ/ي أيضًا:  فتاوى المغرب.. كل شيء يثير الضجيج

وعلى المستوى الرسمي عبّر بعض النواب في البرلمان الأردني عن معارضتهم قرار الوزير بتوحيد الخطبة، وقام النائب الإسلامي عن كتلة الإصلاح أحمد الرقب بتوجيه مذكرة لرئيس الوزراء يستنكر بها القرار ويدعو الحكومة إلى التراجع عنه، قائلاً في المذكرة إن توحيد الخطبة "لا يتفق مع المنهج النبوي ويتعارض مع أحكام الدستور".

ويبدو أن الجدل حول الخطبة الموحدة يتجدد كل أسبوع على شبكات التواصل الاجتماعي. يقول أحد الأردنيين على تويتر: "قرفنا من انتقاد الخطبة الموحدة، يعني الخطباء كانوا ممتازين من قبل"، ويقول آخر "في داعي نروح على صلاة الجمعة ما دام قرأناها على النت؟".

وكان وزير الأوقاف قد صرح بعد فترة قصيرة من تعيينه أن أكثر من "نصف خطباء المملكة غير مؤهلين"، ونظراً إلى عدد المساجد الكبير في الأردن والذي يتجاوز 6200 مسجداً فإن مشكلة تأهيل الخطباء والأئمة والرقابة عليهم تعدّ من أكبر التحديات التي تواجه وزارة الأوقاف والقائمين عليها.  

اقرأ/ي أيضًا: 

مساجد الجامعات الجزائرية.. لله أم للأحزاب؟

فتوى تحريم الاحتجاجات العشوائية تثير جدلًا في تونس