04-فبراير-2020

المؤرخ والصحفي الفرنسي دومينيك فيدال (فيسبوك)

يعد دومينيك فيدال، الكاتب والمؤرخ اليساري الفرنسي، أحد أشد المثقفين شراسة في عدائه للصهيونية. يرفض فيدال الذي كان والده ضحية معسكر أوشفيتز سيئ الذكر إبان الحقبة النازية، أن تكرر المأساة الإنسانية التي هو سليل عنها، هكذا كرس كتاباته، الصحفية والتنظيرية، لنصرة الحق الفلسطيني. نذكر منها "فلسطين لعبة الأقوياء" (2014) عن دار السندباد، و"معاداة السامية = مناهضة الصهيونية" (2017) والذي رد فيه على ادعاءات ماكرون وضغوط اللوبي الصهيوني لتشريع قانون يجرم مناهضة إسرائيل. كما يعتبر دومينيك أحد أبرز وجوه ثورة 1968 في فرنسا، وأحد قيادات اتحاد الطلبة الشيوعيين خلال تلك الفترة.

 في هذه المقابلة الحصرية مع "ألترا صوت"، نستضيفه للحديث عن صفقة القرن، ومن موقع المختص يحضر معنا للاستفاضة في تحليل مضامينها، والحديث عن دور الاتحاد الأوروبي في معادلة ترامب نتنياهو، وأولويات الضغط الصهيوني في فرنسا.


  • سيد فيدال، نبدأ بسؤال: ما تحليلكم لما جاءت به الخطة التي كشفها ترامب الثلاثاء الماضي  للسلام في الشرق الأوسط؟

هي ليست خطة للسلام، أصحح، بل خطّة للحرب! بمعنى أنها تهدف بالأساس إلى تصفية القضية الفلسطينية بإلغاء سنوات من جهود الحل الأممية، وبإخراس المنتظم الدولي ومنح الاحتلال الإسرائيلي كل ما طالب به منذ 1967.

اقرأ/ي أيضًا: عزمي بشارة.. قراءة في السياق التاريخي لـ"صفقة القرن"

فخطة ترامب هذه هي في الأصل خطة لشرعنة احتلال وادي الأردن والمستوطنات في الضفة الغربية بما فيها تلك التي ليست قانونية حتى بعيون الإدارة الإسرائيلية نفسها. وإذا ما جمعنا كل هذه العطايا نخلص إلى أن 60 بالمئة من الضفة الغربية صودرت من الفلسطينيين وألحقت بإسرائيل. وهناك كذلك أمر لا يصدق، وهو إمكانية تحويل حوالي 300 ألف فلسطيني قاطن في إسرائيل إلى الدولة الفلسطينية الجديدة التي يقترحها ترامب، بلا أدنى عناء أو اعتبار لحقوقهم المدنية، وفقط بتعديل الحدود لإدخالهم ضمن أراضيها والتخلص من عدد مهم من المواطنين وهذا ما يمنحه ترامب للإسرائيليين.

دومينيك فيدال: صفقة القرن ليست خطة للسلام، بل خطّة للحرب. بمعنى أنها تهدف بالأساس إلى تصفية القضية الفلسطينية بإلغاء سنوات من جهود الحل الأممية

أما بالنسبة للفلسطينيين، فتمنح الخطة سيادة صورية فقط على 40 بالمئة من الضفة والقطاع، وذلك بعد أربع سنوات من المرحلة الانتقالية، ووفقًا لسلسلة شروط مذلّة، وهي: الاعتراف بدولة إسرائيل كدولة يهودية، التخلي عن كل أشكال "الإرهاب"، نزع سلاح حماس، إيقاف دعم عائلات الأسرى، والتخلي عن حق عودة اللاجئين الفلسطينيين. وفي ما يتعلق بالعاصمة ستكون القدس ولكن خارج القدس، أي خارج الجدار العازل، فيما داخله سيظل كما قرر ترامب بشكل أحادي: عاصمة دولة إسرائيل.

