20-يناير-2021

واشنطن قبل تنصيب بايدن بيوم (Getty)

سيشكل هذا اليوم، العشرون من كانون الثاني/يناير، يومًا تاريخيًا للأمة الأمريكية.

مراسم انتقال الرئيس المنتخب جو بايدن إلى البيت الأبيض، خلفًا للرئيس دونالد ترامب، الذي اقتحم أتباعه ومناصروه مبنى الكونغرس في السادس من الشهر الجاري، في سابقة تجعل الولايات الأمريكية تتخذ احتياطات لم تتخذها حتى في عزّ مواجهتها مع الإرهاب.

خلال الأشهر الأولى من تولي ترامب للسلطة واجه معارضة إعلامية شرسة ممن اعتبروا أن أمريكا تصحو على كابوس

قد يرتبط عهد ترامب كرئيس للولايات المتحدة الأمريكية بسابقة اقتحام أتباعه لمبنى الكونغرس، وكأول رئيس في تاريخ البلاد يحاكم مرتين، لكنهما بمثابة نياشين وأوسمة بطولة إذا ما قورنت بإنجازاته الأخرى، بدءًا من جدار الكراهية، مرورًا بجرائمه في إعطاء الحق لنفسه بإعلان الجولان السوري المحتل أرضًا اسرائيلية، وإعلان القدس عاصمة لإسرائيل.

اقرأ/ي أيضًا: ما بين اليمين المتطرف والحرس الوطني.. تحذيرات من خرق أمني أثناء تنصيب بايدن

هل سيترك حلفاء ترامب الذين قدّم لهم بحسب قوله ما لم يقدمه رئيس أمريكي آخر، وهو يعني إسرائيل. 

اتفاق ابراهام ـ ابراهيم، الذي رغب ترامب أن يكون باسمه.

شهد العام المنصرم عجلة في اتفاقات التطبيع بين دول عربية وإسرائيل وبرعاية البيت الأبيض، الذي لم يجد حرجًا في أن يظهر الرئيس الصربي مخدوعًا، مصدومًا غير عالم بتفصيل يتعلق بإنشاء قنصلية لصربيا في إسرائيل في القدس.

خلال الأشهر الأولى من تولي ترامب للسلطة واجه معارضة إعلامية شرسة ممن اعتبروا أن أمريكا تصحو على كابوس. فضائح عديدة لاحقت رجل الأعمال الذي أصبح سيد البيت الأبيض، عدو الأجانب وكارههم، ومتزوج من سيدة أجنبية. محتقر للنساء ولا يتوانى عن الاستهزاء بهنّ في كل مناسبة. عدو الصحافة، ومتآمر في دم الصحفي السعودي جمال خاشقجي.

رجل الأعمال الذي يعمل في السياسة بمبدأ الصفقات التي درت عليه مليارات الخليج، لا يستطيع العمل لأمريكا وحدها، كواجبه الرئاسي، إنه يعمل للعائلة، إحدى مقدسات الثالوث الأمريكي.

التحالف العسكري الذي شكلته أمريكا مؤخرًا، والذي يجمع إسرائيل مع دول عربية، أجهزة الاستخبارات الحليفة والمساعدين والمستشارين، هل يتركون رجل المال والسلطة؟

هل دخل أتباع ترامب إلى الكونغرس، بناء على دعوته في خطابه الذي ألقاه قبل ساعة من غزو المبنى، وعاثوا فوضى في المكان، والتقطوا الصور هناك في المكاتب، ثم خرجوا؟

قُتل خمسة أشخاص، وأُقر قانون عزل ترامب ومحاكمته. وأقفل الطريق أمامه لأي محاولة للترشح مستقبلًا للرئاسة.

إذا هل يعود إلى أعماله في الاستثمارات؟ بعد كل استثماراته السياسية، والشخصية والعائلية. يا للغباء، لا أقصد ترامب بالطبع. بل أقصد إن كان البعض يعتقد، بأنها مغامرة غير محسوبة، أو محاولة يائسة لوقف جلسة التصويت على فوز بايدن التي كانت تجري في ذات الوقت.

يدخل مهرجون وفوضويون إلى أكثر صروح الديمقراطية الأمريكية قوة في الرمز وفي الحراسة الأمنية أيضًا، ثم يخرجون ببساطة.

المشهد الأخير من فيلم "نادي القتال" 

بينما رأينا كيف اجتاحت فرق الشرطة والأمن جموع المتظاهرين بالسيارات والخيول والعصي والغازات المسيلة للدموع، بعد مقتل جورج فلويد على يد ضابط شرطة خنقًا في الشارع.

