07-ديسمبر-2015

في قمة المناخ الأخيرة بفرنسا(Pacific Press)

حسب منظمة الصحة العالمية، تؤكد عديد المعطيات أن العديد من الأنشطة البشرية تؤدي إلى تغييرات خطيرة في المناخ، فانبعاثات بعض الغازات تتسبب في الاحتباس الحراري، وهو ما يساهم في موجات حر وأعاصير وفيضانات وسيول في مناطق عدة من العالم. وتؤكد نفس المنظمة أن الضرر الأكبر للتغيرات المناخية سيقع على الدول النامية ذات البنى التحتية والإمكانات الضعيفة والتي من الضروري أن تلقى الدعم الكافي.

تم التخلص من معظم نفايات مصانع الدول المتقدمة في دول العالم الثالث أو أعماق البحار وقد تسبب ذلك في فساد كل الأجزاء

لكن على أرض الواقع، هل سننتظر، في دولنا النامية، من "مؤتمرات المناخ" أن تقدم لنا ما يقلل هذا الخطر؟ يجب أن نتفق أولًا أن الأرض لن تكون جنة بين عشية وضحاها وذلك بالنظر لنشوء وتطور الصناعات في القرن العشرين، والحروب وكثافة الأسلحة التى استخدمت فيها، انطلاقًا من الحرب العالمية الأولى ووصولًا إلى اعتماد الكيميائي والبراميل المتفجرة. لكن هناك جانب آخر لا يدعونا إلى التفاؤل، ألا وهو ما تنتجه المصانع العملاقة في الدول المتقدمة. حسب تقديرات الأمم المتحدة، يفوق إنتاج العالم من النفايات الخطرة سبعمائة مليون طن وتسهم الولايات المتحدة الأمريكية في 80% منها، وما تخلفه هذه المصانع من مخلفات أو نفايات تم التخلص من أغلبها في دول العالم الثالث أو في أعماق المحيطات والبحار والأنهار، وقد تسببت في فساد كل الأجواء.

وإننا لنرى ونلمس عذاباتها في كل حين. إن انتشار أمراض السرطان وتشوهات الأجنة في كثير من الدول العربية لهو أكبر دليل، ففي السودان تعود قضية دفن النفايات الخطرة إلى ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، وحسب مصادر إعلامية سودانية ومصرية فإنه تم دفن نفايات نووية أمريكية وغيرها عبر شركة ألمانية في الأراضي السودانية بموافقة الحكومات في ذلك الوقت مقابل مليارات الدولارات، وكان عذرهم أن البلد يحتاجها لإنشاء مشاريع تنموية، والسؤال الملح "لِمَن تقام المشاريع التنموية وهم يدمرون المواطن السوداني؟".

وفي الجزائر، اشتهرت قضية النفايات والتجارب النووية التي أجرتها فرنسا في جنوب الجزائر، إبان حقبة استعمارها والتي تحاول فرنسا رفع المسؤولية عنها بدفع تعويضات بينما تصر الجزائر على أن تتحمل باريس مسؤوليتها الكاملة بتنقية البيئة والمحيط من الإشعاعات الذرية وتسليم الجزائر خرائط لمواقع النفايات المدفونة. نذكر أيضًا النفايات في منطقة الخليج العربي التي شهدت حربين في أقل من عقدين من الزمان وما خلفته من يورانيوم منضب، عمل على تلويث البيئة بالإشعاع لآلاف السنين القادمة ونفايات دفنها الأمريكيون خلال فترة الحرب. وبناء على ذلك فإن معظم ما نشاهده من تلوث مصدره الغرب والولايات المتحدة وليس لنا كعرب وأفارقة أي إمكانية تغيير.

شاهدنا هذا الاجتماع الضخم في فرنسا بتكلفته المادية الضخمة، واستمعنا إلى وعد هولاند بدعم أفريقيا بمنحة قدرها ملياري دولار لمواجهة تغير المناخ. ونتساءل عن مقدار ما تستخرجه فرنسا في وقتنا الحالي من خيرات أفريقيا لصالح اقتصادها ولا تنعم أفريقيا سوى بالفقر والمزيد من النزاعات ونتساءل عن حجم الدمار الذي ستكلفه فرنسا للعالم مقابل هذا المبلغ.

إذا كان عدد من الدول الكبرى مجتمعين في فرنسا لحل مشاكل مناخية كان سببًا رئيسيًا فيها فما دور بقية الدول الحاضرة وليس لهم في الغالب ما يقدمونه؟

وإني لأتساءل أيضًا إذا كان عدد من الدول الكبرى مجتمعين في فرنسا لحل مشاكل مناخية كان سببًا رئيسيًا فيها فما دور بقية الدول الحاضرة وليس لهم في الغالب ما يقدمونه؟ إنها العلاقات العامة وسياسات القادة، هي وحدها تفسر أن ترى وزراء البيئة في البلدان العربية والأفريقية وهم يحتلون المقاعد في هذه الملتقيات ويجرون خلف اللقاءات الإعلامية، وخلفهم عصابات الاتفاقيات السرية لدفن مخلفات المصانع والنفايات الخطرة.

ليس لهؤلاء القوم رحمة في قلوبهم، فهم يعلمون مقدار ما يسببونه من أذى وأمراض وآلام لأهاليهم، إضافة لما وافقوا عليه من قطع للغابات وتصحر أراضيهم، ثم يظهر وزير البيئة ويعلن بكلماته المنمقة بعض الكذب الصالح للسنوات القادمة. لا تتعجبوا إن لم ينتج عن مؤتمر المناخ أي فوائد عاجلة أو آجلة، هل تتوقعون أن يتنازلوا عن مصانعهم الضخمة؟ هل يتجهون إلى مجالات الطاقة البديلة النظيفة ويجازف رأس المال بذلك؟ في المقابل، تنضم كل مرة دولة جديدة للنادي النووي، إنها مؤتمرات للاستثمار أيضًا، استثمار في التلوث والتغييرات المناخية. 

اقرأ/ي أيضًا:

برك أم النصر مصائد موت للأطفال

لماذا تموت أسماكنا؟!