إذًا وكما ترون هناك اختلاف كبير بين ما أنعمت به إسرائيل وما لعن به الفلسطينيون، وهذا ما يوضح الغرض من هذه الخطة، والذي هو إطلاق رصاصة الموت على حل الدولتين الذي يدعمه المنتظم الدولي وانتهاك كل الاتفاقات الدولية في القضية منذ 1967. عدى ذلك فهو يطلق رصاصة الموت كذلك على الأمم المتحدة ذات نفسها، بمعنى أن منطق هذا الحل المزعوم هو القطع مع القرارات الدولية والبحث عن التسوية دونها، وبالتالي إفراغ المنتظم الدولي من فعاليته وسلطته.

هذا هو تحليلي لخطة السلام، التي لا أسميها خطة للسلام ولا خطة ترامب، بل خطة نتانياهو. وبالأساس ترامب حتى أثناء عرضها، كما يظهر في الفيديو الذي تابعناه، لم يكن مطلقًا على علم بما تحويه الخطة ولم يكن قادرًا حتى على التحدث بجدية إزاءها، فيما أوكل أمر الرد على أسئلة الصحفيين لرئيس الوزراء الإسرائيلي بجانبه. إذًا الأمر يتعلق لا بخطة أمريكية  بل بخطة إسرائيلية. فيما يبقى السؤال مطروحًا عن مسؤولية أوروبا في إيقاف هذا الانتهاك الصريح للمواثيق الدولية وإيقاف هاتين الإدارتين (الأمريكية والإسرائيلية) عند حدهما.

  • قبل الخوض في الدور الأوروبي، دعني أستفسر منك عن إمكانيات تنفيذ هذه الخطة؟

في نظري هي إمكانيات ضيقة جدًا ومحصورة، إذا ما قام كل طرف بما وجب عليه القيام به، أي وأبدأ هنا بالقيادة الفلسطينية التي يجب عليها وضع حد للانقسام بينها، واجتماع كل من حماس وفتح على رفض هذه الخطة، فهذا أمر ضروري في نظري لإفشال مساعي ترامب ونتنياهو. ثانيًا، هناك قادة العالم العربي، والذين من الواضح أنه لم يكن لترامب طرح هذه الخطة دون تواطؤ بعض الدكتاتوريات منهم؛ وأقصد النظام السعودي والمصري وبعض إمارات الخليج. على هؤلاء القادة تجسيد موقف رافض للخطة، باعتبار أن الرأي الشعبي العربي رافض لخيانة القضية الفلسطينية تحت تبريرات الحرب على إيران.

بعد ذلك، يأتي الإسرائيليون ذات أنفسهم، والذين هم الآن أمام محطة انتخابية حاسمة في الثاني من آذار/مارس القادم، وكما تعلمون أن الاقتراعين السابقين جاءا بإيعاز من نتنياهو لتعزيز أغلبيته في البرلمان، الآن الإسرائيليون أمام فرصة حقيقية لإنهاء حقبة رئيس الوزراء اليميني. فإذا تحققت هذه الإرادة الشعبية يمكن أن تسقط الصفقة بشكل سلمي. كما يعزز دخول أوروبا وفرنسا بالخصوص على الخط، إن تم ذلك، انحسار هذه الإمكانيات أكثر.

  • ما قراءتكم للتوقيت الذي تم الكشف فيه عن هذه الصفقة بعد مسار طويل من التأجيل؟

في نظري، إعلان الصفقة اليوم هو هدية انتخابية قدمها الرئيس الأمريكي لنتنياهو، ومساعدة له في كسب الانتخابات القادمة. وهذا ليس فقط لأن ترامب يحب رئيس الوزراء الإسرائيلي، ولا أظن أن هناك كثير من العواطف في هذه القضية، بل لأن هذا الأخير يعتقد أن سقوط نتنياهو سيكون له وقع سيئ على حملته الانتخابية في تشرين الثاني/نوفمبر القادم.

إذًا هناك تلك الرغبة عند ترامب في إنقاذ نتنياهو لكي ينقذ نفسه، لكن هناك أمرٌ مهم غاب عن حساباته، هو أنه ليس من الضروري أن تستهوي تلك الصفقة الناخب الإسرائيلي وأن العديد من الإسرائيليين خائفون مما سيترتب عليه من احتمالات نشوب حرب جديدة في المنطقة. وبالتالي أعتقد أن هدية ترامب لنتنياهو مسمومة.

