أشار تقرير نشرته صحيفة الغارديان البريطانية إلى أن أكثر من 12 ألف حالة وفاة تم ربط السبب في حصولها بالعودة إلى فيضانات البحيرات الجليدية في جميع أنحاء العالم. لكن يبقى من الصعوبة تحديد أعداد الناس المعرضين للخطر بسبب الانهيارات الجليدية المفاجئة التي يتسبب بها ارتفاع درجة الحرارة على صعيد عالمي، إلا أن العلماء حذروا من تزايد أعداد المعرضين للخطر جراء الانهيارات الجليدية، وخاصة في ظل اختلال التوازن بين قطبي الكرة الأرضية الشمالي والجنوبي.
يستمر أثر التغير المناخي وارتفاع حرارة الأرض بإذابة المزيد من الجليد وتوسيع البحيرات الجليدية وزيادة عددها، الأمر الذي يسبب تهديدات حقيقية على حياة ملايين البشر والبنى التحتية والمناطق السكنية في مختلف مناطق العالم
مع ارتفاع درجة حرارة الكوكب وانحسار مساحة الأنهار الجليدية بفعل ذوبان الجليد وتحوله إلى مياه على شكل بحيرات وسريان المياه في الأنهار واصطدامها بالسدود الطبيعية وتشكل بحيرات طبيعية ضخمة، أدى ذلك كله إلى ازدياد "حجم ومساحة وأعداد" هذه البحيرات الجليدية بنسبة 50% على مستوى العالم. وعندما تصبح هذه البحيرات ممتلئة بفائض من المياه، سيكون هناك خطر من فيضانها مما سيؤدي إلى إطلاق كميات هائلة من المياه والتسبب في فيضانات كارثية يصل مداها إلى القرى وأماكن السكن ملحقة الضرر بالبشر والتي يمكن أن تجرف الطرق وتدمر خطوط الأنابيب والبنى التحتية الأخرى، بحسب تقرير الغارديان.
اقرأ/ي أيضًا: الأمم المتحدة تتناول التصاعد الحاد في العنف عبر الإنترنت ضد الصحفيات
وبحسب صور أقمار اصطناعية تبرز التهديدات الخطيرة على سبيل المثال لمحطات الطاقة الكهرومائية في جبال الهيمالايا، وخط أنابيب عبر ألاسكا، الذي يمر عبر الجبال التي تستضيف البحيرات الجليدية، والطرق الرئيسية مثل طريق كاراكورام السريع بين الصين وباكستان وهو ممر ينقل بضائع بمليارات الدولارات سنويًا. في المقابل، تعد البحيرات الجليدية مصدرًا مهمًا للمياه العذبة للعديد من أفقر سكان العالم، وهي ضرورية للعديد من المجتمعات التي تعيش في الوديان، لا سيما في جبال آسيا وأجزاء من أمريكا الجنوبية.
إضافة إلى أن نسبة تشكل البحيرات الجليدية ارتفعت بمعدل 53% بين عامي 1993 و2018 حسب ما تظهره الصور الجوية التي رصدتها الأقمار الاصطناعية، حيث أظهرت الصور نمو البحيرات الجليدية بسرعة في جميع أنحاء العالم في العقود الأخيرة. وقد حلل العلماء أكثر من ربع مليون صورة من الأقمار الاصطناعية لتقييم كيفية تأثر البحيرات التي تشكلت نتيجة ذوبان الأنهار الجليدية ما أدى إلى زيادة مساحة الأرض التي تغطيها البحيرات بنحو 51%. ووفقًا للمسح الجوي تنتشر 14394 بحيرة جليدية على ما يقرب من 9 آلاف كيلومتر مربع من سطح الكوكب، وهي تضم الأن 156.5 كيلومتر مكعب من المياه. وتقع البحيرات الأسرع نموًا في الدول الإسكندنافية وأيسلندا وروسيا وجرينلاند، وتتضاعف مساحتها بشكل مستمر ومتزايد.
ضمن ذات السياق قال أستاذ المناخ والتغير البيئي في جامعة إكستر، ستيفان هاريسون، "تظهر النتائج التي توصلنا إليها مدى سرعة استجابة أنظمة سطح الأرض لتغير المناخ، ومدى استجابة الطبيعة العالمية لذلك"، وأضاف "الأهم من ذلك، أن نتائجنا تساعد في سد فجوة في العلم لأنه، حتى الأن، لم يكن معروفًا كمية المياه الموجودة في البحيرات الجليدية في العالم"، وتابع بالقول "كلما كبر حجم البحيرات، أصبح هناك المزيد من المياه فيها ليتم تصريفها بسرعة وتنتج فيضانات". كما رأى أن هذه مخاطر حقيقية، وعلى سبيل المثال تسببت الفيضانات في البحيرات الجليدية "في مقتل عشرات الآلاف من الأشخاص خلال القرن الماضي ودمرت البنية التحتية القيمة مثل مخططات الطاقة الكهرومائية".
إلا أن اتحاد العلوم الجيولوجية الأوروبي أشار في تقريره حول أسباب الفيضانات الجليدية إلى التغير المناخي الناتج عن الفعل البشري، بالإضافة إلى عوامل عديدة غالبًا ما تكون غير مناخية، مثل هندسة السدود السيئة أو الزلازل أو الانهيارات الصخرية أو هطول الأمطار الغزير. وقال الجغرافي بجامعة غراتس في النمسا، آدم إيمر، لموقع تكنولوجي تايمز "يجب تأمين شرطين لتوليد كارثة. بحيرات جليدية ضخمة، وسكان مكشوفين يعيشون بالقرب منها"، وأضاف "قد يكون التوسع السكاني على طول مسارات البحيرات الجليدية وبالقرب منها أو بمحاذاتها والافتقار إلى لوائح الهندسة المدنية سببًا في تزايد حجم المخاطر وخاصة في البلدان النامية".
من الأمثلة أيضًا ما نقله تقرير متلفز رصدته قناة سكاي نيوز يظهر كيفية تدفق المياه الذائبة من البحيرات الجليدية في نهر مندنهال في ألاسكا الأمريكية. ووفقًا لخدمة الغابات الأمريكية فإن النهر الجليدي هو من بين الأنهر التي يتراجع معدل الجليد فيه بسبب الذوبان، وحثت السلطات الأمريكية الزوار على إدراك المخاطر التي ينطوي عليها الأمر والاستعداد وأخذ الاحتياطات اللازمة.
اقرأ/ي أيضًا: