17-يناير-2019

عمل فني مشترك لـ Asgar/ Gabriel

‎حلمتُ بأشياءَ كثيرةٍ تجمعنا

‎أكثرَ من تناوبنا على قراءةِ كتاب "كلّنا شعراء سود"

‎على سرير الحُب

‎أكثرَ من مساعدتكَ لي في تجهيز طاولة الطعام

‎وطيِّ الثياب في الخزانة

‎أكثرَ من وجود فرشاتَيْ أسناننا متجاورتين بخزانةٍ واحدة في الحمّام

‎حيث فهمتُ لحظتها أننا سنبقى معًا للأبد.

 

‎حلمتُ مرّةً

‎أنَّني أُمّك

‎امرأة ريفية بسيطة

‎من قريةٍ نائية على خرائط العالم تدعى "العنّازة"

‎تستيقظُ قبل بزوغ الفجر

‎لتعملَ رفقةَ شجرات الزيتون على تجبيرِ كسور الأرض وقلبها معًا

‎هناك في تلك القرية يمكن للنساء المحطمات

‎أن يتّخذن من شجر الزيتون عائلة

‎أو أملًا لهُ هيئة

‎بيتٍ بمدفأة حطب قديمة.

‎ولحظة تصيرُ الأشياءُ بلا جدوى

‎كلعبة قمارٍ لا تنتهي

‎تُدندنُ  بأسىً خافتٍ

‎عن زوج ماتَ مبكرًا

‎فيما أنت تخبّط بقدميك جدران رحمها متعجّلًا القدوم.

 

‎هناك في القرية الساحليّة البعيدة

‎تتحوّلُ شجرةُ الزيتون لأخت،

‎أو أملٍ بلا قدمين

‎تحضنُ ضعَفها وتلمسُ بأغصانها بطنَها المنتفخَ بكَ

‎فتتشرّبُ بشرتُك رائحةَ الزيتون

‎هذه الرائحةُ الّتي سوف أشمُّها كلّما ضممتني

‎ويصبح لكَ قلبُ بستان زيتون

‎البستان الذي اتّخذتهُ بيتًا لي

‎بعد أربعين عاماً من ولادتكَ.

 

‎أجل حلمتُ مرّاتٍ عدّة أن أكون أمّكَ

‎أعدُّ لكَ طعامَ الفطور

‎أقلمُّ أظافركَ الطويلة

‎أدفئ قدميك الباردتين بحرارة جسدي في ليالي الشتاء الباردة

‎أوقظكَ من نومكَ الصباحي بالشتائم

‎وتنقيط قطرات الماء على وجهك

‎أشتمكَ وألعنكَ  

‎حين تكسرُ الحياة ظهريَ

‎ويمرّغني الفقرُ أبعدَ من الوحلِ والطين

‎ أبعد من الفقدان

‎ألعنُ الحياةَ والأبناءَ والأزواج الذين يموتون باكرًا

‎وأضمّكَ لصدري في آخرِ النهار الطويل

‎أسردُ لك فيهِ عن غدٍ يكون لك فيه

‎امرأة

‎تعدُّ لتعبكَ كأسَ الشاي وهي تبتسمُ بحنانٍ

‎للخزانة التي تضعانِ فيها أشياءَكما معًا

‎عدّةَ الحلاقة

‎فرشاةَ الأسنان

‎مصفّفَ الشعر

‎و... حطامَكما القديم.

 

اقرأ/ي أيضًا:

غرقٌ في الذّاكرة

أنا الخوف