09-يونيو-2019

المترجم عبد الرحمن أياس وغلاف كتاب "الحتمي" (مواقع التواصل الاجتماعي)

في كتاب "الحتمي.. فهم القوى التكنولوجية الـ12 التي ستشكل مستقبلنا"، يقدم الكاتب الأمريكي كيفن كلي، رؤية مستقبلية عن اتجاهات العصر الرقمي في السنوات الـ30 المقبلة متوقعًا اتساع ثورة الإنترنت. كما يضع خريطة محتملة للمستقبل التكنولوجي في العالم الجديد.

يرى كتاب "الحتمي" أن الاتجاهات الـ12 العامة في المجال الرقمي تنحو في مسارات حتمية، لكن التفاصيل الخاصة بكل اتجاه ليست حتمية

ترجم الكتاب للعربية، عبدالرحمن أياس، وهو كاتب وباحث ومترجم. ولُد أياس في العاصمة اللبنانية بيروت، وتخرج في الجامعة الأمريكية، وعمل في الصحافة والتحرير في صحف مثل "ديلي ستار" اللبنانية الناطقة بالإنجليزية وصحيفة الحياة اللندنية، قبل أن يتفرغ لعمله الخاص.

اقرأ/ي أيضًا: التكنولوجيا عندما تتحول إلى أداة ابتزاز

لعبدالرحمن أياس العديد من الترجمات، منها كتاب كتاب "التقشف" لمارك بلايث الذي صدر ضمن سلسلة عالم المعرفة عن المجلس الوطني للثقافة والفنون الآداب في الكويت، وكتاب "البندقية وغصن الزيتون" لديفيد هيرست الصادر عن دار رياض الريس للكتب والنشر، وكتاب "التسعينيات الهادرة" لجوزيف ستيغليتز الصادر عن دار الفارابي.

خص المترجم عبدالرحمن أياس موقع "الترا صوت" بهذا الحوار الذي ركز حول ترجمته لكتاب "الحتمي"، ومضمون ما جاء في الكتاب، وأهميته للقارئ العربي.


1. لماذا اخترت ترجمة هذا الكتاب بالتحديد؟

مؤسسة الكويت للتقدّم العلمي، الجهة الناشرة للترجمة العربية، هي التي عرضت عليّ ترجمة الكتاب كجزء من اهتماماتها بنشر الأعمال العلمية المكتوبة بالعربية والمترجمة إليها. 

وقد سرّني تولّي مهمة ترجمة الكتاب كونه يضيء على العصر الرقمي الحالي وتحدياته واتجاهاته، في وقت لا توجد فيه أعمال مرجعية كثيرة بالعربية عن الموضوع. كذلك يُعتبَر الكاتب كيفن كلي من الكتّاب الأميركيين البارزين في العلوم والتكنولوجيا وله مساهمات بارزة في هذا المجال.

2. من أين جاءت "الحتمية" التي يوردها كلي في كتابه؟

يرى كلي أن الاتجاهات العامة في المجال الرقمي، وعددها 12 بحسب تصنيفه، تنحو في مسارات معينة حتمية، لكن التفاصيل الخاصة بكل اتجاه ليست حتمية. مثلًا، هو يرى أن ولادة الإنترنت كانت حتمية، لكن كونها مفتوحة للعموم لم يكن كذلك، فقد كان من المحتمل أن تقتصر على الخاصة.

وكذلك يُعتقد بأن الاتصال الهاتفي كان حتميًا، لكن جهاز "أيفون" تحديدًا لم يكن كذلك. وهكذا، في رأيه، تكون الحتمية في التكنولوجيا نتيجة للزخم الكبير الذي ترى به الاختراعات النور، أما ما يُخترَع بالتفصيل فليس كذلك.

3. هل يمكن إيجاز النقاط الـ12 أو خريطة التحول؟

الاتجاهات الحتمية في التكنولوجيا هي: التحوّل، والتوعية، والتدفق، والعرض، والوصول، والمشاركة، والتصفية، وإعادة المزج، والتفاعل، والتتبّع، والتساؤل، والابتداء. وهذه العمليات متزامنة ومتداخلة، ويعني الكتاب بها:

  • التحوّل: التغيّر المستمر ووتيرة الاختراعات التي تزداد زخمًا. 
  • التوعية: إضفاء وعيٍ على الآلات، مثل جعل الهاتف ذكيًا.
  • التدفق: البث الحي لكل شيء، مثل الحصول على تحديثات عن حسابك المصرفي بشكل لحظي.
  • العرض: استخدام الشاشات لإيصال أشياء كثيرة إلى المستخدم مثل الكتب والموسوعات.
  • الوصول: توافر كل شيء للمستخدم من دون أن يمتلكه الأخير، كأن تستمع إلى الموسيقى في مقابل اشتراك من دون أن تشتري المقطوعة.
  • المشاركة: النشر المجاني لكل شيء مثل المشاركات على "فيسبوك".
  • التصفية: ضرورة الانتقاء بين المتوافر لنا، مثل أن يختار أمازون لنا ما يناسبنا من معروضاته. 
  • إعادة المزج: أخذ أجزاء من أعمال ودمجها في عمل جديد، مثل صنع فيديو جديد من مقاطع من فيديوهات مختلفة. 
  • التفاعل: الواقع الافتراضي والواقع المعزز مثل تواصلنا مع الآخرين بالصوت والصورة. 
  • التتبّع: تسجيل كل شيء مثل التطبيقات التي تسجّل المواقع التي نزورها. 
  • التساؤل: تدخل المبتدئين في صنع المحتوى، مثل تحرير هواة لموسوعة "ويكيبيديا". 
  • الابتداء: التأسيس للمرحلة المقبلة التي ستمتد لثلاثة عقود من الزمن.

