21-يوليو-2020

هل يهيئ ابن سلمان لاستلامه العرش؟ (CNN)

ألترا صوت – فريق التحرير

بدأت السلطات السعودية حملةً جديدة تستهدف ولي العهد السعودي السابق محمد بن نايف المعتقل منذ آذار/مارس الماضي، في محاولة على ما يبدو أنها الأخيرة بشأن تهيئة الرأي العام السعودي لبدء إجراءات محاكمته بتهم فساد منسوبة إليه، وذلك بالتزامن مع دخول الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز إلى المستشفى، ما يمكن اعتباره أنه يأتي في سياق الترتيبات ما قبل الأخيرة لاستلام ولي العهد السعودي محمد بن سلمان الحكم رسميًا في المملكة.

بدأت السلطات السعودية حملةً جديدة تستهدف ولي العهد السعودي السابق محمد بن نايف المعتقل منذ آذار/مارس الماضي، في محاولة على ما يبدو أنها الأخيرة بشأن تهيئة الرأي العام السعودي لبدء إجراءات محاكمته

وسجل خلال الأيام الماضية نشاط مكثف للذباب الإلكتروني السعودي عبر منصة تويتر للتواصل الاجتماعي، مستخدمين في آلاف التغريدات وسمي "الهارب سعد الجبري" و"فساد سعد الجبري"، في إشارة لمسؤول الاستخبارات السابق سعد الجبري، والذي لعب دورًا حيويًا في عديد الملفات الخاصة ببرنامج مكافحة الإرهاب في الفترة التي كان فيها ابن نايف وزيرًا للداخلية ووليًا للعهد، قبل أن يسافر إلى كندا للإقامة فيها في أعقاب تعيين ابن سلمان وليًا للعهد في عام 2017.

اقرأ/ي أيضًا: صعود وسقوط تراجيدي.. "صراع العروش" السعودي يطيح بمحمد بن نايف

وقال حساب الردع السعودي المؤيد لابن سلمان إنه بينما تحاول أجهزة الاستخبارات الغربية تقديم الجبري على أنه "معارض سياسي"، أظهرت "الأدلة والبراهين"، تورطه"في قضايا فساد تصل إلى 70 مليار ريال سعودي"، ما يعادل 11 مليار دولار أمريكي، وأشار الحساب في تغريدة أخرى إلى أن ابن نايف "سمح لشبكة الفساد التي يديرها الجبري للعمل بالطرق المشبوهة". لافتًا إلى أن "العقود المليارية (من) التعاقدات مع الشركات، وتبديد موارد (وزارة) الداخلية على شركات الجبري" كانت من بين الأسباب التي أدت لإعفاء ابن نايف من منصبه.

وعين ابن سلمان في منصب ولي ولي العهد السعودي في عام 2015، وفي حزيران/يونيو من عام 2017 قاد انقلابًا أبيض داخل القصر الملكي أطاح بابن نايف من منصبه، وتسلّم عوضًا عنه منصب ولي العهد رسميًا، وقال حساب الردع في معرض التغريدات التي هاجمت ابن نايف والمسؤولين في إدارته إن ولي العهد السابق "لم يتنازل (عن ولاية العهد) بل تم إعفاؤه بعد اجتماع هيئة البيعة، والذي شهد تأييد 31 من أصل  34 لإعفائه"، لافتًا إلى أن الأعضاء الثلاثة "لم يكونوا رافضين بل متحفظين".

فيالسياق، يشير تقرير لصحيفة واشنطن بوست الأمريكية إلى أن المعركة الدائرة في الوقت الراهن بين أفراد الأسرة الحاكمة في السعودية "أعمق من أنها" تأتي في سياق التخلص من ابن نايف، كون جذورها تعود إلى الخلاف الذي نشب بين أنصار الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز الذي توفي مطلع العام 2015، وكان يقدم الحماية لابن نايف حينها، وبين حاشية خليفته سلمان بن عبد العزيز مع نجله المتهور محمد بن سلمان، بعد وفاة الملك عبد الله مباشرة.

كما نقلت وكالة رويترز عن مصدرين سعوديين قولهما إن الحملة الافتراضية عبر مؤيدي الحكومة السعودية تهدف للتأثير على الرأي العام قبل الإعلان المرتقب عن اتهامات الفساد الموجهة لابن نايف، وأضاف أحد المصادر بأن العمل على إعداد الوثائق التي تدين ابن نايف بدأ منذ آذار/مارس الماضي، ولفت المصدر الثاني إلى أن الحملة تحظى بدعم الحكومة السعودية، من خلال تغريد مجموعة من الشخصيات البارزة المقربة من ابن سلمان حول القضية.

