07-نوفمبر-2015

برنامج "خدمة العللاء"(فيسبوك)

اجتاحت العالم العربي، في السنوات الأخيرة، موجة من البرامج الساخرة التي تتخذ من موقع "يوتيوب" مكانًا للبث والوصل مع الجمهور. وقد تحول بعضها إلى التلفزيون وحقق نجاحًا استثنائيًا، مثل برنامج "البرنامج" للمصري باسم يوسف، الذي استطاع أن يترك بصمته الواضحة ويؤثر في التجارب التي تلته، وموريتانيا لم تكن بعيدة عن هذا التأثير ولو أن حظها كان أقل من بقية الدول العربية.

يقدم برنامج "خدمة العللاء" نقدًا ساخرًا للمجتمع والسلطة في موريتانيا

ويعتبر برنامج "خدمة العللاء" أي "خدمة المغفلين" أبرز التجارب الموريتانية في هذا الإطار. يقدم من خلاله خريج كلية الحقوق، الكوميدي الموريتاني لمرابط ولد زين لمحات كوميدية سريعة ينتقد من خلالها المجتمع والسلطة، وتعتمد فكرة البرنامج على شخص يتلقى اتصالات هاتفية من قبل المواطنين، يستشيرونه ويطرحون عليه أسئلتهم ويجيبهم. ومن خلال ذلك يبث لمرابط رسائله في قالب كوميدي ساخر وخفيف.

في هذا الإطار، يقول لمرابط ولد زين لـ"ألتراصوت": "أطلقت البرنامج لأننا نحتاج لمسار تصحيحي لكوميديا سخيفة دأب المشاهد الموريتاني على متابعتها يوميًا على قنواتنا الفضائية". وللمرابط تجربة كوميدية سابقة في إحدى التلفزيونات المحلية "قناة المرابطون" وسبق وعمل معدًا ومقدمًا لبرامج من نوع "التوك شو"، لكنه اختار الإنترنت لتقديم تجربة "خدمة العللاء"، وعن سبب ذلك يقول لمرابط: "يعود ذلك إلى عدد المتابعين على مواقع التواصل الاجتماعي وسهولة إيصال المعلومة بعيدًا عن مقص الرقيب".

ويضيف لمرابط: "انطلاقًا من رؤيتي أن الخلل في موريتانيا مجتمعي فرسائل البرنامج دائمًا توعوية". يظن لمرابط ولد زين أن الكوميديا وسيلة مهمة لتغيير المجتمعات، ويقول: "الكوميديا غيّرت مجتمعات أكثر تعقيدًا من المجتمع الموريتاني لذلك أعتقد أنها تستطيع تغيير العقليات وعندها سيتغير المجتمع حتمًا وكل هذا مرتبط طبعًا بمستوى الحريات".

خدمة العللاء

في سياق متصل، يعلق الناشط والمدون الموريتاني محمد عبدو لـ"ألترا صوت": "موريتانيا بحاجة لاستخدام السخرية لبث رسائل التغيير، السخرية آلية لإيصال أي رسالة تغييرية بشكل أعمق كحالة كل الرسائل ذات الطابع الفني، فحين يخاطب مفكر ما الجمهور بفكرة تغييرية ما فإن نسبة قليلة جدًا هي التي ستفهم وتتفاعل مع ما يقوله لكن لو تناول الساخر نفس الفكرة بشكل مضحك فإن أغلب الجمهور سيفهمها ويتفاعل معها".

اختار لمرابط تقديم برنامجه الساخر على "يوتيوب" ليوصل ما يريد للموريتانيين بسرعة وبعيدًا عن مقص الرقيب

تحدث المدون الموريتاني محمد عبد الرحيم لـ"ألترا صوت"، عن لمرابط وتجربته: "قبل سنتين تقريبًا عرفت ذلك الوجه الكوميدي المبدع، أثناء عملي على المونتاج النهائي لأول برنامج إعلامي يظهر فيه لمرابط، وكانت حلقات "لبجاوي" العشر التي أدمنت مشاهدتها أكثر من كافية لتجعلني أريد المزيد، المزيد من ذلك النقد الساخر المتقن، تلك الأمثلة البسيطة العميقة التي يلقيها بكل عفوية ذلك اللسان الكوميدي الفصيح إن جاز التعبير". ويضيف عبد الرحيم: "برنامج "خدمة العللاء" مثل نقلة فريدة في تاريخ السينما المعبرة والناقدة في بلد تعود على رتابة ما يقدم، أظهر لمرابط قدرة استثنائية على نقد الواقع بكل أريحية في دقيقتين أو ثلاث وتقديم مادة إعلامية توعوية مركزة، تلقفها الوسط التفاعلي في موريتانيا بكل لهفة".

حققت تجربة لمرابط نجاحًا كبيرًا، فمقاطع فيديو برنامجه تعتبر الأكثر تداولًا على شبكات التواصل الاجتماعي وتطبيقات المحادثة مثل "الواتساب" للموريتانيين، وقد تجاوز عدد المعجبين بصفحة البرنامج على "فيسبوك" أربعة وسبعين ألف معجب، وهو رقم مرتفع في بلد لا يتجاوز عدد مستخدمي موقع "فيسبوك" فيه مائتين وخمسين ألف مستخدم، وتصل نسبة مستخدمي الإنترنت 12% فقط. واستطاع البرنامج أن يحصل على عقد رعاية من إحدى شركات الاتصال المحلية، عن هذا العقد، يعلق لمرابط: "هناك مردود مادي للبرنامج بطبيعة الحال فالفنان كأي مواطن يحتاج للمال للعيش لكن مقياس نجاحي الحقيقي مرتبط بإصلاح مجتمعي وحين تتغير العقليات سأعتبر أنني حققت رسالتي".

اقرأ/ي أيضًا: 

"لما بِكْيتْ ليلى"

التدوين السوري في مهب الثورة