4. بحسب الكتاب، تقريبيًا، متى سيحدث هذا التحول؟ وما العامل الأساسي لحدوث هذا التحول؟

هو تحوّل جارٍ منذ ثلاثة عقود من الزمن ومستمر لفترة مماثلة. والعامل الأساسي لهذا التحوّل هو التغير المستمر والصيرورة الدائمة للابتكار والاختراع. وعلى حد قول الكاتب: "ستستمر حالات المدّ القوية التي شكلت التكنولوجيات الرقمية خلال السنوات الـ30 الماضية في التوسّع والتصلّب خلال السنوات الـ30 المقبلة. وتنطبق حالات المدّ ليس فقط على أمريكا الشمالية، بل على العالم بأسره".

ويضيف كلي: " لن يكون هذا التحوّل كله موضع ترحيب. فالصناعات الراسخة ستسقط لأن النماذج القديمة لأعمالها لن تعود تعمل. وستختفي مهن بأكملها، الى جانب سبل العيش الخاصة ببعض الناس. وستُولَد مهن جديدة وستزدهر في شكل غير متساوٍ، فتسبّب الغيرة وانعدام المساواة. فبطبيعتها، تهزّ تكنولوجيا الشبكات الرقمية الحدود الدولية لأنها من دون حدود. وستحصل حسرات ونزاعات وارتباكات إضافة إلى منافع مذهلة".

5. هل يطال هذا التحول جميع دول العالم أم فقط دول المركز على حساب بقية الدول؟ وهل ستكون هذه التكنولوجيا في متناول جميع الشعوب أم حكر على شعوب دون غيرها؟ ومن يقود هذا التحول من الدول؟

هذا التغير الحتمي بدأ ويستمر في كل أنحاء العالم كما قلنا. ويقر الكاتب بأن معظم أمثلته من الولايات المتحدة، فهو كاتب أميركي، كتب الكتاب للقارئ الأميركي، لكنه يؤكد على أن القراء في مختلف أنحاء لعالم سيجدون أمثلة مماثلة لأمثلته في بلدانهم.

ويلفت الكاتب إلى أن كل منطقة أو بلد يتميز بمساهمات معينة أكبر من المساهمات الأخرى في هذا الصدد، إذ يقول: "إن القادة الحقيقيون للمال الرقمي، مثلًا، هم في أفريقيا وأفغانستان، حيث تُعَد النقود الإلكترونية أحيانًا العملة الوحيدة العاملة بسبب صعوبة الحصول على المال الحقيقي. وتتفوّق الصين على كل البلدان الأخرى في تطوير تطبيقات للمشاركة على الهاتف المحمول. لكن فيما تستطيع الثقافة أن تدفع بالتعبير إلى الأمام أو إلى الوراء، تُعَد القوى الأساسية شاملة".

6. ما التغيرات الناتجة عن حتمية هذا التغير التكنولوجي على الأصعدة الفكرية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وغيرها، بحسب رؤية الكاتب للمستقبل التكنولوجي؟

يشير الكتاب إلى "تحيز" نحو النُسَخ واسعة الانتشار الرخيصة في التكنولوجيات الرقمية "مستقل عن القومية، أو الزخم الاقتصادي، أو الرغبة البشرية"، فهو "يوجه التكنولوجيا نحو الإنتشار الإجتماعي الواسع".

وينصح كتاب الحتمي بـ"من الأسهل إدارة التعقيدات، وتحسين المنافع، وتقليص الضرر من تكنولوجيات محددة حين نوائم استخداماتنا مع مسارها المنحاز".

وبحسبه فإنه خلال السنوات الـ30 الماضية شهد الاقتصاد الاجتماعي القائم على هذه التكنولوجيا حالات صعود وهبوط، ومجيء أبطال ورحيلهم، لكن "من الواضح جدًا أن اتجاهات واسعة النطاق كانت قائمة تحكّمت في ما حصل"، بحسب ما يورده الكتاب. وهذه الاتجاهات، هي الاتجاهات الـ12 التي يناقشها هذا الكتاب ويتوقع أن تزداد زخمًا.

ولا ننسى الإشارة إلى أنه يرجّح أن يتعزز الإنتاج الفكري والثقافي ويصبح أكثر توافرًا وأرخص ثمنًا، فيما لا يفصل بين التطور التكنولوجي وتقدم الاقتصاد.

7. ما هو دور العالم العربي في هذا المسار، وكيف يتفاعل مع هذا التحول والتغير سواء حكومات أو مجتمعات

تهيمن الاتجاهات التي يدرسها الكاتب على العالم بأسره، وليس العالم العربي في رأيي بمنأى عنها. وأنا أرى أن المجتمعات العربية متعطشة لمواكبة هذا التحول، وهي تواكبه فعلًا.

يرجح كتاب "الحتمي" أن يتعزز الإنتاج الفكري والثقافي ويصبح أكثر توافرًا وأرخص ثمنًا، فيما لا يفصل بين التطور التكنولوجي وتقدم الاقتصاد

وفيما قد تحاول بعض السلطات ضبط هذا التحول لأسباب مختلفة قد نختلف مع معظمها، لا مناص من ترك التحول يصل إلى المنطقة العربية إذا أرادت أن تواكب العالم تكنولوجيًا واقتصاديًا وعلميًا وثقافيًا وعلى الصعد كلها.

 

اقرأ/ي أيضًا:

الإنسان والآلة في أوديسة ستانلي كوبريك

مخترع الإنترنت: فيسبوك وتويتر وجوجل تهدد حرية الرأي!