24-سبتمبر-2017

تظاهرة في جنيف رفضًا لحصار قطر (الأناضول)

أقدم الوفد القطري في الأمم المتحدة  أمس السبت على الانسحاب قبل أن يبدأ وزير الخارجة الإماراتي عبد الله بن زايد إلقاء كلمته في الدورة الـ72 للجمعية العامة، ويأتي انسحاب وفد دولة قطر كخطوةٍ رمزية احتجاجًا على الدور العدائي الذي لعبته دولة الإمارات في مساهمتها بفرض الحصار المفروض على الدوحة منذ حزيران/ يونيو الفائت بالاشتراك مع دول السعودية، البحرين، ومصر.

البعثة القطرية للأمم المتحدة: المجتمع الدولي يدرك أهداف حملة التشويه التي تقودها الإمارات بعدما فشلت دول الحصار في تقديم أدلة على ادعاءاتها

البعثة القطرية ترد على أكاذيب أبوظبي

وعقب انتهاء كلمة الوزير الإماراتي أمام الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، وجهت البعثة القطرية انتقادات لما جاء في مضمونها من مزاعم إماراتية تدعي تمويل قطر للتنظيمات الإرهابية، وقالت البعثة في بيانها إن "المجتمع الدولي يدرك أهداف حملة التشويه التي تقودها الإمارات بعدما فشلت دول الحصار في تقديم أدلة على ادعاءاتها"، مؤكدًة أن الحصار المفروض على قطر "ينتهك بشكل صارخ أسس ومبادئ التعاون التي قامت عليها الأمم المتحدة".

وأكد البيان الذي حمل لهجة صارمة أن سجل دولة قطر "يتفوق على سجل من وجّه لها الاتهامات"، مطالبًا أبوظبي بالتوقف "عمّا تقوم به من خروق لقرارات مجلس الأمن الدولي في ليبيا، ويتعين عليها وقف شراء الأسلحة من كوريا الشمالية، ودعم نشر الفوضى وإشعال الحروب بتوظيف المرتزقة".

اقرأ/ي أيضًا: حكومة السعادة الإماراتية.. فروض التعاسة لمن يتعاطف مع قطر!

وانتقد أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني في كلمته التي ألقاها يوم الثلاثاء الفائت الحصار المفروض من الدول المضادة لثورات الربيع العربي على الدوحة، موضحًا أن الحصار تقوده "دول تعتقد أن حيازتها للمال، يؤهلها للضغط على دول أخرى وابتزازها، دول كثيرة فوجئت بفرض الحصار علينا وبأسبابه ودوافعه، رفضنا الانصياع للإملاءات بالضغط والحصار، ولم يرض شعبنا بأقل من ذلك".

لم تخرج كلمة الوزير الإماراتي أمام الدول الأعضاء عمّا روجت له أبوظبي من ادعاءات مضمونها فارغ من أي أدلة تدين قطر

محض مزاعم إماراتية لا أكثر

لم تخرج كلمة الوزير الإماراتي أمام الدول الأعضاء عمّا روجت له أبوظبي من ادعاءات مضمونها فارغ من أي وثائق تدين قطر بناء على المزاعم المثارة ضدها، بل كانت مجرد تكرار يشبه أغنية رديئة يُعاد بثها تلقائيًا على الجمهور بشكل إجباري.

ادعى عبدالله بن زايد في كلمته أن مبادئ السياسة الخارجية لبلاده تقوم على "أحكام القانون الدولي والقائمة على الشراكة ودعم سيادة القانون واحترام قواعد حسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول.."، لكن تصرفات السياسة الخارجية لأبوظبي تظهر إقدامها على تصرفات غير مسؤولة، وتتعارض مع مبادئ وأحكام القانون الدولي.

منتصف الشهر الجاري نشر موقع ميدل إيست آي تقريرًا يتضمن حزمًة جديدة من مسلسل التسريبات التي يشهدها البريد الإلكتروني لسفير الإمارات في واشنطن يوسف العتيبة، ففي رسائل إلكترونية متبادلة مع الدبلوماسي الأمريكي إليوت إبرامز يرجع تاريخها لأيار/ مايو الفائت، أي أنها قبل فرض الحصار على الدوحة ما يعكس نية معاداتها مسبقًا، تناقش الاثنان حول إمكانية تنفيذ عمل عسكري ضد دولة قطر، وأعرب يوسف العتيبة في إحدى الرسائل عن أسفه لنجاح وساطة أمير دولة الكويت في وقف العمل العسكري ضد الدوحة.

تتجاهل أبو ظبي أدوارها المكشوفة في  تخريب مصر واليمن وتعتقد أن العالم مستعد لتصديق ما تلفقه بحق قطر

كذلك فإن الإمارات في مزاعم عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول تجاهلت التسريبات التي أطاحت بطفلها المدلل يوسف العتيبة الذي أظهر بريده الإلكتروني تآمر الإمارات ليس على دولة قطر وحدها، إنما شمل باقي دول الربيع العربي التي طالبت بتحول ديمقراطي لأنظمة الحكم، وإنهاء عصر الديكتاتوريات العسكرية، وإذا بحثنا في سجل أبوظبي خلال الأعوام الستة الفائتة نجد أنها قدمت دعمًا غير محدود لجنرالات عسكريين يقودون الثورات المضادة لثورات الربيع العربي، كان من بينها الليبي خليفة حفتر على سبيل المثال لا الحصر.