  • قدرت بيانات كل من خارجية الاتحاد الأوروبي والخارجية الفرنسية ما أسمته جهود ترامب لإحلال السلام بالشرق الأوسط، ووعدت بدراسة جدية لبنود الاتفاق، فيما لم يكن هناك أي رفض صريح لها ولا قبول، ما تعليقكم على هذا الموقف؟

هذا الموقف، وأقول هنا بأنه موقف فرنسي أكثر منه أوروبي؛ لأن دول أوروبا الوسطى والشرقية عبرت بصراحة عن رفضها للصفقة، هذه الدول بالأساس متخوفة من نشوب حرب جديدة في الشرق الأوسط وبالتالي من موجة لجوء جديدة قد تنهال على أراضيها، وكذلك لأن أي حرب بين الفلسطينيين والإسرائيليين ستسبب مآسيًا اقتصادية واجتماعية لدول الاتحاد الأوروبي. هذا ما يفسر معارضة حكومات ألمانيا وبلجيكا على سبيل المثال، خطة ترامب نتانياهو.

لكن المفاجأة السيئة، كما سبق وذكرت، كانت البيان الوضيع الذي خرجت به الخارجية الفرنسية، مع التركيز هنا على كلمة وضيع في وصف هذا الموقف الذي أتى معاكسًا لكل التقاليد الدبلوماسية الفرنسية على مر حكوماتها، ومنذ حكومة ديغول التي عايشت فترة 1967.

لو دريان (وزير الخارجية الفرنسي) يوهم الرأي العام عبر بيانه بأن "صفقة القرن" تذهب في نفس اتجاه حل الدولتين، وهذا ما يحيلنا إلى احتمالين: الأول هو أن لودريان مغفل، وهذا ما لا يمكن إنكاره صراحة، لأنه ومنذ تقلده منصب الوزارة ساد إحساس أن فرنسا فقدت دبلوماسيتها وحضورها في المحطات الدولية المهمة بغيابه، فيما الشيء الوحيد الذي يفلح فيه هو بيع السلاح. والاحتمال الثاني هو أنه كذَّاب لا يتقن الكذب، فبالنظر إلى ما تضمنته الصفقة نرى أن إسرائيل شرع لها أن تأجذ 60 بالمئة مما بقي من الأراضي الفلسطينية، فيما تمنح للفلسطينيين دولة مزيفة ذات وجود مشروط بفترة انتقالية من أربع سنوات، أشبه بمجموعة "بانتوستانات" متناثرة.

في الداخل الفرنسي، قوبل بيان لودريان باستهجان كبير وانتقده الكثير من المتابعين، والصحف الفرنسية بدورها وحتى التي لم تكن يومًا مدافعة عن القضية الفرنسية، كـ Le Monde وLe Figaro، لم تأخذ بيان لودريان على محمل الجد. شيء آخر، هو إمكانية أن يكون هناك توافق بين رئيس الجمهورية ووزير الخارجية على هذا الموقف فيما يتعلق بالميلان نحو أمريكا، خصوصًا وأن ماكرون وحكومته منذ يوم الأول لتوليتهم وهمهم الشاغل هو رضا فريق ترامب عنهم.

  • تقصدون فريق نتانياهو؟

لا، أقصد فريق ترامب قبل كل شيء. فعندما ننظر إلى السياسة الخارجية الفرنسية منذ تنصيب ماكرون، نجد أن النقاط المشتركة في كل مواقفها وقرارتها هو أن تكون قريبة من سياسة ترامب الخارجية، وأن لا تصطدم معها. لاحظ معي أنه حتى في هذه القضية، القضية الفلسطينية، وقبل الإعلان عن الصفقة صرح كل من ماكرون ووزير خارجيته في أكثر من مرة أنه "يجب علينا أن ننتظر ما ستكشف عنه خطة ترامب"، وهذا كان مبررًا لتعطيل أي مبادرة فرنسية أو أوروبية لإعادة إطلاق مسلسل السلام من جديد.

