29-نوفمبر-2016

إحدى لقطات البرنامج في استوديو بلا تشفير (من صفحة البرنامج على فيسبوك)

ينطلق برنامج "بلا تشفير" على قناة "الجديد" مع لازمة تتكرر في كل حلقة. يتبرأ فيها كل من المقدم تمام بليق والمحطة وفريق العمل من ما يرد في سياقها باعتباره لا ينقل آراءهم وقناعاتهم الشخصية. لتبدأ معها الإثارة والتلميح إلى أن ما ستشهده الحلقة في الشكل والمضمون سيكون ساخنًا جدًا، وإلا لما اقتضى التنبيه.

لا دهشة يصاب بها المشاهد من محاولة إضفاء الغموض على برنامج "بلا تشفير" على قناة الجديد اللبنانية 

هو "حسن نوايا" لاحق لإعداد الحلقة وتصويرها أو سابق لهما، لا فرق. فهل سيكفي الإقرار باحترام الضيوف في المقدمة ليُغفر لبليق كم التهّكم والفوقية التي يعامل بها "ضحاياه" الذين يُسائلهم ولا يسألهم. "يُقاضيهم" على ما فعلوه، سواء أكان يعني عموم المشاهدين أو يخصّهم هم وحدهم، مُطلقًا أحكامًا بالاستناد إلى أعرافه وقوانينه الاعتباطية والتي تزيد من "صب الزيت على النار".

في المبدأ، يحقّ للقناة وبليق جذب المشاهدين لمتابعة البرنامج، لكن هل يكون إكرام الضيف بإمطاره بالاتهامات ومخاطبته بأسلوب، يراه المقدم مستفزًا فيفتخر، لكنه في الواقع يفتعل الجرأة ويتقصد التهكّم ليغطّي على "كاريزما" مفقودة ولن يعوّضها كل الأداء الفوقي والمتعالي.

اقرأ/ي أيضًا: سقوط الـ"otv" اللبنانية: إذلال مواطن في مقلب تافه

في منطق بليق ومعدي البرنامج، كان اختيار تعبير "الشيفرة" بما يكتنفه من غموض ولما له من وقع وجذب لاهتمام المشاهدين "ضربة معلّم"، فيروّج عنوان "بلا تشفير" لنفسه حتى من دون "برومو" وإعلانات. غير أن ما يُفترض بأنه مسألة سريةً مهمة يطفو بين الحين والآخر من العمق إلى السطحية، فتُصبح بذلك "الشيفرة" إما مسألة معروفة سلفًا وعادية أو شأنًا لا يعني بليق ولا يحق له السؤال عنه. حتى أن المشاهد الذي يُفترض أن يتخذ مع المقدم "صفة الادعاء" ينتقل في كثير من الأحيان "إلى صفّ" الضحية فيتعاطف معها أو يشفق عليها، بعد أن يظهر بليق، كثير الشكوى والتذمر، ممسوح المشاعر ويفتعل المواقف لإحراج ضيفه أمام آلاف المشاهدين.

يتصف أسلوب بليق في برنامج "بلا تشفير" بالفوقية والتهكم وحشر الضيف في خصوصيات لا شأن له بها

بالعودة إلى شكل البرنامج، والذي تنقّل في مواسمه بين عدة "لوكيشنز". فانتقل من محاورة الضيف على طاولة، إلى قاعة محكمة، فقفص اتهام، من الحق التساؤل "هل يعوّض الشكل الذي يُعرض به "بلا تشفير" للمشاهدين النقص في مادته سواء من جهة الإعداد "ونبش" الماضي والحاضر، أم من جهة الضيوف أنفسهم". فاستضافة نوح زعيتر، فيفو، ميريام كلينك، مريم نور، أشرف ريفي.. تختلف عن استضافة ميكاييلا، محمد خير الجراح، يزن السيد، سلمى المصري وعبدالمنعم عمايري.. ليس في الأمر اختلاف في المكانة، غير أن بعض الأسماء والدور الذي تلعبه، مقدار تأثيرها وتأثرها، وما يحيطها من غموض أو يُبث حولها من شائعات تكون فعلًا مادة دسمة للكشف والاكتشاف. أما البعض الآخر فيكون مروره عاديًا، الأمر الذي يدفع بليق عند التصوير إلى مزيد من التصنّع والافتعال.

يبقى أن الترويج للحلقات بمشاهد الشتائم والدموع أو بإحراج الضيف فإخراجه بانسحابه من الحلقة أو تهديده بذلك، "الفيلم المحروق" لكل البرامج المشابهة والتي ترى فيها القنوات بابًا لـ "ذهب" الإعلانات، فيما لم يعد المشاهد يرى فيها سوى استعراض سخيف لا يستحق المتابعة.

اقرأ/ي أيضًا:

"نقشت".. حفلة تسليع للمرأة اللبنانية

كوميديا جاد غصن "تبع الأخبار": نكتة المراسل السمجة