أهزوجة دعم السلام والاستقرار

وتضمنت كلمة عبدالله بن زايد كما جاء فيها من ادعاءات، عدم سماحهم "لأي طرف كان بعرقلة الجهود الجماعية الجادة لتحقيق السلام والاستقرار وتقويضهما وإلا سنكتفي بإدارة الأزمات فقط وليس حلها"، الشيء الوحيد الصادق كان في كلمته "إدارة الأزمات" لكن بشكل أكثر من سيئ ظهرت معالمه واضحة في اليمن وليبيا وسوريا لصالح الديكتاتوريات العسكرية.

وتجاهل عبدالله بن زايد في كلمته دور بلاده في تفشي مرض الكوليرا باليمن نتيجة دعمها للسعودية التي تقود ما يعرف بـ"عاصفة الحزم". وكشفت منظمة الصحة العالمية قبل أسبوع تقريبًا عن تسجيلها 618 ألفًا و209 حالات اشتباه بمرض الكوليرا في 22 محافظة و300 مديرية في اليمن منذ نيسان/ أبريل للعام الجاري.

اقرأ/ي أيضًا: محاولة للبحث عن العلمانية في قاموس فيلسوف الرشاوى "العتيبة"

كما أن دعم أبوظبي لنظام الانقلاب العسكري في مصر ساهم بتراجع الحريات المدنية لدرجات متدنية، مما دفع الولايات المتحدة لحرمان القاهرة من مساعدات بقيمة 95.7 مليون دولار أمريكي، وتأخير صرف 195 مليون دولار أمريكي أخرى، بسبب عدم تسجيلها أي تقدم على صعيد احترام حقوق الإنسان والمعايير الديمقراطية، وهو ما يعد دليلًا إضافيًا على دور أبوظبي في دعمها للنظام المصري في عملية تكميم الأفواه التي يمارسها ضد المعارضين للانقلاب العسكري.

تتوالى التسريبات والأدلة على الانسجام التطبيعي بين أبو ظبي وتل أبيب بينما تستمر أبو ظبي باللعب الخطابي باسم القضية الفلسطينية

ولم يكن في صالح عبدالله بن زايد استذكار نتائج قمة الرياض التي وصفها بـ"التاريخية"، إذ صار من المعلوم لدى الجميع أن أبرز مقرراتها – زعمت الدول المشاركة بها اتخاذها لموقف موحد لمكافحة الإرهاب – كانت شراء صمت الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مقابل فرض الحصار على دولة قطر، الذي بدأته بعد أقل من 15 يومًا من انعقادها، حيثُ تعتبر مقررات القمة في اتخاذها قرار فرض الحصار سقطة دبلوماسية على أعلى المستويات الدولية نظرًا لدور الدوحة البارز في المساهمة بحل الأزمات الداخلية لبعض الدول على الصعيد الإقليمي على مدار الأعوام العشرة الفائتة.

تفحيط سياسي على حساب القضية الفلسطينية

إلى جانب مهاجمتها إيران رغم إظهار تقارير اقتصادية تجاوز التبادل التجاري بين طهران وأبوظبي 50 مليون دولار أمريكي منذ عام 2011، فإنها دعت لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية "الذي يجعل الشباب عرضة للاستغلال من قبل الجماعات الإرهابية التي تدعي بأنها الخيار الأمثل لتحقيق تطلعاتهم"، ما يعني أن الاحتلال لا يندرج ضمن خرق فاضح للمواثيق والأعراف المتوافق عليها دوليًا، والتي تمنع احتلال دولة للأخرى إنما فقط للقضاء على الإرهاب، والذي يبدو أن الإمارات منفتحة في خيالها على تعريفه.

وقد جاء في أحد تقاريرموقع ميدل إيست أي المرتبط بتسريبات البريد الإلكتروني للعتيبة أن الأخير أراد الاطمئنان على أداء منظومة "القبة الحديدية" التي استخدمها جيش الاحتلال في حربه على قطاع غزة عام 2012 وقضى على إثرها 173 مدنيًا، والتقرير عينه أشار لتواصل بين العتيبة وقائد عملية"القبة الحديدية" الإسرائيلي نفسه عوزي روبين، فضلًا عمّا كشفه موقع هاف بوست بنسخته الإنجليزية عن وجود تعاون بين أبوظبي ومؤسسة بحثية إسرائيلية مع أطراف من اللوبي الإسرائيلي بناء على تقابلهما في قضيتين رئيسيتين هما "احتواء إيران، وحركات الإسلام السياسي".

تحاول أبو ظبي خلق وهم بشبهة العلاقة بين الدوحة وطهران، في حين تحتل موقعًا تنافسيًا في تبادلها التجاري مع إيران

عندما بدأت دول الحصار حملتها العشوائية اتجاه دولة قطر نشرت شبكة الجزيرة الإخبارية تقريرًا للإعلامي فوزي بشير بعنوان "التفحيط السياسي"، كان واحدًا من أذكى التقارير التي فندت مزاعم الدول التي قادت الحصار بموافقة أمريكية، اليوم تعود أبوظبي للتفحيط السياسي مرًة ثانية أمام نحو 193 دولة في كلمتها الأخيرة ضمن جلسات الجمعية العامة للأمم المتحدة، وتثبت صحة التقارير الغربية بالإضافة لغزارة التسريبات الواردة من البريد الإلكتروني للعتيبة الذي يستخدمه لتقويض استقرار دولة قطر بسبب سياستها الخارجية التي تتنافى مع سياسة الإمارات وحلفائها الداعمين لمنع أي عملية تحول ديمقراطي في العالم العربي.

 

اقرأ/ي أيضًا:

#أخرجوا_الإمارات_من_اليمن.. كفى تعذيبًا لشباب "اليمن الحزين"

إعلام السعودية والإمارات..تحريف على المكشوف وسقوط متواصل