بالمقابل، خطة ترامب التي بين أيدينا اليوم والتي هي خطة حرب وليست سلام، يأتي بيان الخارجية الفرنسية ليوهم الرأي العام بكلمات "إننا سوف ندرس الخطة.."، كما لو أن ذلك سيحصل فعلًا، هذا ليس جديًا نهائيًا. لماذا ستحتاج دراسة هذه الخطة إلى كل هذا الوقت، وأهدافها مكشوفة بهذا الشكل الذي يمكن لطالب مبتدئ في سنة أولى علوم سياسية أن يظهرها، دون الحاجة للودريان ولا لماكرون. في نظري هناك مشكل حقيقي، وهو مشكل فرنسي أكثر منه أوروبي.

  • في نظركم أين تكمن مسؤولية الاتحاد الأوروبي في القضية، وأي إجراءات يمكن أن يتخذها لإيقاف تطبيق هذه الصفقة؟

أرى أن مسؤولية الاتحاد الأوروبي يجب أن تركز أكثر على حماية الشرعية الدولية، وأقل على إقحام نفسها في حسم الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. لأنه إذا ما تم تطبيق بنود الصفقة، وهذا ما لا أعتقد وقوعه، فإنه تأكيد على أننا نعيش عصر الزعامات الفردية القوية ذات الطابع الديكتاتوري، والتي تتناحرُ فيما بينها للسيطرة على العالم؛ وفي البال هنا على غرار ترامب فلاديمير بوتين في روسيا، أردوغان في تركيا أو مودي في الهند، دون الحديث عن الصين.. باختصار، إذا نزّلت الخطة هذا يعني أننا رسميًا نعيش قانون الغابة، حيث تضرب القوانين الدولية عرض الحائط. لأنه وعدا فلسطين وشعبها، الخاسر الرئيسي من خطة ترامب هو العشرات من مخرجات الأمم المتحدة التي تواردت من 1967 إلى 2016، عندما ننظر إليها الآن نراها منتهكة من قبل ترامب ونتنياهو.

إذًا مسؤولية المنتظم الأوروبي، والذي أغلبيته شاركت في تأسيس منظمة الأمم المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية، هو حماية هذه المنظمة من محاولات إفراغ سلطتها من التأثير، وحماية الحق الدولي من الانتهاك، ذلك بالوقوف في وجه تطبيق خطة ترامب. هذا هو الدور الأساسي الذي يجب على الأوروبيين، وفرنسا بدرجة أولى، لعبه.

وفي نظري أن دول الاتحاد الأوروبي بما فيهم فرنسا لا تعوزهم أدوات للعب هذا الدور، أذكر منها أداة التجارة الخارجية مع إسرائيل: كلنا يعلم أن 35 بالمئة من الصادرات الإسرائيلية موجهة إلى دول أوروبية، وتضم هذه الاتفاقيات التجارية بنودًا تنص أن على الدولة الصهيونية احترام حقوق الإنسان والحقوق الدولية، لو أن دول الاتحاد امتلكت الجرأة لتفعيل هذه البنود وإيقاف الاتفاقيات التجارية سيسبب ذلك كارثة لإسرائيل. تخيل معي، ذلك لن يشكل فقط أداة ضغط، بل قنبلة نووية.

  • ما الذي يمنعهم الآن من تنفيذ ذلك؟

بهذا السؤال نعود إلى ما أعتقد كونه المسألة المركزية لكل هذا المشهد: هو قابلية فرنسا ودول الاتحاد في تملك حرية قرارها الذاتي بعيدًا عن الولايات المتحدة. لاحظ حتى عندما تشن عليها الولايات المتحدة حربًا اقتصادية شعواء دون أدنى اعتبار للعلاقات الدولية، تستمر الدول الأوروبية في ركوعها واستكانتها للقرار الأمريكي. وبالتالي لن تكون هناك مواقف أوروبية جريئة بخصوص الشرق الأوسط، إذا ما استمرت أوروبا في محاباتها لواشنطن.