مقطع فيديو من داخل خيمة المراقبة والاستعدادات لخطاب ترامب لمناصريه، ظهرت على شاشات كثيرة، عرضت تفاصيل الساحات المحيطة والجموع فيها وأظهرت العدد الكبير من الكاميرات التي تغطي المنطقة بأكملها.

استخدمت وزارة الدفاع الروسية عبارة "سيناريو سقوط طائرة إيل 20" في تقريرها الذي أعدته عن حادثة تحطم الطائرة، بصاروخ روسي الصنع سوري الملكية. أمر مثير للاستغراب أن تلجأ وزارة الدفاع الروسية لاستخدام مصطلح شائع في الكتابة والأفلام بديلًا عما هو متعارف عليه لدى الجيوش، الخطط، وتسلسل الأحداث.

لكن ترامب ليس لديه سيناريو متخيل، موضوع افتراضًا. وإنما خطة قد تكون فخًا قاد إليه معارضيه.

لن يحضر ترامب مراسم العشرين من الشهر، مراسم الانتقال، بالتأكيد، فهو لا يرغب في تفجير نفسه.

وهنا ما أعتقده، بأن القنابل التي وضعت أثناء اقتحام الكونغرس، سيتم تفجيرها أثناء انعقاد مراسم البيت الأبيض، ولا يحتاج مناصرو ترامب للحضور بحشود كبيرة، رجل واحد متمرن بسلاح يحتوي على منظار تصويب وكاتم صوت، كما في فيلم "ليون" للمخرج الفرنسي لوك بيسون. بينما سيكون ترامب مع حبيبته، كما في المشهد الأخير من فيلم "نادي القتال" حيث يقول يقول تايلر لصديقته: "لقد التقيتِ بي في فترة مهمة من حياتي" فيما يظهر من خلف الزجاج مشهد المباني التي تسقطها الانفجارات.

هنا يبدأ المشهد الأول في حكم ترامب الذي لطالما رغبه حكم الرجل القوي الذي لا يقف في طريقه أحد، ويتلقى ما يقوم به من إلهه.

القوة مقابل السياسة، هذا ما يغامر به ترامب، وهو المدرك جيدًا أن اقتحام الكونغرس ستكون له تبعات وخيمة، لكنه يدرك أيضًا أنه بخساراته الحالية لن يربح أبدًا مستقبلًا

القوة مقابل السياسة، هذا ما يغامر به ترامب، وهو المدرك جيدًا أن اقتحام الكونغرس ستكون له تبعات وخيمة، لكنه يدرك أيضًا أنه بخساراته الحالية لن يربح أبدًا مستقبلًا. وأن القضايا الجنائية والأمنية ستلاحقه بدءًا من اليوم الأول في حكم بايدن. هل سيغادر الولايات المتحدة الأمريكية، أو لعله يلجأ إلى إسرائيل، وخاصة أنها الأقرب إليه في المصالح وفي القربى، فابنته إيفانكا يهودية بحكم زواجها من كوشنر، وحاملين للجنسية الإسرائيلية.

اقرأ/ي أيضًا: توتر يخيم على واشنطن قبل ساعات من تنصيب بايدن

سيدخل دونالد ترامب، الرجل الأصهب الثري التاريخ، ليس عبر حادثة الاقتحام والعزل الرئاسي.

بالنسبة لي، صورة التقطت له داخل كنيسة وهو يعد نقودًا للتبرع، بلغت قيمتها ثمانين دولارًا قد أسقطت ترامب أمريكيًا. لأنها بلاد تتجاور فيها الكنيسة والسياسة رغم العزل الظاهر.

ترامب يتبرع بمبلغ صغير

مناصرو ترامب معظمهم من المتدينين والقوميين، وتُعِد العائلات في هذي المجتمعات أبناءها وبناتها على التقاليد المسيحية الإنجيلية.

في وثائقي عرضته قبل مدة قناة "دويتشه فيله". مراهق أمريكي يقدم خمسة وثمانين دولارًا، عند جمع التبرعات أثناء معسكر صيفي تقيمه الكنيسة الإنجيلية خلال عطلة الصيف. "طلبت من الله أن يريني رقمًا، فأراني الله رقم 85" يقول المراهق أمام الكاميرا.

سيدخل التاريخ منذ أن كان هو مع بدايته.

يتبع...

إن احترق الهواء اليوم في واشنطن.

 

اقرأ/ي أيضًا:

ماذا عنت حقبة دونالد ترامب لصناعة برامج الكوميديا؟

كوشنر.. الدمية القاتلة