14-أغسطس-2016

خاثينتو بينافينتي (1866- 1954)

مائة وخمسون عامًا على مولد صاحب نوبل في الأدب، والسبب في الثورة البرجوازية للمسرح الإسباني وعمدة التقلبات السياسية؛ خاثينتو بينافينتي (1866-1954). ولد بينافينتي في الحي المدريدي "لاس ليتراس"، كان أكاديميًا وناقدًا وشاعرًا وكاتبًا مسرحيًا قديرًا، الأمر الذي قاده في النهاية إلى نوبل للآداب عام 1922 بصفته "المكمل المجتهد لأدبيات المسرح الإسباني". وهو زعيم المسرح البرجوازي، وواحد من أهم الكتاب البارزين في الثلث الأول من القرن العشرين. ترك العالم وراءه 170 عملًا مكتوبًا.

كان خاثينتو بينافينتي السبب في الثورة البرجوازية للمسرح الإسباني وعمدة التقلبات السياسية

صاحب رواية "مصالح ناشئة" توفي في مدينة جالاباجار، التي جعلته لاحقًا ابنًا متبنيًا لها، وقيل عنه إنه لم يعش حياة بوهيمية مثل معاصريه الآخرين ويقصدون "فاليه إنكلان". نجح بينافينتي في حياته ككاتب مسرحي جذب إلى مسرحياته أبناء الطبقة العليا في مدريد، التي عاشت تحت شعار أن "ترى وأن تكون ملفتًا للنظر". أفضل عروضه المسرحية كانت مسرحية "مصالح ناشئة" التي عرضها مسرح لارا في مدريد، وهي بالأساس مسرحية كوميدية. 

اقرأ/ي أيضًا: جلوريا فورينتس.. 99 عامًا من الطفولة

قُدر لخاثينتو أن يرث من والده ثروة طائلة مكنته من السفر في كل أوروبا، ولعل هذا ما يفسر سر معرفته بتقاليد المسرح الإنجليزي والإيطالي وقتها، حيث امتاز مسرحه بنكهة السخرية التي ميزت أعمال أوسكار وايلد، ومن ذلك أيضًا تنبيه لتيار الكوميديا في الفن، وهو اتجاه كان شائعًا في فرنسا، بل إنه يمكن القول إن الفضل يعود إليه وحده وقتذاك في نقل التيارات الفنية الأجنبية إلى إسبانيا، وجعلها محل اطلاع ودراسة.

بعد الحرب الأهلية الإسبانية (1936-1939) مُنعت بعض أعماله من العرض، خصوصًا خلال سنوات حكم فرانكو الأولى، وذلك بسبب كونه واحدًا من المساعدين في تأسيس رابطة أصدقاء الاتحاد السوفيتي، وكان من المفارقات أن واحدًا من أعضاء هذه الرابطة كتب يقول: "خاثينتو بينافينتي... البرجوازي القِلق". 

خاثينتو من الكتاب الذين يصعب تصنيفهم سياسيًا أو فنيًا، على الرغم من أن بعض النقاد بالفعل وضعوه ضمن قائمة كتاب الحداثة في نهاية القرن التاسع عشر، وذلك للشعور الميال للبوهيمية المتصاعد في أعماله. تحدث خاثينتو في أعماله عن عيوب الطبقة العليا في إسبانيا في ذلك الوقت التي عانت الأبوية واللامبالاة، كما تناول الطبقة الريفية في ذات المجتمع في عمله "لا مالكيريدا" أو "المنبوذة"، حيث تناولها من منطلق جيل الـ98 الذي تبنى أفكاره التي كانت تبحث عن ريف متحفظ ثري. ساعد خاثينتو على الانتشار كتاب مهمون مثل أونامونو وأزورين الذين كتبوا عن أعماله بينما كانت تخطو خطواتها الأولى نحو الجمهور. 

كانت أعمال خاثينتو بينافينتي، خاصة المسرحية، بمثابة تأريخ لإسبانيا بعد سقوط المستعمرات

اقرأ/ي أيضًا: باسكار شاكرابورتي.. شاعر يكتب الصمت

وعلى الرغم من تعرض أعمال خاثينتو لنقد قاس من كتاب الأجيال الأخرى مثل باييستر وبيريز أيالا، فإن أعماله، خاصة المسرحية، كانت بمثابة تأريخ لإسبانيا بعد سقوط المستعمرات، وحتى ما قبل الحرب الأهلية الإسبانية بقليل، وهي فترة طويلة نسبيًا من التاريخ الإسباني.

أشد ما يميز أعماله المسرحية كانت رؤيته الواقعية فقد كان يفهم أن العمل الدرامي هو أمر يجب أن يشبع رغبات الجمهور، لكن في المقابل لا يمكن التخلي عن الجودة والقافية، فحاول أن يقوم بالمعادلة الصعبة، وهي التوفيق بين الذوق الجماهيري وذوق النقاد في مسرحه. 

وعلى أي حال، فقد تمتعت أعماله بنجاح كبير طوال حياته من جانب الجمهور الذي أقبل عليها، ومن جانب النقاد الذين أثنى بعضهم كثيرًا على أعماله. في 1912 دخل خاثينتو الأكاديمية الملكية الإسبانية، وهي المعادل الموضوعي لمجامع اللغة العربية، كما حصل على جوائز عديدة وتكريمات لا حصر لها. يقول بينافينتي: "إذا لم يمر الشغف والجنون، ولو لمرة واحدة في حياة المرء.. فما نفع هذه الحياة؟".

* المقال مترجم بتصرف عن موقع "ritmos21"

اقرأ/ي أيضًا:

سالغاري والقرصان الأسود

إيزابيل الليندي: الحياة بلا تخطيط