  • بأي وسائل تضغط إسرائيل على الساحة السياسية الفرنسية، وبالمقابل ما هي الوسائل التي يعتمدها مناهضو العنصرية بالبلاد لمقاومة هذا الضغط؟

يضم المشهد السياسي الفرنسي عددًا كبيرًا من اللوبيات التي تمارس ضغطها على سياسات البلاد، ضمنها اللوبي الإسرائيلي، ليس الوحيد من بينها لكنه أكثرها نشاطًا، حيث يسعى من خلال المجلس التمثيلي للمؤسسات اليهودية في فرنسا، أو كما يسمى اختصارًا CRIF، إلى فرض سياساته على الرأي العام والساحة السياسية بما في ذلك الحكومة الفرنسية.

لكن أود أن أشير إلى أنه لا ينجح دائمًا في تحريك الـ "CRIF" لصالحه، والـ "CRIF" والساحة السياسية الفرنسية ليسوا دائمًا رهن إشارة إصبع نتنياهو. خير مثال على ذلك محاولة إصدار قانون يجرم ويعاقب على مناهضة الصهيونية ويعتبرها معاداة للسامية، والذي يتم طبخه منذ سنتين، حتى أنه في خطاب سابق لمح بموافقته على هذا الأمر. لكن ومع كل الجهود الإسرائيلية معززة بضغط المجلس التمثيلي للمؤسسات اليهودية، وثلة من المثقفين الفرنسسين أمثال برنارد هنري ليفي وألان فينكلكروت، لم يطرح هذا القانون حتى كمشروع للتصويت عليه في الجمعية العامة، ولاحقًا في الـ 19 من شباط/فبراير 2019، أعلن رئيس الجمهورية أنه لن يكون هناك قانون يجرم مناهضة إسرائيل. وكتطييب خاطر للـ "CRIF"، كانت هناك مبادرة من بعض الفعاليات السياسية لاستخلاص قرار برلماني لصالح الإسرائيليين في هذا الصدد، ليست له أي قيمة تشريعية ولا يذكر حتى مصطلح مناهضة الصهيونية، فيما صوت عليه قلة قليلة من النواب، حوالي  154 نائبًا من أصل الـ 577. في الأخير انتهى كل شيء إلى "طعنة سيف في الماء" (مثل فرنسي يعني جهودًا خائبة).

اقرأ/ي أيضًا: صفقة القرن.. انقسام عربي أمام مشروع تصفية القضية الفلسطينية

هذا ما يظهر أن كل هذا الضغط وهذه المساعي الصهيونية للتحكم بالسياسة الفرنسية عندما تدخل المعركة، وتوضع أمام امتحانها الحقيقي، تخلص إلى "الجمل الذي تمخض فولد فأرا"، أي قرارًا لا يغني ولا يسمن. أما المعركة ضد الصهيونية فكل يقودها بوسائله. مثلًا أنا خضتها بكتبي التي تطرقت في آخرها، "مناهضة الصهيونية = معاداة السامية"، إلى الرد على ماكرون وضحد مساواته بين الاثنتين، وأقمت كذلك عشرات الندوات والمحاضرات لتوضيح هذه القضية.

مسؤولية الاتحاد الأوروبي يجب أن تركز أكثر على حماية الشرعية الدولية، وأقل على إقحام نفسها في حسم الصراع الفلسطيني الإسرائيلي

كان مثال "قانون مناهضة الصهيونية" مثالًا، وهناك لسوء الحظ أمثلة سيئة كذلك. لكن على العموم، عندما يحاول أي شخص المساس بالحريات العامة في فرنسا، حتى وإن كانت السفيرة الإسرائيلية في باريس ذات نفسها، لن تستطيع تمرير آرائها على الفرنسيين. وكلنا يذكر سعيها لمنع إذاعة تحقيق مصور عن دموية القناصة الإسرائيليين في قطاع غزة على قناة فرنسية، لكن في النهاية أذيع رغمًا عن أنفها، بل بالعكس مكنته محاولة المنع الفاشلة هذه من نسب كبيرة من المشاهدة.