12-أبريل-2022
الجولة الثانية من الانتخابات تضع اليسار الفرنسي أمام أسئلة صعبة (Getty)

الجولة الثانية من الانتخابات تضع اليسار الفرنسي أمام أسئلة صعبة (Getty)

بعد فرز أصوات الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية الفرنسية، أظهرت النتائج أن الرئيس إيمانويل ماكرون تصدّر الدورة الأولى بحصوله على 27,8% من الأصوات مقابل حصول مرشحة اليمين المتطرف مارين لوبان على 23,1%. وهو ما يدخل البلاد في اصطفاف أكبر قبيل الجولة الثانية من الانتخابات، التي تضع اليسار الفرنسي أمام خيارات صعبة، بين سياسات يمينية ويمينية متطرفة.

حصلت لوبان على دعم المرشح اليميني المتطرف إيريك زمور الذي حصل على 7,1%  من أصوات الناخبين

وقال ماكرون في مقر حملته عقب الإعلان عن النتائج الأولية للاقتراع إن "مشروعه أفضل بكثير من مشروع أقصى اليمين"، في إشارة إلى منافسته لوبان. وأضاف أنه يريد "فرنسا قوية على كل المستويات ضمن أوروبا قوية، ووفية للإنسانية"، مشددًا أمام أنصاره على أن مشروعه الوحيد هو "دعم القدرة الشرائية ودعم العمال". أما مارين لوبان فقالت في مقر حملتها الانتخابية "أريد أن تكون المواجهة المقبلة جيدة حتى يقرر الشعب الفرنسي مصيره"، داعية كل من "لم يصوّت لماكرون في الجولة الأولى إلى التصويت لها في الجولة الثانية".

يذكر أن النتيجة التي حققها المرشحان تعتبر أفضل مقارنة بالدور الأول  للانتخابات عام 2017، ولكن في هذه المرة فإن نتيجة الحسم في الدورة الثانية للانتخابات ستحددها أصوات الخاسرين في الدور الأول.

وفي محاولة لقطع الطريق على اليمين المتطرف، دعت مرشحة حزب الجمهوريون اليميني فاليري بيكريس التي تحصلت على 4,8% من أصوات الناخبين للتصويت لصالح ماكرون "لمنع الفوضى التي قد تنجم مع وصول لوبان إلى السلطة" بحسب قولها، كما طلبت من ناخبيها التفكير "بجدية في العواقب الوخيمة المحتملة على بلدنا والأجيال القادمة من أي خيار مختلف عن خيارها بشأن التصويت في الجولة الثانية من الانتخابات".

بدوره، ذكّر مرشح حزب الخضر يانيك جادو والذي حل سادسًا بنسبة تصويت 4,6% أنصاره بالتهديد الأساسي الذي يشكله اليمين المتطرف، قائلًا "لن نستسلم، وضع البلد يتطلب منا ذلك"، داعيًا من صوت لصالحه بصد اليمين المتطرف بالتصويت لماكرون. أما مرشح الحزب الشيوعي فابيان روسيل الذي حصل على 2,3% من الأصوات فقال "الأحد سأختار المسؤولية، لن أسمح على الإطلاق لمشروع عنصري كاره للأجانب بتحمل المسؤولية في فرنسا. أعلم أنه من الصعب بشكل متزايد قول ذلك".

من جانبها، فإن مرشحة الحزب الاشتراكي ورئيسة بلدية باريس آن هيدالغو التي حصلت على 1,7% من الأصوات في أسوأ نتيجة في تاريخ الحزب الذي سيطر لسنوات عديدة على المشهد السياسي الفرنسي، دعت للتصويت لإيمانويل ماكرون، قائلة إن "النتائج والامتناع عن التصويت الحاصل في الانتخابات تظهر أن فرنسا منقسمة". ودعت "الناخبين إلى ضمان ألا تنجرف البلاد إلى كراهية الكل ضد الكل"، مضيفة "أطلب منكم بشدة التصويت في 24 نيسان/ أبريل ضد اليمين المتطرف بقيادة لوبان والتصويت بدلًا من ذلك لإيمانويل ماكرون".

أما صاحب المرتبة الثالثة مرشح فرنسا الأبية اليساري جان لوك ميلنشون، الذي حصل على 22% من أصوات الناخبين، فدعا إلى ضرورة حجب الأصوات بشكل قاطع عن مرشحة اليمين المتطرف مارين لوبان. وقال في كلمة له عقب إعلان نتيجة الجولة الأولى إنه قبل "خمس سنوات كان هناك بعض الضرر بعد الإعلان أن الفرنسيين قادرون على معرفة ما يجب القيام به، ومعرفة ما هو جيد للبلاد. ولكن لتجنب الجدل هذه المرة، يجب ألا نعطى صوتًا لمارين لوبان". قبل أن يكررها أربع مرات، قائلًا "أكررها لأنني عندما أقول شيئًا يبدو الأمر أحيانًا كما لو أننى لم أقله، لذا أعتقد أنه تم سماع الرسالة.. نحن نعلم لمن لن نصوت أبدًا". لكن في هذا الخطاب لم يدع المرشح اليساري للتصويت لصالح إيمانويل ماكرون، وهو نفس موقف مرشح اليسار الراديكالي فيليب بوتو الذي شدد على أنه لا يجب التصويت نهائيًا لصالح مرشحة اليمين المتطرف.

بالمقابل حصلت لوبان على دعم المرشح اليميني المتطرف إيريك زمور الذي حصل على 7,1%  من أصوات الناخبين. وخاطب زمور أنصاره قائلًا "لدي خلافات مع مارين لوبان، ولكن هناك في مواجهتها رجل أدخل مليوني مهاجر ولم يتطرق البتة إلى موضوع الهوية، لن أخدع بخصمي"، داعيًا مناصريه إلى "التصويت لمارين لوبان". وهو نفس موقف المرشح المحسوب على اليمين المتطرف نيكولا ديبون إينيان الذي حصل على 2,1% من أصوات الناخبين.

هذا وقد وبلغت نسبة المقاطعة 26% وفق تقديرات غير رسمية، وهي أعلى مقارنة بالانتخابات السابقة التي بلغت حينها 22,2%. وبعد ظهور نتائج الجولة الأولى من الانتخابات، أظهرت استطلاعات الرأي تقدمًا طفيفًا للرئيس ماكرون بحصوله في الجولة الثانية على نسبة 51% من الأصوات.

اصطفاف قبيل الجولة الثانية من الانتخابات، التي تضع اليسار الفرنسي أمام خيارات صعبة، بين سياسات يمينية ويمينية متطرفة

وهنا يبرز موقف اليسار الذي من شأنه أن يؤثر على نتائج الجولة الثانية. فلا تزال هنالك شريحة واسعة من الناخبين اليساريين في فرنسا الذين يرفضون التصويت لماكرون ولوبان، ما ترجم خلال الجولة الأولى في الشعبية المرتفعة لميلانشون. وهو ما قد يعني أن جزءًا منهم لن يصوت لأي من المرشحين.