11-نوفمبر-2020

عالم الاجتماع الأمريكي ألكس فيتالي (تويتر)

بعدَ حوادث القتل المتتالية التي استهدفت مواطنين سود برصاص الشرطة الأمريكية، واندلاع حركات احتجاجات كبيرة منددة بهذا الواقع العنصري المجحف، يمكننا تصنيف العنف البوليسي كأحد أهمّ المشاكل التي قضّت مضجع النصف الأخير من ولاية ترامب، وأحد العوامل الكبيرة التي جعلت الأمريكيين يميلون إلى غريمه جو بايدن أثناء الإدلاء بأصواتهم، فهل سيغيرُ بايدن هذا الواقع؟

عن أصول العنف البوليسي في أمريكا ونزعته العنصرية يحاور "ألترا صوت" ألكس فيتالي، أستاذ علم الاجتماع بجامعة بروكلين، والباحث المتخصص في سوسيولوجيا العنف البوليسي

من أجل الإجابة على هذا السؤال، وعن أصول العنف البوليسي في أمريكا ونزعته العنصرية يحاور "ألترا صوت" ألكس فيتالي، أستاذ علم الاجتماع بجامعة بروكلين، والباحث المتخصص في سوسيولوجيا العنف البوليسي والمقاربة الأمنية.

اقرأ/ي أيضًا: حوار| غرادا كيلومبا: الأبيض ليس لونًا

  • أنت معروف من خلال اشتغالك السوسيولوجي حول موضوعات الشرطة والعنف البوليسي. في نظرك أين يكمن تورط ترامب في هذا العنف؟

ترامب كان واضحًا في ذلك منذ البداية، لم تكن لديه أدنى نية في تقييد وتقنين الممارسات البوليسية، العكس من ذلك، لقد ربطته علاقات وطيدة مع العناصر والقناعات اليمينية المحافظة الأكثر تصلبًا داخل منظومة الشرطة الأمريكية، بل، وكما تعلم، سبق له في أكثر من مرة أن امتدح وشجّع هذا السلوك البوليسي.

  • بالمقابل، كيف قدم هذا دعمًا لأيديولوجية ترامب؟

ما يجب علينا أن نفهمه جيدًا، هو أن ترامب كان رئيسًا سلطويًا، أي أنه سعى إلى سحب القدر الأكبر من السلطة من الشعب على أمل أن يقدم لهم "الحل السحري" لكل مشاكلهم. بهذا الكيف كان كل تحرك لتقليص هذه السلطة التي تركز في يديه، يقابل على أنه هجوم ضدّ آمال الشعب الذي يرى في ترامب خلاصه. على ذات الأساس تنبني السلطة البوليسية، وبنفس الكيفية، أي تلك الفكرة القائلة بأنه؛ علينا فقط أن نمنح الشرطة سلطة أكبر وسيجعلون حياتنا أفضل. وبذات الكيف، يتم تمثيل أي تحدّي للمقاربة البوليسية بأنه تحدٍّ للتحضر ودعوة للهمجية. بالضبط الأمور تسري بهذا الشكل  في أدمغة مناصري ترامب.

  • بالحديث عن مناصري ترامب، ما جدية خطر اندلاع أعمال عنف قد يقودونها عقب نتائج الانتخابات؟

حقيقة، لا أرجح وقوع أي من أعمال العنف، ستكون النتائج النهائية إلى صالح بايدن بشكل تام. لكن لا أظن أن أعمال عنف عامة ستحدث. ربما قد تندلع أعمال شغب أو مواجهات، في ولاية أو ولايتين، لكن احتمال وقوع أعمال عنف ممنهجة في نظري ضعيف جدًا.

  • عودة إلى العنف البوليسي، في نظرك هل سيبقى الحال على ما هو عليه تحت إدارة بايدن؟

لست متفائلًا جدًا، ولا أعتقد أن إدارة بايدن قادرة على فعل الكثير في هذا الشأن. كل ما لديها، وما أشارت إليه، هو رغبة في تطبيق إجراءات إصلاحية سطحية، لكن معضلة المقاربة البوليسية أعمق من أن تحل برغبة أو إجراءات سطحية. فهي متجذرة في سياسة تحويل أي مشكل اجتماعي إلى يد الشرطة من أجل إدارته، بالمقابل ليس لدى هذه الشرطة من تعامل سوى العنف. إذن في نظري الحل للعنف البوليسي يكمن في إنهاء الحرب على المخدرات، طرد الشرطة خارج مدارسنا، وقف استعمال الشرطة للتعامل مع حالات أصحاب الأمراض العقلية والمشردين. وكل هذا لم تبد إدارة بايدن أي اهتمام بتنفيذه.

  • من أهم ضحايا هذا العنف البوليسي هم الأقليات العرقية في أمريكا. هل يمكننا الحديث عن عنصرية بوليسية؟ أين تكمن جذورها؟

في الحقيقة الشرطة لا تستهدف فقط الأقليات. ونعم، عندنا في الولايات المتحدة نوع من اللا تكافؤ الاجتماعي العرقي، وبطبيعة الحال نسبة أكبر من الأمريكيين السود يقتلون بيد الشرطة. لكن من المهم أن لا نلخص العنف البوليسي فقط في القتل. بل في ملايين التدخلات البوليسية في حق الشعب، والتي كما نعلم، متجذّرة في لا عدالة تحويل أي شيء إلى اختصاص بوليسي، وفي اللاعدالة العرقية التي تطبع مجتمعنا، وهذا ما يجعل وقع المقاربة الأمنية أثقلَ على الأقليات. هذا لا يتطلّب بالضرورة أن عناصرَ الشرطة عنصريّة، بقدر ما هو أمر مبني في المنظومة السياسية الأمريكية.

ألكس فيتالي: لا أعتقد أن إدارة بايدن قادرة على حل مشكلة العنف البوليسي: كل ما لديها هو رغبة في تطبيق إجراءات إصلاحية سطحية، لكن معضلة المقاربة البوليسية أعمق

  • ما الدور الذي تلعبه الرأسمالية الأمريكية داخلَ هذه المعضلة؟

بطبيعة الحال، تعود جذور الرأسمالية الأمريكية الحالية إلى العنصرية، نظام الرق، قانون جيم كرو، إبادة السكان الأصليين.. وفي الوقت الراهن، لدينا هذا النوع من سياسات التقشف النيوليبرالية، حيث تحرم فئات واسعة من الشعب من الخدمات الاجتماعية الضرورية، وحيث يؤخذُ من أموال دافعي الضرائب لكي يعفى الأغنياء من دفعها. إذن، عندما يترك الناس دون عمل، دون تعليم لائق ولا خدمات صحية، يتم تجريمُ ردود فعلهم على هذا الواقع المجحف. هكذا يخلق هذا النظام نوعًا من اللامساواة العرقية، بحرمان الفقراء والساكنة الملوّنة من الخدمات، وعندما يقع هؤلاء في أزمة يجرّمون سلوكياتهم، ويدفعون بالمقاربة الأمنية في وجههم.