23-أكتوبر-2017

خالد الساعي/ سوريا

بصيرة

مثل وردةٍ في عسلِ النوم،
أحلمُ بكِ الليلةَ،
إذ يغادر النحلُ الفاسدُ
سريركِ المهدور،
أنا البصيرُ بالحُبِّ والأضرحة،
قلبي خاتَمُ المَسرّات،
يتنزّهُ في ياسمينهِ الحَظّ
وفي أجمتهِ

تُقرأ فاتحةُ الضّرير!

 

أقفاص سعيدة

لن أخرج من أقفاصيَ السعيدةِ تلك،
لن أتوقف 
عن تأليفِ النساءِ والعَصافير،
يؤلمني أن أبذل أيامي السبعة
في تبجيلِ ذلك السجن،
يؤلمني أن أقول:
من يمنح الحب؛ يمنح الموت. 
من يخسر السماء؛ يربح الغِناء.

 

تكوين

أنا مادّةُ ليلكَ البهيج،

أنا فضّةُ نومكَ العَذْب،

أنا عنصركَ الأليف،

أصنعُ من حُليّكَ دمالجَ الملوك؛

ومن جحيمكَ ألسنةَ المُهرّجين؛

ومن أساكَ العظيم.. أساي.

أعرفكَ مثلما تعرف أنت الحياة

وأعرف أنا الموت:

عزيزةٌ خِصالُك، وملجومةٌ كلابُك.

لكن في دمكَ الوافرِ ما يكفي

لأسعّركَ بعظمتي، وأنحركَ بمُديتي.

 

حيوان الجاحظ

يا حيوانَ الجاحظِ العظيم،

اترك التلّةَ واهبط إلى السَهْل. أنا هناك وحدي.

 لدي قرطاس وحبر فاسد ودواة. خذها إليك.

خذها وامتحنّي بالكلماتِ الثلاث: الحياة والموت والحب.

أما نسبي فانحر شاة لطلعتهِ أو أسقط عُرجوناً على رأسه.

أنتَ من كِنانة، وأنا من دعجان.

 ولذا سأضع عنّي عِمّتي لكي تعرفني،

وأصقلُ لك سيفي لكي تهابني.

 

الغناء الأخير لصاحبي

غبارُكَ الآن

يكفي الطين والطرقا
لتزدهي أرقاً أو تزدهي قلقا

 

أنا وأنتَ خصيما ما نخاصمهُ
كمن يردُّ إلى السرّاقِ ما سرقا

 

أسميتني صنمًا حُلْوًا تُهدّمهُ
وكنتَ تصنعُ منّي التَمْرَ والورقا

 

وها وقفتُ بقربي والعصا سندي
مثل الضريرِ، ولكن من يراكَ يرى

 

أخذتني لرياحي، قلتُ آخذها
معي، وتأخذني في مرّة أخرى

 

إلى حبيبي؛ إلى بيتي وأمزجتي
إلى زمانِ الدُمى والليلِ والذكرى

 

قل لي، أنا غابة كبرى وألهث بي
مشياً إلى البئر. لا ماءٌ ولا عطشُ

ولا تقل 
عين أيامي معطّلةٌ
ولي عليها وفيها الغُشُّ والغَبَشُ

 

حُبّ

خُذي خاتمي
والبَسيهِ إذا ما جلستِ 
إلى مَقعدٍ مُهملٍ مثلَ قلبي،

أنا نقطةُ الماءِ بين الأصابعِ والصَمتْ
ومن دَبَقِ النَحْلِ صَحْنِيَ
لكنَّ عاطفتي مُرَّةٌ

اتركيني إذًا،
ثمّ سمّي الفراشةَ
صُنّارةً للنَبات.

 

أغنية

لم تكترث بالطقسِ؛

جاءَ على مزاجِ الشمسِ والسُحبِ البعيدةِ،

 

مفرداتي في انتظارِ التوتِ

قالت،

كُلُّ حُبٍّ اسمهُ ثمرٌ لاسمي

 

آهِ،

تحملني الجسارةُ ثمّ أمضي

حيث يمضي الليلُ.

 

تحت وسادتي

شَجَرُ الحبيبِ الصعبِ

أبيضُ جذرهُ،

لكنّهُ..

أهدى دمي توتًا وغاب.

 

منذ الأناشيد

يا زهرة اللوز باب البيت، يا حجري
من منكما من جروحِ اللونِ والمطرِ

 

قلبي فِراشٌ؛ فراشاتٌ مسافرةٌ
من شهوةِ الماء
حتى شهوةِ الشجرِ

 

خيطٌ أنا، وأرى ما لا أرى ولداً
مُدبّغَ الوجهِ بالأصباغِ والضجرِ

 

خيطٌ لصوتكِ في رنّاتِ إبرتهِ
إذ تغزلينَ، 
وإذ ينحلُّ في وتري.

*

 

من أنتِ؟ من ذاكَ؟

من لا يعرفُ الأَمَلا

أو يعرفُ اليأسَ عند اليأسِ متّصلا!

 

أرى جدارًا، أرى ليلًا ونائمةً

أرى كتاباً لها مستوقفاً رَجُلا

 

لهُ النهارُ، لهُ النومُ الخفيفُ لهُ

المُستنقعُ الملِحُ،

 لكن يصعد الجَبَلا

 

يأوي إلى امرأةٍ، يلقي بجثّتهِ

لا فرقَ

إن عاشها في الحُلْمِ أو رَحَلا!

*

 

لا أعرفُ الحُبَّ بعدَ الحُبِّ للأَبَدِ
 وفي كتابيَ حَظُّ اليومِ، نحسُ غدي

 

أعودُ منهُ لأمسي، لا يعودُ معي
ولا جناحَ لهُ،
لكن أقرّبهُ من رقصةِ الماءِ 
 أو من رقصةِ البَجَعِ

 

تركتُ فيهِ 
مفاتيحاً من الذَهبِ
قَديمةَ السَبْكِ. أبوابي مُغلّقَةٌ 
عليهِ،
لكنّ طِفلاً منكراً صخبي
يراوغُ الآنَ في صِدقٍ وفي كَذِبِ.

 

اقرأ/ي أيضًا:

كعشٍّ في مدخنةٍ شتويّة

مسوّدة الطيران