وكانت وكالة الأنباء السعودية قد أعلنت في وقت سابق من يوم الاثنين الماضي دخول الملك سلمان إلى مستشفى الملك فيصل التخصصي بالرياض لإجراء بعض الفحوص جراء وجود التهاب في المرارة، دون أن تضيف أية تفاصيل أخرى حول حالته الصحية، وعلى الرغم من أن الملك سلمان يحكم السعودية رسميًا منذ عام 2015، فإن تقارير عديدة أشارت إلى أن نجله ابن سلمان يعتبر الحاكم الفعلي للبلاد.

وفيما يروج الإعلام الموالي لـ"الإصلاحات" الاجتماعية التي بدأها ابن سلمان منذ توليه السلطة على أنها إيجابية، فإن عشرات التقارير المنفصلة أظهرت انحدار الحريات الإعلامية لأدنى مستوى لها، فضلًا عن قمع جميع الأصوات المعارضة لسياسته الخارجية قبل الداخلية، والتي كان من بينها حادثة تقطيع جثة الصحفي جمال خاشقجي داخل القنصلية السعودية في إسطنبول، مما شكل صعوبة في قياس حجم التأييد لابن سلمان داخليًا.

وفيما أصدر ابن سلمان مجموعة من القرارات التي أنهت بموجبها بعض القيود المفروضة على المرأة داخل المملكة خلال الأعوام الماضية، فإن تقارير حقوقية أشارت لتوثيقها ملاحقة السلطات السعودية لـ24 ناشطة منذ نيسان/أبريل من عام 2016، وهي الفترة المصاحبة لصعود ابن سلمان لهرم السلطة، ومؤكدةً في الوقت عينه على أن الانتهاكات التي تتعرض لها المرأة السعودية لا تزال تمس أبسط حقوقها.

بينما ينظر إلى التحركات الأخيرة التي بدأها ابن سلمان ضد سلفه ابن نايف على أنها الأحدث ضمن مجموعة من الإجراءات التي تهدف لترسيخ قوة ابن سلمان داخل أسرة آل سعود الحاكمة للبلاد، ويُراد منها التخلص من أي تهديدات محتملة لسلطته قبل أن ينتهي به المطاف بخلافة الملك عند وفاته أو تنازله عن العرش، وأوضح أحد المصادر السعودية أن ابن سلمان يعمل على تسريع وتيرة الحملة ضد ابن نايف والجبري قبل موعد انتخابات الرئاسة الأمريكية في الثالث من تشرين الثاني/نوفمبر القادم.

وكانت قوة ابن سلمان قد ازدادت داخليًا منذ استلام الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مهامه في البيت الأبيض في كانون الثاني/يناير 2017، غير أن ابن سلمان يخشى من خسارة حليفه ترامب في انتخابات الرئاسة الأمريكية القادمة، بالنظر لاستطلاعات الرأي الأمريكية التي تظهر تقدم المرشح الديمقراطي جو بايدن بفارق 15 بالمائة من النقاط على ترامب.

وقال تقرير سابق لصحيفة واشنطن بوست الأمريكية إن لجنة مكافحة الفساد التي أنشأها ابن سلمان في تشرين الثاني/نوفمبر 2017، على وشك الانتهاء من تحقيق مفصل يزعم أن ابن نايف اختلس قرابة 15 مليار دولار أمريكي، عبر شبكة من الشركات والحسابات خاصة عندما كان يدير حملة مكافحة الإرهاب في وزارة الداخلية، في وقت ينقل عن مصادر مقربة من ابن نايف تشكيكهم بالكيفية التي وصلت بها السلطات السعودية لهذا الرقم.

 لجنة مكافحة الفساد التي أنشأها ابن سلمان في تشرين الثاني/نوفمبر 2017، على وشك الانتهاء من تحقيق مفصل يزعم أن ابن نايف اختلس قرابة 15 مليار دولار أمريكي

واعتقل ابن نايف مع مجموعة لا تقل عن 20 أميرًا في آذار/مارس الماضي، بمن فيهم الأمير أحمد بن عبد العزيز آخر أشقاء العاهل سلمان ممن لا يزالون على قيد الحياة، ونقل عن مسؤول في الديوان الملكي قوله حينها إن الأميرين كانا يخططان لتنفيذ انقلاب ضد ابن سلمان، وستتم محاكمتهما بتهمة الخيانة، وهذه الحملة واحدة من بين مجموعة من الحملات نفذها ابن سلمان لاستهداف المعارضين لسياسته، بدأت عبر الحملة التي نفذت بحق رجال الأعمال والأمراء، المعروفة بمعتقلي "فندق ريتز كارليتون" في عام 2017، قبل أن يفرج عن معظمهم بعد أسابيع مقابل منحهم جزءًا من ثروتهم لابن سلمان.